أجمع عدد من القضاة، الذين لم يلتحقوا بأولى جلسات المجلس الأعلى للقضاء المنعقدة الخميس الفارط، على أن إقرار مجالس مؤقتة “يعد أكبر خرق للدستور وللقوانين، وفيه إستيلاء على صلاحيات الهيئات القانونية الموجودة حاليا”، رغم أن المشرع لم يتركها دون تنظيم، وحرص على أن تكون نهاية مهامها في علاقة جلية بالمجلس الأعلى للقضاء.
فقد أكد رضوان الوارثي عضو المجلس الأعلى للقضاء، خلال ندوة صحفية اليوم الإثنين، أن موقفه وزملاؤه القضاة يستند إلى ما جاءت به فصول الدستور، والمتعلقة بضرورة إستكمال تركيبة المجلس، منبها إلى ما وصفه ب “العواقب الوخيمة” التي تكتسيها محاولة إرساء المجلس خارج الأطر القانونية، وفق تعبيرهم.
وبين أن أداء أعضاء المجلس لليمين الدستورية، لا يعني إنهاء مهام الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي، مضيفا في هذا الشأن أن الحل العملي والقانوني لتجاوز الأزمة هو إمضاء الترشيحات المتعلقة بالخطط الشاغرة في محكمة التعقيب لإستكمال التركيبة، والإنطلاق في مجلس دائم طبق القانون والشرعية.
ووصف المسار الذي إنخرط فيه بقية الأعضاء الذين حضروا أولى جلسات المجلس الأعلى للقضاء ب “الخطير”، ويكرس عدم شرعية القرارات التي ستصدر لاحقا، مشيرا إلى أن الحملة التي شنت على الترشيحات والضغوطات التي سلطت على رئيس الحكومة أدت إلى الوضع الحالي.
من جانبها، إعتبرت سهام بوعجيلة عضو المجلس الأعلى للقضاء، أن الإشكال قانوني بحت ولا علاقة له بالتجاذبات، ومرتبط أساسا بسد شغورين في القضاء العدلي، في إشارة إلى الرئيس الأول لمحكمة التعقيب ووكيل الدولة العام.
وأكدت أنه كان على رئاسة الحكومة إصدار الأوامر المتعلقة بالتسميات في الخطط القضائية، طبق قرارات الترشيح الصادرة عن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، لإستكمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء وإرسائه بالطريقة القانونية المستوجبة، مبينة ان رئيس الحكومة مطالب بالرجوع إلى الهيئة الوقتية للقضاء العدلي في صورة وجود إشكال باعتبارها صاحب الإختصاص.
وأوضحت أن تعهد المجلس الاعلى للقضاء بالترشيحات وتثبيتها دون إمضائها من رئيس الحكومة، فيه خرق للدستور وتعد على صلاحيات الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، باعتبار أن الفصل 106 من الدستور لم يدخل حيز النفاذ بعد.
أما عبد الكريم راجح عضو المجلس الاعلى للقضاء، فقد هدد باللجوء إلى السلطات المختصة للنظر في هذه الخروقات، مبينا أن القضاة خيروا عدم اللجوء إلى القضاء سابقا وإيقاف الأشغال رغبة منهم في عدم تعميق الأزمة وإيجاد حل للأزمة.
يذكر أن المجلس الأعلى للقضاء، كان عقد الخميس الفارط 29 ديسمبر أولى جلساته، بحضور 21 عضوا يمثلون الأصناف الثلاثة للقضاة عدليين وإداريين وماليين، ومن جميع الأسلاك من عدول منفذين وجامعيين وخبراء محاسبين ومحامين.
وقد أحدث الإجتماع جدلا حول اكتمال النصاب القانوني، باعتبار ان حضور نصف الاعضاء يحتسب وفق أحكام الفصل 36 من قانون المجلس الأعلى للقضاء، بالرجوع الى العدد الجملي لاعضائه وهو 45 عضوا، بما يفترض حضورا يتجاوز 21 عضوا.
كما يشار إلى أن الفصل 106 من الدستور الذي يعطي صلاحية الترشيح الحصري للمجلس الأعلى للقضاء، لا يدخل حيز النفاذ إلا باستكمال تركيبة المجلس طبقا للنقطة الثالثة من الفقرة الثانية من الفصل 148 من باب الأحكام الإنتقالية.