في مقال نشر مؤخرا في “كراسات الدراسات والبحوث الفرنكفونية / الفلاحة – جويلية 2007 والذي حمل عنوانا ذا دلائل عميقة وباعثة على القلق، “عشرة تحديات للفلاحة المتوسطية” ، طرح برتران ايرفيو، الامين العام للمركز الدولي للدراسات الفلاحية المتوسطية العليا التحديات …
في مقال نشر مؤخرا في “كراسات الدراسات والبحوث الفرنكفونية / الفلاحة – جويلية 2007 والذي حمل عنوانا ذا دلائل عميقة وباعثة على القلق، “عشرة تحديات للفلاحة المتوسطية” ، طرح برتران ايرفيو، الامين العام للمركز الدولي للدراسات الفلاحية المتوسطية العليا التحديات العشرة التي يواجهها القطاع الفلاحي في حوض المتوسط ، والتي إذا لم يتم اخذها بعين الاعتبار، ستجعل المنطقة تدفع باهضا ثمن العولمة…ويبعث هذا القول على عدم الارتياح وقشعريرة الخوف.. ويفترض المؤلف “ان اوروبا ترغب في ان يكون لها وزن على الساحة الدولية” وليس بامكانها تجاهل حوض المتوسط”. مفسرا ذلك “بان الارتباط مع المتوسط اصبح امرا بديهيا تماما كحتمية الشراكة المميزة ” . وسيكون بامكان اوروبا عن طريق ارساء تعاون نموذجي مع الدول المتوسطية الاخرى الاضطلاع بدور في التنمية المستدامة حيث تكون العوامل الانسانية والاجتماعية والبيئية عوامل حاسمة تماما كالمكونات الاقتصادية والسياسية .. ” ومن هذا المنطلق فان، فان تعدد ابعاد المسالة الفلاحية والريفية في المتوسط تناضل من اجل اطلاق شرارة تعبئة اورومتوسطية حول هذا الموضوع “. خاصة وان ” الفلاحة تحتل موقعا الصميم في الهوية المتوسطية وتبدو كعنصر اساسي محدد لاقتصاديات ومجتمعات المنطقة… “. وانطلاقا من هذه الملاحظة المبدئية يشخص برتران ايرفيو عشرة رهانات كبرى لرسم الملامح الكبرى للفلاحة المتوسطية: – اطار اجتماعي ديمغرافي حاسم – تواجه اورومتوسطي مغلوط او وهمي – فجوة ترابية جنوب/ جنوب في طور الاحتداد – ضغط متزايد على الموارد المائية – بروز سريع لفضاءات التوزيع الكبرى ويشير د.برتران ايرفيو ” في هذا الاطار الاجتماعي والديمغرافي المحدد..” الى انه بين الفترة الممتدة من سنة 1970 الى 2020 سيتضاعف عدد سكان المتوسط مرتين ليتحول من 285 مليون ساكن الى 525 مليون ساكن لكن مع نمو ديمغرافي متباين ، باعبتار “ان شمال المتوسط يعيش على وقع استقرار السكان به منذ عدة عقود، وعلى العكس تعرف ضفته الجنوبية انفجارا ديمغرافيا مذهلا” . كما يلاحظ انه خلال ” سنة 2005، مازال ثلث سكان المتوسط يقطنون في الوسط الريفي وثلث الناشطين في بلد ن الضفة الجنوبية يعملون في القطاع الفلاحي. وقد تضخم عدد هؤلاء السكان بصفة طبيعية في الضفة الجنوبية مع الانفجار السكاني، في حين تسارع نسق تقلص السكان الريفيين في الشمال تماما كما هو الشان بالنسبة للناشطين في الفلاحة…”. ومما لا شك فيه بالنسبة للامين العام للمركز الدولي للدراسات الفلاحية المتوسطية العليا ان “هذه الوضعية الفلاحية التجارية تبعث على الانشغال” ومن ثمة يتعين ايلاء ” لمسالة تدهور الموازين الفلاحية والتجارية للبلدان الشريكة العربية المتوسطية اهتماما خاصا ” ؟ كما هو الحال بالنسبة للبعض منها مثل الجزائر ومصر. ووفق راي المؤلف فان بلدان الشراكة المتوسطية قد راكمت “رصيدا سلبيا يناهز 9 ملايين دولار سنة 2004 بالنسبة للعلاقات في مجالي الفلاحة والتجارة…مع مجمع العالم. وحدها، تركيا تسجل ميزانا ايجابي، ا مع العلم انها تساهم بنسبة 48 بالمائة من الصادرات الفلاحية من بلدان الشراكة المتوسطية نحو العالم . ولا يتوقف برتران ايرفيو في هذا المستوى بل إنّه يستنكر ” التواجه الاورومتوسطي الوهمي” معتبرا ان “المسالة الفلاحية التي تم التغاضي عن الحديث عنها في الحوار الاورومتوسطي ابان انطلاق مسار برشلونة سنة 1995، قد بدات تحتل شيئا فشيئا حيزا في رزنامة التعاون الجهوي بفضل المبادرات التي اتخذت خلال الاشهر الاخيرة من قبل المفوضية وبعض بلدان الشراكة المتوسطية، وهذا لا يمنع كما ذكر المؤلف ضرورة التحلي باليقظة، بالنظر الى ان المفاوضات تتقدم باتجاه تحرير المبادلات مع بعض الدول مثل الاردن و”اسرائيل” ولكن ايضا مع مصر والمغرب، بيد انه من الضروري “توضيح مقتضيات الحوار الفلاحي المتوسطي من خلال ثلاثة محاور رئيسية ” وهي : – أوّلا عدم توازن العلاقات التجارية : الاتحاد الاوروبي ( 25 عضوا) يقيم علاقات تجارية مع عشرة بلدان من الشراكة المتوسطية بنسبة تصل فقط الى 2 بالمائة من وارداته وصادراته الفلاحية، غير أنّه يستقطب 52 بالمائة من الصادرات الفلاحية لهذه البلدان ويغطي 28 بالمئة من وارداتها. ونسجل هنا فارقا واضحا بين شمالي وجنوبي حوض المتوسط في ما يهم كثافة التعامل الفلاحي والتجاري كما يبين ذلك برتران ايرفيو. – ثمّ التوازن المزيف للمبادلات الاوروبية المتوسطية: هذه المبادلات تتم لفائدة بلدان الشراكة المتوسطية (6ر0 مليار دولار سنة 2004) فقط لان تركيا تساهم لوحدها بنسبة تقارب النصف في الصادرات الفلاحية لبلدان الشراكة المتوسطية نحو دول الاتحاد الاروبي 25. وتابع قائلا، كنتيجة لذلك بدون القوة الفلاحية لتركيا فان الميزان التجاري الفلاحي لدول الشراكة المتوسطية يسجل عجزا مع اوروبا (5ر1 مليار دولار سنة 2004). – واخيرا ” انفتاح دول الشراكة المتوسطية على السوق العالمية: رغم تفضيلها التعامل تجاريا مع دول اللاتحاد الاوروبي ذو 25 عضوا، فقد تزودت هذه البلدان سنة 2004 وبنسبة تصل الى 72 بالمائة من بقية دول العالم. اذن فإنّ اوروبا ليست القوّة الوحيدة المصدرة في اتجاه جنوب المتوسط : ذلك ان الولايات المتحدة الامريكية والارجنتين والبرازيل واستراليا كلهم فاعلون تجاريون مهمون، كما تبين صادرات الحبوب لهذه البلدان نحو بلدان جنوب المتوسط. وتبرهن مبادرة المغرب الى توقيع اتفاق تبادل حر سنة 2004 مع واشنطن، ان بعض بلدان الشراكة المتوسطية تبجث اليوم عن ربط تحالفات سياسية تجارية خارج المحيط المتوسطي. ويشير المؤلف هنا باصابع الاتهام الى ما اسماه ” التطور الريفي السيّئ الذي تم تسجيله”. ويدعو برتران ايرفيو في ما يهم هذه النقطة بالذات الشركاء في الضفة الشمالية للمتوسط الى تقديم يد المساعدة لتنمية المناطق الريفية بجنوب المتوسط، لا سيما وان هذا يشكل في نظره “رهانا كبيرا في الاشكالية الجهوية. هذا الامر الحتمي يبقى مرتكزا اساسا على مقاومة الفقر باعتباره الظاهرة التي ما تزال تعاني منها الارياف …” . وفي تحليله، يلاحظ ان “البنى التحتية الاجتماعية للجماعات منعدمة او انها في حالة تدهور (النفاذ الى الماء والخدمات الصحية والتعليم)، دون اغفال عدم المساواة بين الجنسين الذي يظلّ قويا في الوسط الرّيفي ..وفي الواقع في بلدان جنوب المتوسط تتعارض حقيقتان باستمرار، اذ نجد من جهة فلاحة ضيعات مندمجة بعد في العولمة ومراقبة من قبل رؤوس اموال اجنبية ومن جهة اخرى، فلاحة عائلية غير مهيكلة، يمكن التخوف من اندثارها اذا لم تتخذ أّيّة تدابير في المستقبل القريب. |