تباينت ردود الأفعال بشأن مضمون مسوّدة الدستور التونسي الذي أنهى المجلس الوطني التأسيسي النسخة الثالثة منه، بين أطراف تعتبر أنّ مشروع الدستور لا يرتقي إلى آمال التونسيين وأطراف أخرى ترى أنّه يستجيب للمطالب التي قامت من أجلها ثورة 14 يناير
تباين ردود الأفعال حول مشروع الدستور التونسي |
تباينت ردود الأفعال بشأن مضمون مسوّدة الدستور التونسي الذي أنهى المجلس الوطني التأسيسي النسخة الثالثة منه، بين أطراف تعتبر أنّ مشروع الدستور لا يرتقي إلى آمال التونسيين وأطراف أخرى ترى أنّه يستجيب للمطالب التي قامت من أجلها ثورة 14 يناير.
وفي ظلّ الانقسامات حول مشروع الدستور لا يستبعد مراقبون أن تتجه تونس إلى تنظيم استفتاء شعبي، إذا لم ينجح نواب المجلس التأسيسي في المصادقة على مشروع الدستور بأغلبية الثلثين من أعضائه الـ217.
أبرز الخلافات هو النظام الذي تسعى المعارضة لتعديله ليكون مزدوجا، بعدما رأت في مشروع الدستور أنه تبنى نظاما برلمانيا لا يسمح بتوازن الصلاحيات بين رأسي السلطة التنفيذية أي رئيس الدولة ورئيس الحكومة.
إلا أنّ مقرر الدستور الحبيب خضر أكد أنّ النظام الذي تم اعتماده يمنح صلاحيات كثيرة لرئيس الدولة الذي سيكون منتخبا من الشعب وسينفرد بصلاحيات كبيرة منها حلّ مجلس الشعب (البرلمان) إذا فشل في تشكيل الحكومة وإعلان حالة الطوارئ والحرب والسلم والقيام بالتعيينات العسكرية.
ويرى القيادي بحركة النهضة أنه بإمكان تجاوز هذه الخلافات بالحوار، مؤكدا أنّ الأهم من تقاسم الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة هو "تبني نظام متوازن قادر على أن يعمل بنجاعة ولا يخلق أزمات".
وليس النظام السياسي هو مصدر الخلافات الوحيد إذ يقول رافع بن عاشور خبير بالقانون الدستوري إنّ مشروع الدستور تضمّن "ألغاما" بتوطئة الدستور وبنوده تمسّ من مدنية الدولة والأمن والحريات وهو ما اعتبره تراجعا على مضمون دستور 1959، الذي وقع تعليق العمل به بعد الثورة.
كما يقول عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان إنّ مشروع الدستور تضمن عديد القيود التي تمسّ بجوهر حقوق الإنسان والحريات، مؤكدا إنّه يطلق يدّ المشرّع المقبل لتطويع القوانين "كيفما يشاء" وهو ما من شأنه أن يهدّد الحريات، حسب قوله.
ورغم أنّ مشروع الدستور أقرّ جملة من الحقوق النقابية، إلا أنّ بوعلي المباركي الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل يقول إنّ مسودة الدستور جاءت "مليئة" بالمفاهيم الفضفاضة التي تقيّد حق إضراب الشغالين.
لكن فريدة العبيدي رئيسة لجنة الحقوق والحريات تقول إنّ مشروع الدستور اعترف لأول مرّة في التاريخ التونسي بحق الإضراب، معتبرة أنّه مكسب وقع تنظيمه ليضمن عدم تعطيل المصالح العامّة.
وأكدت القيادية بحركة النهضة أنّ المسوّدة احتوت على مادة غزيرة وجملة من الضمانات والحقوق والحريات التي تلبي أهداف الثورة وطموحات الشعب التونسي، مشيرة إلى أنّ مشروع الدستور نص على إقرار محكمة دستورية ستطعن في كل القوانين التي تنتهك الحقوق الدستورية.
من جهته، أكد العربي عبيد النائب الثاني لرئيس المجلس التأسيسي أنّ مسوّدة الدستور تضمّنت الكثير من الحقوق المدنية والسياسية والبيئية وغيرها استنادا إلى التجارب المقارنة والمعايير الدولية، وفق قوله.
وأشار إلى وجود جملة من المبادئ الأساسية التي تضمن الحقوق والحريات وتكرّس استقلال القضاء والفصل بين السلطات وتضمن حيادية الجيش والأمن ودور العبادة، وتدعم اللامركزية "لإعطاء دور حيوي للجهات".
يطكر أنّ مشروع الدستور كان من المفروض أن يكتمل يوم 27 أفريل الماضي، غير أنّ المجلس مدّد في الأجل بأسبوع حتى تنهي لجنة من الخبراء في القانون الدستوري ومختصين باللغة العربية أعمالها لتحسين صياغة مشروع الدستور.
وبحسب رزنامة أعدها المجلس التأسيسي يتوقع أن يناقش التقرير العام للدستور يومي 13 و14 ماي الحالي على أن يتمّ مناقشة الدستور فصلا فصلا من 15 ماي إلى 5 جويلية المقبل، ثمّ تقع مناقشة القراءة الأولى للدستور يوم 08 من جويلية المقبل. |
خميس بن بريك |