في ذكرى عيد الشغل، عيد العمال والشغالين، سجل العلم التونسي المفدى حضوره بقوة في وسط العاصمة، التي ازدانت شوارعها وساحاتها باللون الابيض والاحمر، لون راية تونس الخفاقة التي يجب أن تبقى دوما فوق التجاذبات والحسابات، وخاصة في مثل هذه المناسبات.
في بطحاء محمد علي تجمعت حشود العمال والنقابيين والمواطنين ومناصري الاحزاب السياسية، اين رفعوا عديد الشعارات من قبيل “اوفياء اوفياء لدم الشهداء” و” شغل حرية كرامة وطنية” ليؤكد العديد منهم لموفدة (وات) على ضرورة الحفاظ على وحدة الصف، رغم الاختلاف في التقييم والمقاربات، خصوصا، في هذه اللحظة التاريخية الفارقة المليئة بالتحديات التي تمر بها البلاد.
شارع الحبيب بورقيبية بالعاصمة شهد بدوره حركية هامة في عيد العمال إذ تصاعدت وتيرة توافد المواطنين عليه بمرور الوقت، وتجمع فيه أنصار عدد من الاحزاب والمنظمات والنقابات على غرار حركة الشعب، وحزب الكادحين الوطني الديمقراطي، والاتحاد التونسي للشغالين الشبان، وجمعية المنتدى القومي التونسي … وغيرهم، وأنشد العديد منهم بصوت واحد وبكل حماس “إننا عملة وبذور وحقول، ننفض الاتربة عن نشيد العقول، ومع الكادحين ضد قهر السنين، أبدا لا يلين ساعد وقلم…يا وصايا حشاد في دروب الكفاح”.
وانت تجول بنظرك ، ترى أيضا الجداريات المنادية بالعدالة والحرية والكرامة وقد انتصبت على امتداد الشارع وبين جنباته، وزاد هذا المشهد رونقا حيوية المسالك التجارية التي حافظت على نشاطها ، كل ذلك وسط تعزيزات أمنية مكثفة شاركت فيها مختلف الاسلاك.
وقد استطلعت (وات) آراء عدد من المحتفين بعيد الشغل العالمي في شارع الحبيب بورقيبة، ومنهم الامين العام لحزب الكادحين الوطني الديمقراطي، فريد العليبي، الذي أكد الاصرار على إصلاح ما أسماها “الانحرافات” التي ساهمت وفق تقديره في ” تواصل الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وفي تفاقم الفقر والتهميش، وفي استفحال الارهاب الذي عصف بامن تونس واستقرارها والقى بتداعياته الوخيمة على الدورة الاقتصادية الوطنية”.
ودعا هذا الناشط السياسي إلى محاربة الفساد في كل اشكاله، وتبني المسار الديمقراطي المستند إلى معتمدات الحوكمة المحلية الرشيدة، والتوزيع العادل للثروات، والمساواة بين الجهات لتحقيق المشروع الوطني المنشود.
ومن بين المحتفين بعيد العمال العالمي، تحدثت موفدة (وات) مع عضو المنتدى القومي التونسي، محمد الطوايبي، الذي عبر عن انشغاله لفقدان العمل قيمته الاخلاقية والفردية والاجتماعية والسياسية، داعيا إلى إجراء تغيير جذري على العقليات، بما يعيد إلى العمل مكانته في وجدان التونسي وفي ثقافته.
كما دعا التونسيين إلى الحفاظ على وحدتهم، وإلى تكريس الممارسة الفعلية لمدنية الدولة، وإلى التاسيس للمشروع المجتمعي المنشود، مبينا أن تونس اليوم تحتاج إلى شباب ناهض ومبادر، يبدع ويفكر ويطلق العنان للحلم، وينتج ويصنع الواقع، ويطمح إلى خلق الثروة وانمائها، ولا ينتظر الدولة حتى توفر له الحلول.
يذكر انه في مثل هذا اليوم وفي الولايات المتحدة الامريكية تحديدا انتفض العمال في “شيكاغو” ضد أغلال الاستغلال ، وقرروا رص الصفوف، والاعلان للجميع أن العمال هم الثروة الحقيقية، وحجر الزاوية في بناء الاقتصاد، وفي خلق الثروات وتحقيق كل عناصر التقدم.