ندّد عدد من نواب البرلمان اليوم الثلاثاء بالأعمال التخريبية التي شهدتها بعض المناطق ليلة أمس، محذرين من خطورة الانسياق وراء ذلك. كما نددوا بأعمال السرقة والنهب والحرق التي طالت بعض المقرات مطالبين بضرورة التظاهر سلميا بما يكفله الفصل 37 من الدستور وبعقد حوار وطني اقتصادي وإجتماعي يمكّن من حلحلة الوضع .
وأكدوا خلال مداخلاتهم بالجلسة العامة المقررة اليوم الثلاثاء والتي تمحورت الحصة الصباحية منها حول التحركات الإحتجاجية الأخيرة بالبلاد أنّ ما شهدته بعض المناطق ليلة أمس “تؤكّد وجود توظيف سياسي ووقوف أطراف سياسية وراء ذلك خدمة لمآربها الشخصية في إطار حملة انتخابية مبكرة ، مشدّدين على أن الفوضى لن تؤدّي إلا إلى تفكيك الدولة”.
في المقابل انتقد نواب آخرون من المعارضة أن يتم تحويل وجهة الاحتجاجات التي اندلعت من أجل قانون المالية والترفيع في الأسعار إلى “مسائل عرضية والواهية كالسرقة والتخريب والتظاهر ليلا”، معتبرين أن التحركات كانت مشروعة وأن الوضع يتطلب قانون مالية تكميلي يتضمن قرارات تلغى الإجراءات التي تم إتخاذها.
وحملوا في كلماتهم الحكومة والائتلاف الحاكم بضرورة تحمّل مسؤوليتهم إزاء تفاقم الأوضاع خاصة “وأنه قد تم التحذير منها مسبقا عند مناقشة قانون المالية الذي تم تمرير أغلب فصوله في إطار التوافق بعيدا عن مراعاة مصلحة الشعب” وفق تعبيرهم.
ودعا النائب الصحبي عتيق (حركة النهضة) إلى ضرورة التحرك سلميا بما يكفله الدستور، مبينا أن بعض التحركات التي شهدتها البلاد أمس كانت غير سلمية وتخللتها أعمال حرق وسرقة ونهب ومداهمات ليلية لعدّة مقرّات.
واكد أنه لا يستبعد أن تكون هذه التحركات موظفة سياسيا وتقف وراءها أطراف سياسية تتاجر بأتعاب المجتمع وقوت المستضعفين والفقراء، مشددا على ضرورة الإنتباه والتنديد بهذه المسائل خاصة وأن البلاد في حاجة إلى الإستقرار والأمن والتنمية والتشغيل.
وبخصوص قانون المالية قال “إنّ أغلب الكتل قد صادقت عليه في إطار ديمقراطي”، مقرّا في الآن نفسه بوجود صعوبات حقيقية وإجراءات مؤلمة لا بدّ من اتخاذها وتتطلب تضحيات الجميع للوصول إلى إصلاحات اقتصادية وتحقيق الاستثمار والتنمية.
واعتبر النائب حسن العماري (نداء تونس) أنّ قانون المالية حجّة واهية وستؤدي إلى بالبلاد إلى التهلكة في ظل تشتت المجهود الأمني ووجود العناصر الإرهابية المتربصة بتونس.
وأكد أن المطالب التنموية لا يمكن تحقيقها بأعمال الحرق والنهب والإعتداء على الممتلكات العامة والخاصة ، لافتا في الآن نفسه إلى أنّ تونس في حاجة إلى وحدة أبناءها لإخراجها من الأزمة التي تعيشها لا تكبيدها المزيد من الخسائر، مؤكدا ضرورة قيام النيابة العمومية بدورها تجاه المفسدين والمخربين.
أما سفيان طوبال (نداء تونس) فقد لفت إلى أن المضاربين والمحتكرين يتحملون مسؤولية غلاء الأسعار التي كانت سببا في إندلاع الإحتجاجات وليس قانون المالية وحده، مؤكدا في هذا الإطار انّه على الحكومة التدخل و فرض احترام القانون والتحكم في الاسعار بالضرب على ايادي جميع المحتكرين و المارقين عن القانون.
وحذّر في السياق نفسه الشعب التونسي من الانسياق وراء التحريض والمزايدات السياسية المطالبة باسقاط الدستور وادخال البلاد في فوضى عارمة واستهداف الاستقرار و الامن العام للبلاد، مضيفا ان عمليات التكسير والشغب و الاعتداء على الأمنيين لا مبرر له و يجب التعامل مع مرتكبيها بكل حزم و اعتبار هذا “التصرف” نوع من الارهاب الذي يهدد الامن العام.
من جانبه أكد حسونة الناصفي(مشروع تونس) أن ما يحصل في تونس اليوم هو نتيجة حتمية لتراكمات 7 سنوات ولشعار التوافقات الفوقية والحزبية التي لا يمكن بأي شكل من أشكال ان تخفي وتحجب مطالب الشارع التونسي.
