أعدّ المركز الوطني للسينما والصورة دليلا شاملا يجمع الأفلام التونسية الروائية والوثائقية التي أنتجت خلال خمسين سنة الماضية، (1967 – 2017)، حسب ما أفاد به مراسلة (وات) إلى كان، مدير المركز، فتحي الخراط، على هامش حضوره فعاليات الدورة السبعين لمهرجان كان السينمائي (من 17 إلى 28 ماي الجاري).
ويضمّ هذا الدليل الصادر باللّغات العربية و الفرنسية و الإنقليزية، الأفلام الطويلة التّي تتجاوز مدّتها الستين دقيقة، حسب المقاييس المرجعية المعتمدة من قبل المركز الوطني للسينما والصورة المتحركة بفرنسا، ويبلغ عددها 246 عملا بين الروائي والوثائقي، سواء كانت تونسية الإنتاج أو من الإنتاج المشترك.
وذكر الخراط أن “هذا الدليل الذي بادر المركز بإعداده بمناسبة مرور خمسين سنة على عرض أول فيلم روائي تونسي في 20 مارس 1967 (الفجر، للمخرج عمار الخليفي)يرمي إلى وضع قاعدة بيانات على ذمة الباحثين حول الإنتاج السينمائي التونسي طيلة نصف قرن، فضلا عن جرد لكل الأعمال السينمائية بمختلف أصنافها الروائية والوثائقية والأفلام الكرتونية، إضافة إلى حصر أفلام الإنتاج المشترك التي كثيرا ما تم تناسيها في مدونة الأشرطة التونسية”.
وأضاف أن هذا الدليل يشكّل “وثيقة تجمع كل الأفلام بثرائها وتنوعها ليستفيد منها المهنيون ومبرمجو القنوات التلفزية ومديرو المهرجانات فضلا عن كونها مرجعا للباحثين والدّارسين والمهتمين بالإنتاج السينمائي الوطني”.
وتضم هذه الوثيقة المرجعية، بحسب المصدر ذاته، حوالي 400 صفحة بالألوان، اعتمدت على شكل مبوّب لتقدم معلومات تتكون من ملخص الشريط وبطاقته الفنية فضلا عن المهرجانات التي شارك فيها والجوائز التي حاز عليها”.
وقال مدير المركز الوطني للسينما والصورة أنه سيتم نشر هذه الوثيقة على الموقع الإلكتروني للمركز، خلال الأيام القليلة القادمة، لتتيح للمهنيين وأصحاب الأفلام إمكانية إبداء آرائهم وملاحظاتهم وإضافاتهم، وسيتم التفاعل مع ما سيقدمه المهنيون لإجراء التعديلات اللازمة حتى يكون هذا الدليل تاما ودقيقا ويقدم معطيات لا يرقى إليها الشك أو التقصير”، ويقع نشره لاحقا ليكون بذلك “أول وثيقة شاملة للسينما التونسية”.
ويضم دليل الأفلام في صيغته الحالية قراءة في تطور السينما التونسية وعرضا لأهم الاتجاهات والتصورات بعنوان “شاشات خصبة” بقلم الأستاذ الجامعي والسينمائي، طارق بن شعبان.
ويرى بن شعبان في تقديمه لدليل الأفلام أن “السينما التونسية التي تمثل ملاذا للذاكرة وشاهدا على الأوضاع الراهنة لبلد يقع تاريخه في ملتقى أقوى تيارات التبادل الفكري والاقتصادي، عرفت أنماطا سردية كبرى، تراوحت بين نظام إلزامي وآخر طوعي، أفضت إلى ثلاثة أشكال تراوحت بدورها بين التقيّد بالجماعي وبين رفضه، وحتى التعبير عن التفرد والخصوصية” وفق تقديره.
واعتبر الأستاذ الجامعي، أنه “منذ الاستقلال سنة 1956 حتّى الانتفاضة الشعبية في ديسمبر 2010 ، ومن نظام السلطة المطلقة للدولة حتّى عولمة الأشكال والمضامين، أقام السينمائيّون التونسيّون تجمّعات مقاومة متعرّضين لمخاطر رقابة تغلب عليها الصرامة والتشدّد، وحملت الأعمال الكبرى للسينما التونسية نفسا تجاوزيّا وتساؤلات كبرى أجادت طرح خصوصيّة المجتمع الذي تتحرّك فيه مع الانفتاح على القضايا الكونية العامة”.
وبالرغم من أن مسارات مختلفة طبعت المجال السينمائي في تونس الذي اصطبغ بسلوك ما يعرف بـ”فيلم المؤلف”، غير أن الظروف لم تتهيأ لانطلاق صناعة سينمائية بسبب قلة الإنتاج الذي ظلّ، لمدة طويلة، يكاد يقتصر على ثلاثة أفلام طويلة في السنة، وفق طارق بن شعبان.
جدير بالذكر أن هذا الدليل كان من المفترض أن يوزّع بالجناح التونسي بالقرية الدولية للأفلام، على هامش المشاركة التونسية في الدورة السبعين لمهرجان كان السينمائي، إلا أن “إدارة المركز الوطني للسينما والصورة خيّرت التريث حتى يتم لاحقا تقديم وثيقة تتسم بالمصداقية ويتم التوافق حولها”، بحسب ما صرح به فتحي الخراط لـ “وات”.