هن عينة من نساء تونسيات، ناضلن، وغيرهن كثيرات في بلادنا، في سبيل العيش الكريم وتحقيق الذات في تحد واضح لمصاعب الحياة الكثيرة ، إيمانهن بقدرتهن على الفعل وعلى تغيير واقعهن نحو الافضل دفعهن إلى العمل والتضحية، وكان النجاح حليفهن.
“صالحة” و”زينة” و”آمال” التقتهن مندوبة (وات)، اليوم السبت، في قصر قرطاج، على هامش تكريمهن وتوسيمهن بوسام الجمهورية، من قبل رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، مع ثلة من الكفاءات التونسية الاخرى، بمناسبة العيد الوطني للمرأة التونسية.
*صالحة البوري عاشور: ربان مركب صيد “رايس”:
بصوت لا زال يحافظ على قوة امرأة عملت في البحر وخبرت أغواره وتقلباته ومصاعبه قبل صفائه، تحدثت إلى (وات) عن سنوات عمرها ال83 وعن تجربتها مع البحر منذ 1979 إلى 2005 وعملها في مجال الصيد البحري في جزيرة قرقنة.
عزت محدثتنا اختيارها للعمل ك”رايس” في ذلك الوقت إلى ظروف الحياة القاسية، خصوصا بعد مرض زوجها ووفاته، كانت أمام ضرورة إنقاذ حياة 7 أبناء وضمان مستقبل مشرق لهم، وهو ما تحقق لها باحتلال أغلبهم وظائف ومناصب مرموقة في الدولة، كما أخبرتنا بنبرة فيها الكثير من الاعتزاز.
أوضحت، في سيباق حديثها لنا أن لا أحد من عائلتها امتهن الصيد البحري قبلها ولا أحد منهم أيضا ساعدها أثناء سنوات عملها عدا من اشتغلت معهم من “البحرية”.
وقالت إن “جرأتها على قيادة مركب صيد في وقت كانت فيه تلك المهنة حكرا على الرجال تسببت لها في مواقف صعبة ومحرجة للغاية لم تفل في عزيمتها يوما بل زادتها إصرارا وتمسكا بعملها، مدافعة بشراسة عن وجودها في البحر وعن حقها في العمل لمجابهة ضرورات الحياة”.
تحدثت “صالحة ذات الأصول الفرنسية والحاصلة على الجنسية التونسية، عن حبها لتونس ورفضها المطلق لمغادرتها رغم الإغراءات ثم الضغوطات والإكراهات والظروف القاسية التي مرت بها هي وعائلتها “.
*زينة الكعبي: “راعية أغنام بشهادة الأستاذية في الرياضيات”،
لا تعرف زينة الكثير عما تداولته مواقع التواصل الإجتماعي حول حكاية راعية الأغنام الحاصلة على الأستاذية في الرياضيات منذ 2006، زينة الكعبي التي حصلت اليوم على الصنف الرابع من وسام الجمهورية، أصيلة معتمدية الزريبة من ولاية زغوان، تحدثت ب “اعتزاز كبير عن مهنتها وعملها في رعي الأغنام”، قائلة: “لست دخيلة على هذه المهنة التي ترعرعت في أجوائها وعشقتها….”.
زينة لا ترى أنها “بقيت عاطلة عن العمل، ولو ليوم يوم واحد، باعتبار أنها ظلت تمارس رعي الأغنام بالتوازي مع دراستها، ولم تعش البطالة على غرار كافة أبناء الريف الذين يساعدون العائلة في أعمالهم الفلاحية”.
وعن الوظيفة وإن كانت لا تزال تنتظر العمل في اختصاصها كأستاذة رياضيات، قالت زينه أنها “تشارك في المناظرات استجابة لرغبة والدها الذي لا يزال يصر على التحاقها بالعمل في اختصاصها “، مؤكدة أنها “لن تتخلى عن رعي الأغنام حتى في حال الحصول على وظيفة”.
*آمال رابحي: مدرسة ابتدائي في مدرسة نائية حاصلة على الدكتوراه:
هي أصيلة ولاية القصرين، ناشطة حقوقية وحاصلة على الدكتوراه في العلوم البيولوجية النباتية منذ سنة 2012، لم يسعفها الحظ في مناظرات الالتحاق بالجامعة التونسية، تمارس مهنة التدريس في المدارس الابتدائية النائية في ولاية القصرين منذ 4 سنوات.
قالت “آمال” إن “الاحساس بالظلم بعد حرمانها من موقع كانت جديرة به” بحسب اعتقادها، دفعها إلى الالتحاق بمهنة التدريس رغم المسار الدراسي الطويل والمضني الذي قطعته وتوجته بالحصول على شهادة الدكتوراه”.
آمال اختارت التدريس في مستوى الابتدائي، رغم أنه مهنة شاقة، لانها تحب الأطفال، كما قالت لنا، كما ترغب في تقديم المساعدة والعون لهؤلاء الاطفال في سنواتهم الاولى على مقاعد الدراسة.
أمال، ورغم كل المتاعب والخيبات، لم تفقد الامل. حلم الحصول على العمل الذي يلبي طموحاتها، والذي يتواءم مع شهائدها العلمية لا يزال يراودها، وقد أسرت لنا بأنها على يقين من أنها ستصل يوما إلى تحقيق تطلعاتها.