احتضن فضاء المركز الوطني لفن العرائس بالعاصمة، مساء الثلاثاء، العرض الاول لمسرحية “سرقة حلال”، نص زهير الرايس الذي يجسدها أيضا على الركح بمعية الممثلة منيرة الزكراوي وهو عمل من إخراج محمد الكشو.
“سرقة حلال” مسرحية هزلية من نوع الكوميديا السوداء، تدور أحداثها داخل مخزن مهجور يجمع زوجين هما “علولو” (زهير الرايس) و”محرزية” (منيرة الزكراوي) تعرضا لسرقة جميع ممتلكاهما من قبل اشخاص يملكون السلطة وأصحاب نفوذ، فأصبحا فقيرين وقررا استرجاع جميع ما تم سلبه منهما من ثروة باعتماد الحيلة والعمل بالمثل القائل “الغاية تبرر الوسيلة”.
يقرر الزوجان استهداف الطبقة الغنية بالأساس في كل عملية سطو يقومان بها والتصدق بكل ما يغنمانه من مال ومجوهرات وملابس على الفقراء والمساكين، معتبرين أنها سرقة مشروعة وتجوز في سبيل تقديم يد العون والمساعدة لهذه الفئة تحديدا. تتكرر عمليات السرقة في إطار مشاهد هزلية نقدية طغت عليها عناصر الالقاء الجسدي، واللعب بالألفاظ والكلمات لإبلاغ رسائل مشفرة، أبدع في تقديمها الممثلان.
يقرر “علولو” و”محرزية” الهروب من تونس بعد أن جمعا ثروة لايستهان بها لاستثمارها في مشروع خارج حدود الوطن ليعيشا في سلم وأمان، إلا أن القدر يشاء عكس ما خططا له، ويخذلهما الحظ، حيث ينتهي بهما المطاف في نهاية الأمر وراء القضبان، لكن سجنهما لم يحل دون تهكمهما ومواصلة مزج الهزل بالجد مع توجيه رسائل “مضمونة الوصول”.
زهير الرايس كاتب هذا العمل المسرحي، وأحد أساتذة محمد الكشو، اعتبر في تصريح (لوات)، انه تم اختيار عنوان “سرقة حلال” نظرا للتناقض الذي عاشه الزوجان، ولشعورهما بالاضطهاد حينما تعرضا لعملية السرقة من جهة و قرارهما الاخذ بالثأر عبر “تحليل” ما وقعت سرقته (أي جعله حلالا) وتوزيعه على الفقراء والمساكين في شكل انتقام من جهة أخرى.
وبين الرايس، أن ميزة دوره في هذا العمل التأرجح بين ثلاث شخصيات في شخصية البطل “علولو”، حيث يؤدي منذ البداية دور الرجل المسن الذي يحاول استرجاع شبابه اثر حصوله على المال فيقوم ببعض التعديلات على مظهره الخارجي ويتحول إلى “شيخ متصاب”، مرورا إلى آدائه الى دور”المتخنث”… عند مغادرته أرض الوطن… وقد نجح الرايس في آداء هذه الشخصية المركبة والانتقال بين شخوصها الثلاث المختلفة عن بعضها البعض باداء حرفي غلب عليه طابع الفكاهة.
من جانبه، افاد مخرج المسرحية محمد الكشو، ان هذه المسرحية تاتي تباعا لعمل “زمان الفلاقة” نص زهير الرايس واخراجه، وهي مدعومة من قبل وزارة الشؤون الثقافية وقد أنتجتها شركة “مختار” لروضة المنصوري، وهو عمل يعالج أساسا ظاهرة اجتماعية وهي كيفية ان تجعل من مواطن بسيط لصا وتدفعه الى ارتكاب عديد الجرائم.
واضاف الكشو، انه يتطلع في المرحلة القادمة الى تنظيم “ايام قرطاج المسرحية لخريجي معاهد الفنون الدرامية”، بهدف فتح الافاق امامهم للتعرف على التجارب العالمية وضمان التكوين الثقافي المعرفي من خلال توفير دورات تدريبية وحورات مفتوحة مع اخصائيين في المجال.
الجمهور لبى بدوره الدعوة من خلال الحضور بكثافة لمشاهدة العرض الاول للمسرحية الكوميدية “سرقة حلال”، وقد تفاعل معها طيلة زمن العرض الذي استغرق ساعة، وقد لاقت استحسان جل الحاضرين. ومن المنتظر أن يجوب هذا العمل كامل تراب الجمهورية، ويقع عرضه لاحقا خارج حدود الوطن، وفق ما صرح به المخرج محمد الكشو.