يحتفل التونسيون اليوم الثلاثاء 14 جانفي 2014 بالذكرى الثالثة للثورة حيث تدرك تونس هذه السنة سنتها الثالثة بعد ثورة الحرية والكرامة بسقوط نظام كامل وفرار الرئيس السابق للبلاد زين العابدين بن علي باتجاه المملكة العربية السعودية للتحصن بها تاركا وراءه إرثا كبيرا وحجما هائلا من الفساد المالي والإداري استفاق عليه الشعب التونسي الذي رفض رفضا كليا كل هذه المظاهر فانتفض بعد أن فاض كاس الصبر…
يحتفل التونسيون اليوم الثلاثاء 14 جانفي 2014 بالذكرى الثالثة للثورة حيث تدرك تونس هذه السنة سنتها الثالثة بعد ثورة الحرية والكرامة بسقوط نظام كامل وفرار الرئيس السابق للبلاد زين العابدين بن علي باتجاه المملكة العربية السعودية للتحصن بها تاركا وراءه إرثا كبيرا وحجما هائلا من الفساد المالي والإداري استفاق عليه الشعب التونسي الذي رفض رفضا كليا كل هذه المظاهر فانتفض بعد أن فاض كاس الصبر
ولقد كانت الثورة التونسية ثورة الحرية والكرامة مصدر الهام لعدد من الشعوب العربية وشرارة انطلاق ثورات الربيع العربي وكذلك أحدثت منعرجا جديدا في النظام العالمي بأسره وفي العلاقات الدولية بأسرها.
لن نطنب في استعراض الفترات والإحداث التي سبقت الثورة وأعقبتها ولكن ما يمكن التأكيد عليه أن تونس وبعد انقضاء ثلاث سنوات على الثورة فإن الحصيلة الإجمالية لم ترق إلى مستوى تطلعات الشعب التونسي خلال مسار الانتقال الديمقراطي من حيث الاستجابة إلى أبرز شعارات الثورة وألا وهي الحرية والكرامة والتشغيل والمساواة بين الجهات علاوة صياغة دستور جديد لتونس يؤسس للجمهورية الثانية ويتماشى مع أهداف الثورة.
على امتداد السنوات الثلاث الأخيرة عرف مسار الانتقال الديمقراطي العديد من الهزَات على عدة أوجه ومستويات انطلاقا من تعثر الوضع السياسي بين الفرقاء السياسيين ومرورا بتزايد المصاعب الاقتصادية والاجتماعية ووصولا إلى هشاشة الأوضاع الأمنية.
فمنذ انتخابات 23 أكتوبر 2011 اتسم المشهد السياسي في تونس بالتشنج والحسابات الحزبية الضيقة والإعلان عن صراع سياسي حقيقي بين جل العائلات السياسية التي خيبت آمال التونسيين في معالجة اغلب الملفات الحارقة والعاجلة.
ولئن اعتبر العديد من المحللين السياسيين والملاحظين أن هذا الحراك السياسي ظاهرة صحية وتعكس المرحلة الانتقالية التي تمر بها تونس فإن الأحزاب السياسية عجزت مع مرور الوقت على كسب ثقة التونسيين وسقطت في العديد من الأخطاء وظل هاجسها الأول والأخير هو الانتخابات القادمة من دون وضع أسس حوار سياسي سليم ونقي وهو ما انعكس جليا في مختلف الجلسات العامة للمجلس الوطني التأسيسي.
على المستوى الأمني عرفت تونس أسواء حصيلة تقريبا في تاريخها من تسجيل اغتيالين سياسيين الأول حصل يوم 06 فيفري 2013 باغتيال الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد والثاني يوم 25 جويلية من نفس السنة اغتيال مؤسس التيار الشعبي وعضو المجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي لتدخل تونس إثرها في أزمة سياسية خانقة عصفت تقريبا بجل المسارات وأعاقت بشكل كبير المرحلة الانتقال الديمقراطي الثانية وكادت أن تنسفه تماما.
وفي ذات الملف الأمني شهدت الصائفة والخريف الماضيين أحداث إرهابية عنيفة ذهب ضحيتها عدد من جنود تونس وأعوان الحرس الوطني البواسل التي طالتهم يد الغدر، يد الإرهاب الذي استقر في تونس وأعلن أنها ارض جهاد والرغبة في "صوملة" البلاد.
غير انه وبالرغم من هذه الأحداث الأمنية المتقلبة استعاد الجهاز الامني التونسي جزءا كبيرا من عافيته واسترجع نجاعته على عدة اوجه من خاصة تعزيز الجوانب الاستخباراتية بإحباط العديد من المحاولات الإرهابية.
الثابت والمتأكد أن ثلاث سنوات في عمر ثورة بلد معين فترة قليلة من اجل تحقيق الانتقال الديمقراطي واستكماله بجميع مراحله وإرساء مؤسسات الدولة وصياغة دستور جديد، غير أن المجتمع المدني في تونس والإعلام الذي تحرر من كل القيود ساهما بشكل ملموس في تأدية دورهما على أكمل وجه والضغط على الساسة من اجل إنهاء مرحلة الانتقال الديمقراطي الثانية والدخول في مرحل الاستقرار بتنظيم الانتخابات القادمة فضلا عن شعور جل الفرقاء السياسيين بخطورة المرحلة والتهديدات الأمنية الداخلية الإقليمية والحاجة إلى توافق وطني بأنه حان الوقت لإنهاء هذه المرحلة بأخف الأضرار.
إن سنة 2014 ستكون سنة مفصلية في تحقيق الانتقال الديمقراطي واستكماله وإيصال البلاد إلى شاطئ الأمان من خلال تطبيق خارطة الطريق التي وضعها الرباعي الرعي للحوار الوطني بعد الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد إثر اغتيال محمد البراهمي من خلال الالتزام بإنهاء مسارات ثلاثة وهي المسار الحكومي والمسار التأسيسي والمسار الانتخابي.
وبعد اخذ ورد تم الاتفاق على المسار الحكومي من خلال التوافق على تعيين رئيس حكومة جديد (مهدي جمعة) واستقالة الرئيس الحكومة السابق عالي العريض عن حركة النهضة كما يجري حاليا الإسراع بتطبيق المسار التأسيسي من خلال المصادقة على الدستور الجديد للبلاد والتي يعرف خلاله نواب التأسيسي سباقا مع الزمن من اجل إنهاء التصويت مع الاحتفال بالذكرى الثالثة للثورة وإهداء التونسيين دستورا جديدا.
أما في ما يخص المسار الانتخابي قد تم الانتهاء من تشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في انتظار الانتهاء من المصادقة على القانون الانتخابي وتحديد موعد نهائي ورسمي للانتخابات القادمة التي سيتم بموجبها الانتهاء من مرحلة الانتقال الديمقراطي الثانية وانتخاب حكومة غير مؤقتة والدخول في مرحلة الشرعية.