تحت شعار “وفاء، إخلاص، البوصلة فلسطين” وفي أجواء تنافسية شديدة الحماس انطلقت، مساء اليوم الاثنين، أشغال المؤتمر السادس والعشرين للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس تحت إشراف الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، وبحضور أعضاء المكتب التنفيذي والهيئة الإدارية للمنظمة الشغيلة والأمين العام السابق للمنظمة، حسين العباسي، ووفد من فلسطين يتقدمه رئيس اتحاد عمال فلسطين السابق، محمد بدران.
واستعرض الطبوبي، في افتتاح المؤتمر، المحطات التاريخية المختلفة والزاخرة بالمواقف النضالية للاتحاد نقابيا ووطنيا وإسهامات جهة صفاقس في المسيرة النضالية للمنظمة الشغيلة، معتبرا أن ذلك يعد أفضل رد على من يريد حصر دور المنظمة في المطلبية دون سواها، وتجاهل أدوارها الوطنية، وفق قوله.
وعبر عن تمسك الاتحاد بقيم العدالة الاجتماعية وحرية التعبير وقيم الثورة المجيدة التي استشهد من أجلها شباب تونس سنة 2011 ضد الحيف والتمييز والفقر والتهميش والاستبداد رغم كل الأصوات الناعقة، وفق تعبيره.
وبخصوص وثيقة قرطاج، التي تعالت أصوات عدد من الحاضرين تنادي بالانسحاب منها، قال الطبوبي إنها مكنت البلاد في السياق التاريخي الذي جاءت فيه من تجنيب البلاد مخاطر جمة كانت تحدق بها، مبرزا الدور الوطني الذي قامت به المنظمة الشغيلة في هذا الشأن.
وانتقد الامين العام الحكومات التي تعاقبت على إدارة شؤون البلاد منذ 2011 قائلا: “كل من تداولوا على السلطة منذ الثورة برهنوا على فشلهم في تحقيق الكرامة كقيمة دستورية”، ولفت إلى أن المواطنين سيكونون فطنين لهم في المحطات الانتخابية القادمة.
وأكد تمسك الاتحاد بخوض جولة جديدة من المفاوضات الاجتماعية، في شهر مارس القادم، من أجل الزيادة في الأجور، ومعالجة وضعيات التشغيل الهش المختلفة، مؤكدا أنه خلافا لما يقع الترويج له فإن كتلة الأجور ليست هي السبب في الأزمة الاقتصادية التي تعرفها البلاد.
كما جدد نور الدين الطبوبي تعهد المنظمة بعدم التفويت في أي قطاع من القطاعات العمومية للقطاع الخاص “كلف ذلك المنظمة ما كلفها” وفق تعبيره. وقال إن الاتحاد بقدر تمسكه بمكسب القطاع العام يحترم كل المؤسسات الخاصة التي تحترم حق الشغالين في العمل اللائق والكرامة.
وقال الطبوبي إن المنظمة نجحت في خضم الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد في عقد مؤتمرها الثالث والعشرين وكرست من خلال المؤتمر وفي وثيقة القانون الأساسي دورها النضالي الديمقراطي وتواجد المرأة في هياكل الاتحاد والتداول على المسؤولية وتجسيم الحوكمة والشفافية الذي تكرسه اليوم انتخابات الاتحادات الجهوية.
وبخصوص موقف الاتحاد من المستجدات في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال إنه “لولا تواطؤ الأنظمة العربية لما تجرأ الرئيس الأمريكي “ترامب” الإعلان عن القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي الغاصب”، ودعا مجلس نواب الشعب إلى أخذ قرار جريء بسن قانون لتجريم التطبيع يؤكد صدق ما يدعونه من انتصار للقضايا العادلة، وفق تعبيره.
وأعلن الطبوبي، بالمناسبة، أن الاسبوع القادم سيشهد انطلاق مشروع إعادة تهيئة مقبرة وروضة الزعيم الراحل الحبيب عاشور بالعباسية في قرقنة بعد أن تم إمضاء كراس شروط الخاصة به.
وكان رئيس المؤتمر، كمال سعد، اعتبر أن صفاقس التي ساهمت في تأسيس اتحاد العام التونسي للشغل وناضلت من أجل أن يكون الاتحاد على ما هو عليه الان من قوة ومناعة وما خاضه من معارك وما اتخذه من مواقف تاريخية سيكون مرة أخرى مجسمة لهذه القيم من خلال مؤتمر اتحادها الجهوي الذي سيكون حتما محطة لتكريس الديمقراطية والشفافية والاحتكام إلى إرادة القواعد النقابية دون سواها.
وحيا عبد الهادي بن جمعة كاتب عام الاتحاد الجهوي المتخلي، في كلمة ألقاها في بداية المؤتمر، أعضاء الوفد الفلسطيني الزائر وعائلات الشهداء الذين استشهدوا في سبيل القضية الفلسطينية وفي مقدمتها عائلة الشهيد محمد الزواري.
وشهدت جلسة افتتاح المؤتمر ترديد شعارات مناهضة لسياسة الحكومة، وداعية للانسحاب من وثيقة قرطاج، وأخرى مناصرة للقضية الفلسطينية ومطالبة بتجريم التطبيع.
ويتميز مؤتمر الاتحاد الجهوي بصفاقس الذي يتواصل يومي 29 و30 جانفي الجاري بمنافسة شديدة بين قائمتين تضمان عديد الوجوه النقابية المعروفة على الصعيدين الجهوي والوطني. ويترأس القائمة الأولى الحاملة لشعار”قائمة الوفاء لمبادئ حشاد وشهداء الوطن” الكاتب العام المتخلي، عبد الهادي بن جمعة، ويترأس القائمة الثانية الحاملة لشعار “قائمة رد الاعتبار للعمل النقابي” الوجه النقابي المعروف والكاتب العام الأسبق محمد شعبان.