صادق مجلس نواب الشعب، خلال جلسة عامة انطلقت على الساعة الحادية عشر من صباح الأربعاء، على إحداث لجنة تحقيق برلمانية في خصوص تصنيف تونس ملاذا ضريبيا من قبل الإتحاد الاوروبي بموافقة 109 نائبا واحتفاظ واحد واعتراض آخر.
وقد تقررت هذه الجلسة بعد ان وافق النواب على نص العريضة التي تقدم بها ائتلاف يضم 82 نائبا من مختلف الكتل البرلمانية لرئيس مجلس نواب الشعب ينص على المطالبة بإحداث هذه اللجنة.
وقال النائب حسين الجزيري (النهضة)، في مداخلته خلال الجلسة العامة، أن تصنيف الإتحاد الأوروبي لتونس كملاذ ضريبي يعد قرارا “ظالما” داعيا إلى مراجعته بأسرع وقت ممكن.
وأعلن النائب صلاح البرقاوي (حركة مشروع تونس) لدى تطرقه إلى الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد عن تنازله عن نسبة 10 بالمائة من منحتة النيابية. وقال أن “حب البلاد ممارسة وليست خطبا”، داعيا زملائه ?لى النسج على منواله.
وأشار النائب رياض جعيدان (قائمة نداء تونس بالخارج) إلى ضعف عدد لجان التحقيق البرلمانية مؤكدا على ضرورة أن تقدم هذه اللجنة تقريرا مفصلا خلال شهرين على الاقل من بداية الأبحاث وتقديمه لوزارة المالية والاطراف المعنية.
وذكر جعيدان أن الإتحاد الأوروبي قد قدم العديد من التقارير لتونس للتمكينه من المعطيات اللازمة إلا أنه لم يتحصل عليها في الآجال المطلوبة، مما أدى الى تصنيفها كملاذ ضريبي.
وحمل النائب الجيلاني الهمامي الحكومة مسؤولية هذا التصنيف مشيرا إلى تأثيره السلبي على الإقتصاد الوطني مشددا على أهمية كشف اللجنة عن مدى التراخي في التعاطي مع الإتحاد الأوروبي وتحديد مسؤولية السلطة التنفيذية.
من جهته، عبر النائب مبروك الحريزي (حزب حراك تونس الإرادة) عن تحفظه على إحداث مثل هذه اللجنة معتبرا أنه بإمكان لجنة المالية الاضطلاع بدور اللجنة المقترحة في التحقيق وإعداد تقارير حول تصنيف تونس ملاذا ضريبيا.
وللإشارة، يمكن الفصل 59 من الدستور، البرلمان من تكوين لجان تحقيق برلمانية في حين ينص الفصل 97 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب على أنه بإمكان المجلس النيابي احداث لجان تحقيق بطلب من ربع الاعضاء على الاقل.
وتهدف اللجنة المقترحة إلى “التحقيق في أسباب تصنيف تونس كملاذ ضريبي من قبل مجلس وزراء مالية الدول الاعضاء بالاتحاد الاوروبي وما قد يترتب عن هذا التصنيف من تبعات اقتصادية ومالية وسياسية”.
كما ستعمل اللجنة على “تحديد المسؤوليات في الظروف، التي احاطت بكيفية التعاطي مع هذا الملف من الجانب التونسي”، بالاضافة إلى مطالبة الحكومة بتوضيح استراتيجية عملها فيما يخص علاقات تونس بالاتحاد الاوروبي على ضوء اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الاوروبي”.
ويذكر أن وزراء المالية بالاتحاد الأوروبي كانوا قد وقعوا، يوم 5 ديسمبر2017،على قائمة سوداء تضم 17 دولة من بينها تونس، مصنفة كملاذ ضريبي آمن على مستوى العالم، وذلك وسط خلافات حول ما إذا كانت الدول المدرجة في القائمة ستتعرض لعقوبات.
ويعتمد المجلس الاوروبي في هذا التصنيف مقاييس تتعلق بالشفافية الضريبية والضرائب العادلة وتنفيذ تدابير مكافحة التهرب الضريبي وتحويل المرابيح إلى جانب التزام الهيئات القضائية بقيم الحوار والرصد التي تتعهد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتعزيزها.
ويذكر أن كل من تونس وبنما والإمارات العربية المتحدة، قد أرسلت معطيات تؤخذ بعين الإعتبار خلال عملية التصنيف في وقت متأخر مما نتج عنه رفض وزراء المالية بالاتحاد الأوروبي اعتمادها نظرا لأنّ العمل الرقابي للخبراء الماليين يتطلب وقتا.
ورجح خبراء أن المعطيات الجديدة بعد إدراجها ضمن عناصر الدرس في عملية التصنيف قد تمكن من حذف هذه الدول الثلاثة ومن بينها تونس من قائمة الدول المصنفة كملاذ ضريبي آمن حول العالم.
وأثار تصنيف تونس ملاذا ضريبيا من قبل شريكها الاستراتيجي الاتحاد الاوروبي، موجة غضب وتفاعلات عديدة على جميع المستويات.
وعلى صعيد اخر، كان سفير الاتحاد الاوروبي في تونس، باتريس بارجميني، قد صرح أنه التزم مع الحكومة التونسية للعمل على مراجعة تصنيف تونس كملاذ ضريبي بهدف سحبها من القائمة المذكورة وأن ذلك سيتم في أقرب الاجال.
في حين أشار المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية، بيار موسكوفيسي، في تصريح لصحيفة فرنسية أن سبب تصنيف تونس كان “تأخرها في مد الاتحاد الاوروبي بالمعطيات اللازمة في الاجال المحددة”، مضيفا أن وجودها في القائمة السوداء سيتم تدارسه خلال الاجتماع المنتظر بداية 2018 وراجيا أن تتخذ الاجراءات اللازمة للخروج من التصنيف.