نفذ بعد ظهر اليوم السبت، نشطاء حملة “مانيش مسامح” من مختلف الحساسيات السياسية والمدنية، الرافضة لقانون المصالحة في المجال الاداري، مسيرة جابت شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة ، حيث رفع المحتجون شعارات مناهضة لكل من حركتي نداء تونس والنهضة، ونادوا باسقاط منظومة الحكم الحالية.
وقد شارك في هذه المسيرة عدد من رؤساء الأحزاب، على غرار حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، وغازي الشواشي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي وزهير المغزاوي الأمين عام لحركة الشعب ومحمد الحامدي الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي وزهير حمدي الأمين العام لحزب التيار الشعبي.
وإعتبر زهير المغزاوي الأمين عام لحركة الشعب، في تصريح ل (وات)، أن قانون لمصالحة الإدارية الذي وقع تمريره عبر آلية الأغلبية البرلمانية “هو خيانة للثورة ولتضحيات الشهداء” الذين سقطوا من 17 ديسمبر إلى 14 جانفي 2011، مضيفا أن مئات المتظاهرين من كل ألوان الطيف السياسي شاركوا في مسيرة اليوم، للإصداح بأن الثورة مازالت حاضرة في وجدان الشعب التونسي.
من جهته، أبرز زهير حمدي القيادي بالجبهة الشعبية والأمين العام لحزب التيار الشعبي، “ضرورة الذهاب إلى إنتخابات تشريعية مبكرة”، تعيد إنتاج منظومة الحكم التي قال إنها “أثبتت إفلاسها”، مبينا ان التحالف بين حركتي النهضة ونداء تونس “لم يقدم للبلاد سوى الأزمات الاقتصادية المتتالية والأزمات الاجتماعية الخانقة”، وفق تقديره.
وفي نفس السياق، قال عمار عمروسية عضو مجلس نواب الشعب عن الجبهة الشعبية، “إن قانون المصالحة الإدارية هو حلقة ضمن مخطّط كامل يطبخ في قصر قرطاج وفي دوائر الحكم، وهو يهدف إلى الانقلاب على الثورة ومكتسباتها ومن بينها الدستور، والعودة بالبلاد إلى نظام رئاسوي قائم على ضرب الفصل بين السلطات، وضرب استقلالية القضاء، وعلى تقزيم دور الهيئات التعديلية المستقلة”.
أما محمد الحامدي الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي، فقد أكد ضرورة أن تأخذ الأغلبية الحاكمة مسيرة اليوم بعين الاعتبار، لان تمرير قوانين حساسة كالمصالحة الإدارية بامكانه “أن يسبب شرخا في المنظومة المجتمعية”، داعيا الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين الى إسقاطه، لأنه لا يستجيب ومضامين دستور 2014
من ناحيتها، بينت المدونة والناشطة الحقوقية لينا بن مهني، أن مسيرة اليوم هي تأكيد على رفض قانون المصالحة في المجال لإداري، قبل الدخول في عملية المحاسبة لمن نهبوا ثروات البلاد، معتبرة مشاركة ممثلين من مختلف الحساسيات السياسية والمدنية، دليل على كون القانون وقع تمريره “وفق آلية الأغلبية البرلمانية، والتي لا تعكس هواجس الشعب التونسي الحقيقية”، حسب تعبيرها.
تجدر الإشارة، إلى ان المسيرة التي إنطلقت على الساعة الثالثة بعد الظهر، من أمام تمثال بن خلدون بالعاصمة، شهدت حضورا جماهيريا غفيرا إمتد نسبيا على أكثر من نصف شارع الحبيب بورقيبة، وسط هتافات نادت بالخصوص بإزاحة حركتي النهضة ونداء تونس من الحكومة، بالاضافة الى إشعال الشماريخ وسط حضور أمني مكثف.
وكانت حملة “مانيش مسامح” قد عقدت أمس الجمعة ندوة صحفية، أعلنت خلالها عن تنظيم “مسيرة وطنية” في شارع الحبيب بورقيبة، تحت شعار “الثبات ضد حكم المافيات”. كما أكدت في بيان أصدرته بالمناسبة، ان المصادقة على القانون هي “تجاوز خطير للرأي الإستشاري الوجوبي للمجلس الأعلى للقضاء..وجاءت وسط مناورات سياسوية داخل الأغلبية البرلمانية الحاكمة تعكس حالة التوافق المغشوش، وتكشف مستوى التلاعب باستحقاقات المرحلة والاستهتار بالدستور، والخيانة المكشوفة لأمانة تمثيل الشعب”.
يذكر أن مضمون قانون المصالحة في المجال الإداري ينص في فصله الثاني على أنه “لا يخضع للمؤاخذة الجزائية الموظفون العموميون وأشباههم على معنى الفصلين 82 و96 من المجلة الجزائية بالنسبة للأفعال التي تم القيام بها، والمتصلة بمخالفة التراتيب أو الإضرار بالإرادة لتحقيق فائدة لا وجه لها للغير، شريطة عدم الحصول على منفعة لا وجه لها لأنفسهم. وبموجب ذلك تتوقف التتبعات والمحاكمات في شأن تلك الأفعال”.
ومعلوم أن مجلس نواب الشعب، صادق مساء الإربعاء الفارط على قانون المصالحة الإدارية بـ117 صوتا ورفض 3 أصوات و1 محتفظ، وقد شهدت الجلسة العامة منذ انطلاقها صباحا تشنجا وتبادلا للتهم بين النواب المساندين والمعارضين لهذا القانون.