نجحت عملية الاستفتاء على الدستور المصري الجديد التي نظمت يومي 15 و17 جانفي بدون اضطرابات كبرى توقعها البعض وبدا حسب النتائج الأولية أن ما لا يقل عن نصف الناخبين قد أدلوا بأصواتهم وصوتوا بنعم للدستور الجديد بنسبة فاقت 90 بالمائة…وللتذكير فإن مصر تعد حولي 53 مليون ناخب وقد أعلنت الهيئة …
نجحت عملية الاستفتاء على الدستور المصري الجديد التي نظمت يومي 15 و17 جانفي
بدون اضطرابات كبرى توقعها البعض وبدا حسب النتائج الأولية أن ما لا يقل عن نصف
الناخبين قد أدلوا بأصواتهم وصوتوا بنعم للدستور الجديد بنسبة فاقت 90 بالمائة…وللتذكير
فإن مصر تعد حولي 53 مليون ناخب وقد أعلنت الهيئة المنظمة للانتخابات أن ما لا يقل
عن 23 مليون ناخب قد صوتوا وبنسبة تتجاوز 95 بالمائة بنعم وبما في ذلك في المناطق
التي يسيطر عليها الإخوان مثل محافظة (ولاية) الدهقلية أو محاقظة بني سويف وغيرها
…
وبهذه النتيجة تكون جماعة الإخوان المسلمين في مصر قد خسرت معركتها ضد الجيش
الذي تولى زمام الأمور بعد أحداث 30 جوان الماضي وعزل الرئيس محمد مرسي . ورغم
تكوينها لجبهة متعددة للدفاع عن الشرعية فإن الجماعة لم تستطع اقناع أغلبية من
المصريين بمواصلة معارضة الوضع الجديد وهي الآن في موقع سلبي للغاية بعد
تصنيفها من قبل القضاء المصري كمنظمة ارهابية وبعد تقلص الدعم المادي والمعنوي
الذي عولت عليه من بعض الدول مثل قطر وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية .
ويبدو أن الكونغرس الأمريكي سائر نحو إعادة الدعم للقوات المسلحة المصرية بعد
تجميده منذ جوان الماضي…
وبالرغم عن أن الدستور المصري الجديد الذي أعدته لجنة الخبراء الخمسين لا يؤسس
لدكتاتورية عسكرية فإن عديد المراقبين يرون أنه يجامل الجيش ويترك له مجالا
كبيرا للتدخل في الشأن العام , ولكن الشارع المصري الذي يعاني من وضع اقتصادي
واجتماعي متدهور منذ ثورة 25 يناير مل الاضطرابات السياسية ويطمح بوضوح لنوع من
الاستقرار ولو على حساب بعض مطالب الثورة المصرية.
وفي الواقع فإن تدخل الجيش المصري ليس بدعة في الحياة السياسية المصرية ألحديثة
ذلك أن الجيش يتولى في الواقع قيادة البلاد منذ ثورة 23 يوليو 1952 وصعود عبد
الناصر للرئاسة ومن بعده أنور السادات وحسني مبارك اللذين كانا عسكريين أولا
وأخيرا. ولقد شكلت القوات المسلحة المصرية على مر الأيام المشتلة الرئاسية
للنخب الحاكمة كما استطاع الجيش تحت تسميات مختلفة إنشاء قطاع اقتصادي ضخم يشغل
علاوة على العسكريين أكثر من مليوني عامل مدني في مصانع الأسلحة والعتاد وكذلك
في القطاع العقاري والصناعة الكيميائة والسياحة وفي عدة مجالات أخرى جعلت
المراقبين يقدرون سيطرة الجيش بنوح 40 بالمائة من الناتج الوطني..
وبالرغم من تحفظ العديد من قيادات اليسار التقليدي المصري ومن القيادات
الشبابية لثورة 25 جانفي حول دور الجيش ووزنه في الدولة المصرية التي هي بصدد
البناء فإن الاختيار بين الجيش وبين الإخوان قد حسم ضد الجماعة بوضوح…وهذا ما
جعل البعض يتوقع أن تصير الديمقراطية المصرية الناشئة في السنوات القادمة على
منوال ما وقع في تركيا حيث كان الجيش حارسا لعلمانية الدولة لمدة سنين طوال
واضطر أكثر من مرة للتدخل و للحيلولة دون المس من الإرث الأتاتوركي العلماني ,
كما يسوق الملاحظون أيضا المثل الكوري الجنوبي الذي مرت فيه كوريا الجنوبية
بعدة سنوات من الدكتاتورية العسكرية قبل أن تصل إلى إرساء النموذج الديمقراطي
الغربي الذي يوجد بها الآن…
وبين هذا وذلك تنقسم المواقف من صيرورة النموذج المصري اليوم في العواصم
الغربية خاصة مع اجراء المقارنة بالتجربة التونسية التي استطاعت فيها الطبقة
السياسية إزاحة الحكومة ذات الأغلبية الإسلامية ولو بصعوبة واستطاعت المضي قدما
نحو دستور ديمقراطي تحرري بشكل توافقي جنب البلاد متاهات الفوضى والعنف .