صادق مجلس نواب الشعب مساء الثلاثاء خلال جلسة عامة خصصت للنظر في مشاريع قوانين، على مشروع القانون الأساسي عدد 11 لسنة 2018 المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بموافقة 125 نائبا ومعارضة نائب واحتفاظ 5 آخرين.
ويهدف قانون القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، إلى تجسيد المبادئ الكونية لحقوق الإنسان ولمقتضيات دستور2014 وخاصة الفصول 21 و 23 و47 الرامية إلى تحقيق المساواة، وعدم التمييز بين كافة المواطنات والمواطنين في الحقوق والواجبات، والتأكيد على قيم التضامن والاحترام والتسامح والتعددية.
كما ينص على إحداث لجنة وطنية لمناهضة التمييز العنصري تضبط مهامها وتركيبتها وتنظيمها وطرق تسييرها بمقتضى أمر حكومي، مع مراعاة مبدآ التناصف وتمثيلية المجتمع المدني، وتعهد لها مهام رسم السياسات العامة، وجمع البيانات، ووضع آليات العمل، والقيام بالعمليات التحسيسية لمناهضة التمييز العنصري.
ويلزم القانون الدولة التونسية بضبط السياسات والاستراتيجيات وخطط العمل الكفيلة بالوقاية من جميع ممارسات التمييز العنصري في جميع القطاعات، ووضع برامج للتحسيس والتوعية والتكوين، علاوة على تمكين ضحايا التمييز من الحق في الإحاطة الصحية والنفسية والاجتماعية والحماية القانونية والحصول على التعويض العادل.
وثمن النواب خلال تدخلاتهم قانون القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الذي اعتبروه مكسبا ينضاف لبقية المكاسب التشريعية، وتتويجا لمسار نضالي قاده المجتمع المدني طيلة سنوات، مؤكدين “الحرص الشديد” على المصادقة عليه بالإجماع نظرا لأهميته، ودعين إلى إيجاد حلول قادرة على المعالجة الجذرية للممارسات العنصرية وعدم الاكتفاء بوضع الإطار القانوني لمناهضتها.
وطالبوا في هذا الشأن بضرورة وضع برامج تحسيسية توعوية ضمن المناهج والبرامج التعليمية والتربوية، إلى جانب توفير الإمكانيات اللازمة للقضاء على ظاهرة التمييز العنصري وتغيير الموروث الثقافي القائم على التمييز، لاسيما ان تونس اشتهرت بكونها أول دولة ألغت العبودية في عهد احمد باشا، إلا أنها ما تزال تعيش على رواسب التمييز العنصري ضد السود إضافة إلى تجذر ظاهرة التمييز العنصري في الخطاب الشعبي اليومي من خلال انتشار عديد المظاهر الاجتماعية السلبية في التعامل مع المواطنين السود.
واقر النوابب أن التمييز العنصري قد تجاوز اللون ليشمل التمييز الممارس على بعض الأجانب خاصة الأفارقة، والتمييز الجهوي بين أبناء الوطن الواحد، والميز العنصري المبني على الاختلاف في الفكر والدين واللغة والجنس، داعين إلى القطع نهائيا مع كافة أشكال التمييز ومشيرين إلى أهمية دور وسائل الإعلام في مناهضة التمييز العنصري.
ونص النواب على ضمان استقلالية اللجنة الوطنية لمناهضة التمييز العنصري، وعدم الاقتصار على اعتبارها مجرد هيكل إداري ملحق بالوزارة المكلفة بحقوق الإنسان.
من جانبه أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني، وجود إرادة سياسية حقيقية في استعجال النظر في مشروع القانون لحماية المواطنين والأجانب على حد السواء، معبرا عن أسفه لوجود بعض السلوكيات التي لا تعير أهمية للقيم الإنسانية في بلد كان سباقا للانضمام إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري منذ سنة 1967.
وأيد الدهماني ما ذهب إليه النواب بخصوص عدم الاكتفاء بتجريم الميز العنصري قانونا بل العمل على تغيير العقلية بالتوعية والتحسيس وإدراج برامج تعليمية وتربوية هادفة، إضافة لسعي الوزارة لدفع الإعلام للمساهمة في نشر ثقافة قبول الآخر ومناهضة الميز العنصري من خلال الومضات الاشهارية حول ثقافة المواطنة.
وثمن الوزير في هذا الصدد نضالات المجتمع المدني طيلة سنوات للدفاع عن كافة أشكال التمييز العنصري بفضل تحركاتهم الاحتجاجية، والمبادرة التشريعية التي تقدموا بها لمجلس نواب الشعب وحرصهم على ان يرى مشروع القانون النور.
يشار إلى أن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المتضمن ل 11 فصلا موزعين على أربعة أبواب ، قد تم إعداده بالتنسيق مع المجتمع المدني الذي اعد المبادرة التشريعية وقام باستشارتين وطنية وجهوية والاستئناس بمخرجات العديد من الزيارات الميدانية، وقد تم للغرض إحداث لجنة فنية ضمت ممثلي الوزارات المكلفة بالعدل والدفاع والمالية والتعليم العالي والمرأة وحقوق الإنسان.