“صندوق النقد الدولي يمعن في جرنا الى هاوية الهلاك” و”التدافع الاجتماعي .. وسقوط الدولة” و”التوافق بين النداء والنهضة .. ماذا ربحنا وماذا خسرنا؟” و”بين سفر الى المجهول وهروب منه .. الحرقة تتحول الى مشروع عائلي” و”معضلة وطنية بامتياز” و”شبابنا بين السلوكيات الخطرة والانتظارية .. الدمار يخلف الدمار”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الخميس.
لاحظت جريدة (الصريح) في مقال لها أن الاحداث والوقائع المثيرة للقلق والحيرة تراكمت بشكل مكثف خلال هذه الايام في ظل أوضاع مالية واقتصادية متدهورة جدا تهدد البلاد بالافلاس تزامنا مع اصرار صندوق النقد الدولي على تنفيذ السلط التونسية لشروطه واملاءات أخرى أكثر قساوة معتبرة أن ذلك من شأنه أن يضع حكومة الوحدة الوطنية في مأزق خطير، فبين سندان المصارف العالمية وشروطها المجحفة ومطرقة الضغوطات الداخلية يبقى الخيار دراميا وكارثيا.
وأضافت أن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الى تونس أكد أن كتلة الاجور في بلادنا هي الاغلى في العالم وتستحوذ على نصف النفقات العمومية داعيا الى مزيد التحكم فيها باعتبارها محور مجهود كل اصلاح اقتصادي.
واعتبرت (الشروق) في افتتاحيتها اليوم، أن ما يحدث في تونس منذ سبع سنوات يؤكد حقيقة واحدة عنوانها تفكك الدولة وهو مؤشر كبير على ضعفها وتراجعها أمام سيادة ثقافة التدافع الاجتماعي التي أسست لها حركة النهضة مضيفة أن تونس مقبلة على سيناريوهات دموية ستسقط فيها الارواح وتغرق البلاد في الدم والخراب اذا تواصلت هذه الحالة من اللامبالاة فالمطلوب تطبيق القانون على الجميع وفرض سلطة الدولة والقبضة الحديدية مطلوبة عندما يتعلق الامر بالامن القومي والسلم الاجتماعي فاستمرار التدافع الاجتماعي يعني ضياع الدولة وخراب البلاد فحذار.
وسلطت، في مقال بصفحتها الرابعة، الضوء على التوافق بين النداء والنهضة الذي اعتبرت أن تضارب المصالح لم يؤثر فيه حيث تم تجنيب البلاد ما يفترض من صدامات في وقت حساس جدا تحتاج فيه الى الاستقرار السياسي بالنظر الى أنه لو احتلت حركة النهضة مكانها الطبيعي في المعارضة لما تم تمرير أي قانون ولاصيب البرلمان بالشلل التام ولدخلت البلاد كلها في دوامة يستحيل الخروج منها.
ورأت أن منافع هذا التوافق لم تكن حكرا على الجانب الوطني بل تعدته لتشمل الحزبين حيث سمح للنهضة بالبقاء في الحكم والاحتماء به في وقت تردت فيه فكرة صلوحية الاسلام السياسي للمشاركة في اتخاذ القرار مقابل ربح نداء تونس للكثير فلولا شراكته مع النهضة لما نجح في تشكيل حكومة الصيد الاولى ولا في منح الثقة لتحويرها ولا في سحب الثقة منها ولا في تشكيل حكومة الشاهد ولا في منح الثقة للتحوير الوزاري الاخير، وفق تقدير الصحيفة.
أما جريدة (صباح) فقد تحت في ورقة خاصة، ملف “الحرقة” التي تحولت الى مشروع عائلي يتم التنسيق له والبرمجة له خاصة أن الرحلات المنظمة تختلف كثيرا عن تلك التي تعودناها في قصص المهاجرين غير النظاميين الذين كانوا الى حين يعنونونها بالسري للغاية ويلتحفون بسترة ظلام الليل في جميع خطواتهم لتتحول الى بث مباشر في قلب البحر ومن على مشارف جزيرة الحلم “لامبادوزا” لتأتي صور وفيديوهات وأغان ورقصات وكثير من السباب لساسة البلاد وبعض من شعور الغبن والظلم لتعلن جميعها دفعة واحدة أن الرحلة قد نجحت وأن المجموعة التي كانت على متن ذلك القارب العجوز الذي يحمل ضعف طاقة استيعابه قد حققت هدفها الذي سعت اليه منذ أشهر ان لم تكن سنوات.
وفي سياق متصل، اعتبرت (الصحافة) في افتتاحيتها أن اصطدام البارجة العسكرية بقارب الموت وهول الفاجعة وعدد الضحايا وتوزعهم على كامل تراب الجمهورية وشهاداتهم ومستواهم التعليمي وضع البلاد كلها أمام سؤال كبير لا بد من الاجابة عليه بكل صراحة .. لماذا يهرب هؤلاء من البلاد حتى وان كان الهروب عن طريق الموت؟.
وأضافت أنه بعد التسفير الذي قضى على الاف الشباب في محارق مجهولة الاسباب والدوافع في بؤر التوتر يبرز من جديد كابوس الهجرة السرية الى أوروبا والذي يستنزف بدوره عشرات الالاف من اليد العاملة ومن الشباب ومن القوى الحية النشيطة التي يحتاج اليها الوطن قبل الغير والتي كان من المفترض أن تجد في موطنها عملا يحفظ كرامتها وحياة نليق بمواطنتها وأفقا يكرس ولو جزءا من أحلامها وطموحاتها.
من جهتها اعتبرت (المغرب) في افتتاحيتها، أن حكم الاستثراء السريع هو الذي يحرك مخيال جل من يقدم على على “الحرقان” رغم علمهم بالمخاطر الجمة التي تهدد حياتهم ولكن بعض قصص “النجاح” وبعض الاشاعات التي يروجها منظمو رحلات الموت هذه توفر لهذا الحلم عناصر البقاء والالق فتتجند العائلة لتوفير بعض الاف الدنانير للحارق قصد تحقيق هذا الحلم الكابوس مضيفة أن العائلة التونسية بعيدة جدا عن العائلة الصينية التي تشتغل بكد وعناء على امتداد عقود من أجل توفير ظروف حياة افضل لطفلها الوحيد الامر الذي أدى الى تلاشي قيمة العمل وترسخ فكرة أنه لا خيار سوى “الدمار” أو “الربح” الاني السريع مهما كان ومصدره ومدى شرعيته.