يناقش مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة المقررة ليومي الإثنين والثلاثاء القادمين (17 و18 جويلية)، مقترحات تعديل وإتمام النظام الداخلي التى صادقت عليه لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية منتصف جوان الماضي.
وأثارت مقترحات التعديل وخاصة مع اقتراب مناقشتها ، جدلا بين نواب البرلمان الراغب أغلبهم في هذا التمشي، وإدارييه الذين عبّروا عن رفضهم القطعي خاصة للتنقيحات الواردة على الفصلين 3 و48 والمتعلقين بالتسيير الإداري للمجلس، واعتبروا ” أنّ الهدف من ذلك إحكام السيطرة على العمل البرلماني، وإخضاع إدارته ومُوظفيه لسلطته السياسية”.
وفي هذا الإطار شدّد كاتب عام نقابة أعوان مجلس نواب الشعب عبد الباسط الحسناوي لـ”وات” على ضرورة الإبتعاد عن تسييس إدارة البرلمان، معتبرا أنّ إحالة جملة من المسائل الإدارية كالتسميات في الخطط الوظيفية والقرارات والتدابير المتعلقة بالوضعيات الإدارية والمالية للأعوان إلى مكتب المجلس (حسب التعديلات المقترحة ) سيؤدي ضرورة إلى المس من حياد الإدارة التي ينص عليها الفصل 15 من الدستور التونسي.
ولفت إلى أنّ موقف النقابة الرافض لهذا الإجراء مبدئي، ويهدف إلى المحافظة على تماسك إدارة المجلس عبر مواصلة رئيس البرلمان لمهامه الإدارية بمعزل عن مهامه السياسية، قائلا ” إنّ إحالة مكتب المجلس يخضع لتمثيلية الأحزاب وسيجعل القرارات المتعلقة بالمهام الإدارية مرتبطة بنتائج الإنتخابات وبالأحزاب وسيعمل على توظيف البرلمان لأغراض حزبية”.
ودعا الحسناوى إلى التراجع والإبقاء على الفصلين 3 و48 في صيغتيهما الأصليتين، مؤكّدا ما جاء في بيان النقابة الذى أصدرته مؤخرا ، والمتعلق بالتصعيد واللجوء إلى كل الوسائل القانونية المتاحة للحيلولة دون تمرير مقترح التعديل.
من جانبه اعتبر النائب نورالدين البحيري (حركة النهضة) أن تنقيح النظام الداخلي هو ضروري بالنظر إلى أنّ الأوضاع داخل المجلس لم تعد توفر أدني شروط القدرة على خدمة المواطنين، وفق تعبيره ، قائلا ” إنّ مظاهر الغياب داخل البرلمان وغيرها من المسائل أصبحت محل انتقاد وتتطلب المراجعة للنهوض بعمل مجلس نواب الشعب المؤسسة التشريعية الأولى في تونس”.
وأوضح ” أن مظاهر الحوار والتعاون والتشارك أصبحت تغيب عن عمل البرلمان المؤتمن على تحقيق الديمقراطية والذي يسعى نوابه إلى البناء للعمل الديمقراطي وذلك بسبب غياب نظام داخلي قادر على ضبط المسائل”، حسب قوله.
وبعد أن ثمن دور الإداريين، أكد البحيرى أنه سيتم الخوض في كل قضايا التي تحتاج للحوار، والتي هي محل رفض دون أن يتم التراجع عن مسألة التعديل والتنقيح.
تجدر الإشارة الى أن مقترح التعديل المتعلق بهذين الفصلين، تقدّمت به حركة النهضة وتبنّته اللجنة المعنيّة بذلك بحضور 8 نواب من مجموع 22 ، لتصبح بمقتضاه وفي صورة التصويت عليه خلال الجلسة العامة ” القرارات التى يتم اتخاذها سواء في ما يتعلق باسناد الخطط الوظيفية أوالتدابير المتعلقة بالوضعية الإدارية والمالية لاعضاء المجلس وأعوانه بعد التداول في ذلك مع مكتب المجلس.”
هذا المقترح ، جعل مجموعة من النواب تتقدم بمقترح تعديل للفصل 82 من النظام الداخلي ينص على أن ” قرارات اللجان تتخذ بأغلبية الحاضرين من أعضائها على أن لا تقلّ الأغلبية عن 10 أعضاء”.
وقد رحّب بعض القائمين على المجلس من إدرايين ونواب بالمقترح ، معتبرين أنه سيحدّ من سيطرة حزب واحد على أعمال لجان البرلمان، وسيمكن من دراسة المقترحات من قبل أكثر من مُمثّلي حزب أو حزبين ممّا سيُضفي على العمل في اللجان طابعا ديمقراطيا ويمنحه أكثر مصداقية، فضلا عن أنهّ سيُساعد على الحدّ من ظاهرة الغيابات عن عمل اللّجان.
وفي هذا الجانب اعتبر النائب حاتم الفرجاني (نداء تونس) أنّ تنقيح بعض أحكام النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب مهم جدا وذلك لتدارك بعض النقائص التي برزت خلال عمل المجلس إبان الدورات النيابية الثلاث، لكنه أشار في المقابل إلى أنّ هذه المقترحات ستساهم في تسييس الإدارة.
وبيّن الفرجاني أحد النواب الذين تقدموا بمقترحات تعديل أنّ تنقيح الفصلين 3 و48 والذى أثار نقاشا كبيرا بين النواب ، يعني “أن القرار الذي سيصدر جماعة من أعضاء مكتب المجلس يمكن أن يصل حد التصويت والمشاركة في القرار ممّا سيطرح إشكاليات دستورية تتعلق بمبدأ حياد الإدارة المنصوص عليها بالفصل 15 من الدستور”.
أماّ النائبة ريم محجوب (آفاق تونس) فقد أشارت إلى انّ النظام الداخلي يتطلب التنقيح لوجود عدة إخلالات تم التفطن إليها من خلال ممارسة العمل البرلماني، مبينة انّ الهدف من التعديل هو تحسين نسق العمل في البرلمان ومردوديته وسد الثغرات.
وأوضحت أنّ جملة التعديلات التي تم تقديمها في الغرض من بينها ،” التي تهدف إلى المس من دور رئيس مجلس نواب الشعب في علاقة بإدارته وهو ما يرفضه أغلب النواب ، وتلك التي تسعى إلى تفعيل دور العمل البرلماني وتعزيز نجاعته سيتم الخوض فيها خلال النقاش بالجلسة العامة “، وفق تعبيرها.
وفي الإطار نفسه تقدّم رئيس المجلس محمد الناصر كذلك بجملة من التعديلات تنصّ على تسريع النظر في مشاريع القوانين (مُقترحات تعديل الفصلين 89 و90) وضمان حضور النواب والحدّ من ظاهرة الغياب ومقاومتها (الفصـل 82) مع تفعـــيل الصّرامة في حفظ النظــــام داخـــل المجلــس (الفصــل 131).
كما اقترح إضافة فصل جديد في باب الأحكام الختامية يتم من خلاله وجوبا ” إحالة النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب على المحكمة الدستورية في أجل أقصاه شهرا من مباشرتها لمهامها للنظر في دستوريته و إذا قضت بعدم دستورية النظام الداخلي أو بعض احكامه يتواصل العمل به لأجل أقصاه 3 أشهر”.
وكانت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية، قد صادقت منتصف جانفي الماضي على الصيغة النهائية لمقترحات تعديل المتعلقة بتنقيح وإتمام النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب على أن تدخل هذه التعديلات التي تم إقرارها حيز النفاذ في مفتتح الدورة البرلمانية العادية 2017-2018.