اختتمت الدورة الرابعة لأيام قرطاج الموسيقية مساء السبت بقصر المؤتمرات بالعاصمة، بعرض حمل عنوان “المتناقضات الخصبة” للعازفين التونسيين الشقيقين أمين وحمزة المرايحي، وهو عرض جديد تم تقديمة للجمهور لأول مرة، قبل أن ينطلق الأخوان المرايحي في عرضه ضمن جولة عالمية.
“المتناقضات الخصبة” هو العمل الثامن في رصيد الثنائي المرايحي، وهو يجمع بين ثراء الموروث الموسيقي الشرقي وموسيقى الجاز والريغي، وقد امتزجت فيه آلتا العود (أمين مرايحي) والقانون (حمزة مرايحي) بآلات الكمنجة (بايجو باهات) والساكسوفون (فالونتان سوكوس) والطبلة (برابهو ادوارد)، مشكلة إيقاعا سريعا عذبا يتخطى الحدود، ويحمل في مضمونه رسالة إنسانية تدعو لقبول الآخر والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات.
العرض الختامي الذي حضره بالخصوص وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين، راوح بين المعزوفات الجماعية والمنفردة خاصة على آلات القانون والطبلة والقيتارة، وبدت كأنها حوار ثلاثي بين حضارات مختلفة لم تقدر اللغة على جمعها، فجمعتها لغة الموسيقى ووحّدتها، وهو أيضا ما تجلّى من خلال جنسيات العازفين الذين ينحدرون من ثقافات مختلفة عربية وهندية وغربية.
هذا العرض الذي دام 40 دقيقة، فيه أيضا دعوة لربط الصلة بين الأجيال والقبول بمختلف الأذواق الموسيقية، وقد جسّدتها المجموعة في المقطع الأول من العرض الذي حمل عنوان “إبراهيم”، وتروي قصة جد الأخوين العازفين الذي كان يرفض الأنماط الموسيقية العصرية ويحمل موقفا سلبيا منها، لكنه بمجرّد سماعها من حفيديه، والتعمّق في معناها غيّر موقفه تجاهها.
// غياب تام لأعلام الموسيقى التونسية //
على غرار حفل الافتتاح الذي أقيم يوم 8 أفريل، شهد حفل الاختتام الليلة الماضية غيابا كليّا لأعلام الموسيقى التونسية، مقابل اكتظاظ قصر المؤتمرات بمجموعة من طلبة المعهد العالي للموسيقى بتونس، وفنانين شبان، وضيوف المهرجان وعدد من الإعلاميين.
وأوضح مدير الدورة حمدي مخلوف في تصريح لـ (وات) أن الهيئة المديرة وجهت الدعوات إلى عدد كبير من نجوم الأغنية التونسية، واكتفى بالقول إن تخلّفهم عن الحضور لا يفسّر إقصاء الهيئة المديرة لهم.
من جهته، أبرز عازف الناي الدكتور هشام البدراني أن غياب أعلام الموسيقى في تونس عن حضور حفل الاختتام قد يكون وراءه التوجه الذي قامت عليه الدورة الحالية، حيث غاب عنها المضمون الكلاسيكي الطربي لما يمثله من مرجعية ثقافية للموسيقى التونسية. وعبر عن أمله في أن يتم قريبا إعادة إحياء مهرجان الأغنية التونسية الذي انبثقت عنه أيام قرطاج الموسيقية، مثلما أعلن عن ذلك منذ يومين وزير الشؤون الثقافية.
ولاحظ في تقييمه للدورة الحالية، إن هناك أعملا موسيقية ارتقت إلى مستوى المهرجان ولبّت انتظارات الجمهور، مضيفا “في المجمل هناك توجه جديد موسيقي جديد تمتزج فيه الموسيقى الشرقية مع الموسيقى الغربية وهي موجة موسيقية نحترمها ونقبل بها لأنها تعكس انفتاح تونس على الثقافات والحضارات الأخرى، لكن ينبغي أيضا المحافظة على الموروث الموسيقي الطربي”. كما أشار إلى أنه كان بالإمكان برمجة عروض لأنماط موسيقية أخرى مختلفة، خارج إطار المسابقة، لإرضاء مختلف الأذواق.
واقترح هشام البدراني تكريم الطاقات الموسيقية الناشطة خارج تونس لدورها في التعريف بالموسيقى التونسية. ودعا المؤسسات التلفزية لتخصيص مساحة من برمجتها لبث العروض الموسيقية حتى يشاهدها من لم يتسن لهم مواكبة المهرجان، مثلما دأبت عليه سابقا مؤسسة التلفزة التونسية أيام مهرجان الأغنية التونسية.
ونوّهت عضو لجنة تحكيم المسابقة الرسمية الفنانة السورية لينا شاماميان، في تصريح لـ (وات) بمختلف الأعمال المشاركة في المسابقة، لكنها لاحظت غياب أعمال موسيقية تهتم بالمالوف وبالطرب، وهو ما فسرته بالحضور غير المكثف للجمهور في أعمال المسابقة.
وكانت لجنة تحكيم المسابقة الرسمية قد منحت جائزة التانيت الذهبي لعادل اسماعلي من المغرب ومجموعته “آيوا” عن عرض “حورية”، والتانيت الفضي لإيما لامادجي من افريقيا الوسطى عن عرض “فري ريفر”، وحاز التونسي وجدي الرياحي التانيت البرونزي عن عرضه “شمال افريقيا”.
وإلى جانب التانيت البرونزي توج عرض “شمال افريقيا” بجائزتين أخريين هما جائزة أفضل تأليف موسيقي عن مقطوعة “الروح السوداء” و”جائزة أفضل أداء آلي/غنائي وقد منحت لعازف الناي في هذا العرض أحمد ليتيم.
وأسندت جائزة الجمهور لثنائي “يوما” من تونس (رامي الزغلامي وصابرين الجنحاني) عن عرض “شورا/غبار نجوم”، فيما حاز جائزة أفضل عمل/عرض في الموسيقى التونسية بدر الدريدي من تونس عن عرض “عروق”.
أما بخصوص جائزة الطفل المبدع فقد أسندت لجنة التحكيم التانيت الذهبي في الغناء لليليا الكوندي، من تونس (13 سنة)، والتانيت الفضي لأحمد عبروق، من القيروان (9 سنوات)، والبرونزي لإبراهيم الخميري، من جندوبة (12 سنة).
وبخصوص جوائز العزف، حاز خليل غزالة على آلة البيانو / من قفصة (12 سنة)/ التانيت الذهبي، وفاز هارون القروي على آلة البيانو / من تونس (14 سنة)/ بالتانيت الفضي، في حين عاد التانيت البرونزي لأحمد خشارم على آلة الزكرة / من صفاقس (13 سنة)/.
ومنحت لجنة التحكيم المحترفة جائزتها لنور حركاتي ومجموعة “ايتيما” عن عرض “هلواس”.