أعلنت وزارة الشؤون الثقافية عن إطلاق “منتدى تونس الدولي للحضارات”، وقد افتتحت أعماله، يوم الثلاثاء، بمجموعة من المبادرات التي اتخذتها الوزارة احتفاء بالعلامة التونسي عبد الرحمان ابن خلدون، أبرزها ترشيح كتابه “المقدمة” لسجل الذاكرة الإنسانية لليونسكو، وإنشاء متحف ابن خلدون في مدينة تونس العتيقة وفي المنزل الذي يرجّح أنه قد ولد فيه، بالإضافة إلى نشر طبعة تونسية للمقدمة، والمحاضرة المتميزة التي قدمها الأستاذ الفرنسي “غابريال مارتينيز غرو” الذي يعتبر أحد كبار المتخصصين العالميين في فكر ابن خلدون.
وأكد وزير الشؤون الثقافية، محمد زين العابدين، لدى إشرافه على هذا اللقاء، أن الوزارة أعدّت مشروعا ثقافيا متكاملا يقوم على مجموعة من المحاور الكبرى والوسائل النوعية لتحقيق هذه الأهداف.
واعتبر أن إنشاء “منتدى تونس الدولي للحضارات” يعد إحدى لبنات هذا البناء المتكامل والمتجانس الذي وضعته الوزارة، واعدا بأن تتضح معالم النقلة النوعية للعمل الثقافي بالتقدّم في تطبيق المشروع الثقافي للوزارة.
ومن جانبه، قدّم الأستاذ عبد الحميد لرقش، مستشار وزير الشؤون الثقافية والمدير العام للتراث بالوزارة وعضو لجنة التراث العالمي لليونسكو، ملامح الخطة المعتمدة لتسجيل “مقدمة” ابن خلدون في سجل الذاكرة الإنسانية لليونسكو، وتحدث عن “الأهمية الاستثنائية لهذا الحدث الذي سيمثل اعترافا عالميا بابن خلدون وكتابه” وفق تقديره.
وتلا على الحاضرين نداء تونس لترشيح المقدمة، وقد تولّى توقيعه وزير الشؤون الثقافية وكلّ الحاضرين في اللقاء من جامعيين وباحثين وشخصيات ثقافية. كما تم إرساله إلى خمسين مؤسسة جامعية وثقافية عالمية لتوقيعه.
ووفق بلاغ صادر عن الوزارة، قدم الأستاذ غابريال مارتينيز غرو (Gabriel Martinez-Gros) محاضرة بعنوان “ابن خلدون وقراءاته المعاصرة” أبرز فيها نتائج أعماله حول ابن خلدون، والمتمثلة في الانتقال بالنظرية الخلدونية من نظرية لتفسير التاريخ العربي الإسلامي إلى نظرية لتفسير التاريخ البشري منذ ظهور الإمبراطوريات الأولى.
وأكّد أهمية هذه النظرية اليوم في تحليل الأوضاع العالمية في عصر العولمة.
وكان الجامعي محمد الحدّاد، مستشار وزير الثقافة المكلف بمنتدى تونس الدولي للحضارات، قد افتتح هذا اللقاء بتقديم مشروع المنتدى، مشيرا إلى أنه سيعمل على تثمين الرصيد التونسي العريق في مجال تلاقي الحضارات ودراسة القضايا الحضارية، وتنسيق المشاركات التونسية في المبادرات الدولية المتعلقة بالحضارات وتنزيلها في إطار رؤية استراتيجية ووطنية مدروسة. كما سيعمل على دعم الديبلوماسية الثقافية التي تمكّن البلدان من تحقيق مكاسب عبر القنوات غير الكلاسيكية.
وأكّد أن المنتدى سيعتمد آليات مبتكرة للعمل، منها تنظيم محاضرات ذات بعد عملي ترتبط بمبادرات محدّدة وقابلة للتنفيذ في فترة زمنية مضبوطة، وإنشاء لجان دولية للتفكير والاستشراف في القضايا الجديدة التي طرحتها العولمة والثورة الصناعية الرابعة والتحولات البيولوجية والتكنولوجية غير المسبوقة، وبعث “نوادي الحضارات” في المؤسسات التعليمية ودور الثقافة بالشراكة مع المجتمع المدني.
وأكد الأستاذ محمد الحدّاد أنّ المحاضرة المقدمة لا تندرج ضمن المحاضرات المألوفة للإشادة بابن خلدون بل تقدم حصيلة عمل أكاديمي جادّ استغرق أكثر من عشر سنوات وقام به متخصص عالمي في ابن خلدون، انتهى إلى إثبات راهنية ابن خلدون وأهمية مقدمته في تحليل التاريخ العالمي وتقديم مفاتيح لقراءة الحاضر، على حد تعبيره.