وبيّن انّ الاحتجاجات السلمية مشروعة ولا للتفصي من المسؤولية إزاء ذلك، منتقدا اختيار سياسة الهروب ومواصلة التعنت وغياب روح المسؤولية في الخطابات والانسياق وراء خطاب شعبوي تم تجربته في سنوات سابقة ولم يجد نفعا، وفق قوله.
وأكّد أن الإحتجاج مشروع لكن الاعتداء على مؤسسات الدولة و السرقة و التخريب مسائل مريبة ومثيرة للشك حول من يقف وراءها، مشددا في هذا الإطار على ضرورة أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها و مصارحة الشعب شأنها شأن الأحزاب المطالبة بالتأطير والتوعية وتفسير حقيقة الأوضاع للمواطنين.
وهو ما أكدته النائبة نادية زنقر (مشروع تونس) التي طالبت بضرورة مراجعة القرارات والنظر في الإقتراحات المقدمة وبضرورة عقد حوار اقتصادي و اجتماعي للخروج بالبلاد من أزمتها.
أما النائب مصطفى بن احمد فقد دعا الى الفصل بين المحتجين السلميين وبين التحركات التي تهدد الدولة والمجتمع، معتبرا أن القضية اليوم ليست قضية قانون مالية والزيادات في الأسعار وإنما قضية لوبيات التهريب والاحتكار و الفساد التي على الحكومة محاربتها بجدية.
من جهته قال النائب عمارعمروسية (الجبهة الشعبية) “إنّ الجبهة قد سبق لها وأن حذرت من خطورة قانون المالية واعتبرته مرارا قانون تفجير للأوضاع “، معتبرا أن ما جدّ ليلة أمس كان متوقعا من قبل لكن الحكومة لم تعر ذلك إهتماما.
أمّا نزار عمامي (الجبهة الشعبية) فقد لفت إلى أنّ الاحتجاجات انطلقت مساء أمس بطريقة سلمية وأدت الى “استشهاد شاب بسيارة الامن ” (وهي رواية نفتها وزارتا الصحة والداخلية)، ودعا إلى عدم تشويه الاحتجاجات المشروعة التي حذّرت منها الجبهة سابقا بتأكيدها أن الميزانية ستؤدي الى التحركات وتفاقم الأوضاع لكن الأحزاب مررت ذلك باسم التوافق.
بدوره قال النائب زهير المغزاوي (حركة الشعب)” إنّ الاحتجاجات السلمية كانت نتيجة حتمية لخيارات فاشلة ولغياب تصور وبرنامج للبلاد ونتيجة لغلاء الأسعار وتبرير الحكومة لذلك بمهاجمة الشعب في قوته”.
وطالب بالتراجع على القرارات التي اتخذت في الفترة الأخيرة، داعيا في الآن نفسه إلى الابتعاد عن أعمال العنف والتخريب والاحتجاج سلميا و حماية المؤسسات . كما طالب وزارة الداخلية بالتحقيق حول من يقف وراء الأحداث التى شهدتها منطقتي الكامور والقصرين قائلا ” نشك أن أطرافا مدفوعة الاجر تقف وراءها”.
من جهته طالب فيصل التبيني (حزب صوت الفلاحين) بفتح تحقيق جدي في وفاة مواطن أمس ، وايقاف العمل بالميزانية المصادقة عليها ووضع ميزانية تكميلية تعالج القرارات الأخيرة، محمّلا المسؤولية للحكومة ولحركتي نداء تونس والنهضة .
بدورها ذكّرت سامية عبو (التيار الديمقراطي) بأن الاحتجاج ليلا أدى سابقا إلى وصول حركتي النداء والنهضة إلى سدّة الحكم .
وقالت “إن أعمال السرقة مسألة عرضية لإخفاء التحركات التي قامت من أجل أوضاع متراكمة” مبينة أن قانون المالية هو الشرارة التي دفعت الناس إلى التحرك خاصة وأن الحكومة وفق تعبيرها تعمل على حماية الفاسدين في الحكومة و في البرلمان .
أما عدنان الحاجي (مستقل) فقد اعتبر أنّ تحركات امس وما شابتها من أعمال حرق ونهب وسرقة مشروعة، وكان ردةّ فعل في حجم سلوك الحكومة والمجلس ، محذّرا من سنة 2018 والتحركات التي تشهدها وقال “إنّ سنة 2018 ستكون سنة دم خاصة ان الحكومة لم تحرك ساكنا إزاء التحركات ومطالب الشعب كما فعل بورقيبة سابقا”.
من جهته قال عماد الدايمي إن أغلب الخطابات قد كان فيها الكثير من التهرب من المسؤولية، معتبرا أن طرح مسألة التظاهر ليلا مسألة عرضية لإخفاء حقيقة الإحتجاجات ولنتائج الوهم بالتنمية وبالمشاريع الكبرى وبالتشغيل وللسياسات الخاطئة التي تخدم مصالح اللوبيات لا مصالح الفقراء.