إعتبر وزير الشؤون المحلية والبيئة، رياض المؤخر، اليوم الجمعة، أن اللامركزية في تونس ستكون أداة و قاطرة للتنمية و التنمية المستدامة متى نجحت عملية تركيزها مشيرا إلى أن المخاوف من تفكك الدولة أو عدم الجاهزية للمرور إلى مرحلة اللامركزية في تونس “لا مبرر لها نظرا لوجود ضمانات كافية”.
وذكر في كلمة ألقاها في افتتاح ندوة دولية بعنوان “الحوكمة المحلية و التنمية المستدامة” ينظمها في تونس على مدى يومين “منتدى الأكاديمية السياسية” بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور ،أن هذا المسار “سيتم تركيزه في تونس بشكل تدريجي في إطار المحافظة على وحدة الدولة” التي ” لن تتفكك بسبب منح جزء من صلاحيات المركز إلى الجهات والجماعات المحلية “، حسب تعبيره.
ولاحظ الوزير أن اللامركزية في تونس والتي خصها الدستور بباب كامل هو الباب السابع “لا تختزل فقط في الجانب التشريعي المتمثل في مجلة الجماعات المحلية والمعروضة حاليا على احدى لجان البرلمان، بل هي إستراتيجية كاملة ومسار سياسي بامتيازبالإضافة إلى المسار التقني والقانوني”.
ولخص الوزير أسس نجاح إرساء اللامركزية في تونس في عنصرين اثنين يتمثل الأول في تنمية مالية محلية أما الثاني فيرتكز على تنمية الموارد البشرية في الجهات مشددا على ضعف نسبة الـتأطير في الجماعات المحلية في تونس في الوقت الحالي و التي لا تتجاوز 10 في المائة في بلدية تونس الكبرى مثلا .
وبخصوص تنمية المالية المحلية لتلك الجماعات لاحظ رياض المؤخر ان ميزانيات كل الجماعات المحلية في تونس مجتمعة لا تتعدى 4 في المائة من الميزانية العامة للدولة مقابل 10 في المائة في المغرب و 20 في المائة في تركيا و 50 في المائة في دول أوروبا الشمالية .
وحسب المؤخر فان مسار إرساء اللامركزية في تونس ونقل بعض الصلاحيات من المركز الى الجهات والذي سيمتد على فترة 27 سنة و على 3 مراحل متساوية سيمكن خلال التسع سنوات الاولى من رفع نسب التاطير و ميزانيات الجماعات المحلية مقارنة بالميزانية العامة للدولة.
وحول مجلة الجماعات المحلية التي تنظر فيها حاليا لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بالبرلمان ذكر المؤخر أن الحكومة حريصة على تتم المصادقة على فصول المجلة (363 فصلا) قبل اجراء الانتخابات البلدية و التي قررت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إجرائها يوم 25 مارس 2018 بعد ان كان الموعد السابق هو 17 ديسمبر 2017.
ولاحظ الوزير أن العنصر الأساسي الذي جعل تلك الانتخابات تتأجل هي الخلافات التي ظهرت صلب هيئة الانتخابات ملاحظا انه يجب خلق “تجربة تونسية في مجال إرساء الحكم المحلي و اللامركزية” مستبعدا ان يتم تأجيل الاستحقاق الانتخابي في حال حدوث خلافات حول تلك المجلة او تأخر المصادقة النهائية عليها .
من جهته شدد منسق المجلس العلمي لجمعية”منتدى الأكاديمية السياسية”، حسن العنابي في مداخلة تقديمية للندوة،على أن تحقيق أهداف الباب السابع من دستور جانفي 2014 والمتعلق بالسلطة المحلية فضلا عن إرساء هيئتين دستوريين هما هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وهيئة الحوكمة الرشيدة و مكافحة الفساد، يبقى رهين توفر جملة من المعطيات من بينها وجود الآليات القانونية والعملية التي تضبط مشمولات كل المتدخلين وكذلك انخراط المواطن في العمل التطوعي واحترامه لمقتضيات التنمية المستدامة فضلا عن يقظة المجتمع المدني و الإعلام لمعاضدة عمل مؤسسات الرقابة و المسائلة .
واشار العنابي ايضا الى ضعف انجاز “برنامج الأجندة 21 محلي “في تونس وهو برنامج أقرته قمة الارض التي عقدت في ريو دي جينيرو بالبرازيل سنة 1992 بهدف معالجة المسائل المتعلقة بالصحة والتلوث والسكن و التصرف في الموارد وغيرها.
وقد تم في تونس،حسب العنابي، إقرار تلك الآلية في مخططات التنمية لبعث هذه الأجندة في عشر(10) بلديات تونسية في السنة الواحدة لكن نسبة الانجاز خلال العشرية 1999-2011 لم تتجاوز العشرة في المائة من مجموع البلديات والذي كان حينها 264 بلدية ،حسب ما ذكره العنابي.
ومن المنتظر أن يبحث المشاركون في الندوة وضمن 3 جلسات علمية المسائل المتعلقة بالتنمية و العولمة والحاكمية وتعزيز الدور التنموي في البلديات في تونس وفي بعض الدول الأجنبية كالأردن و المغرب الأقصى بالإضافة الى مداخلات حول تطبيق تجربة “الأجندة 21 محلي” ودو المجتمع المدني في التنمية المحلية المستدامة.