عبّرت جمعيّة القضاة التونسيين عن عميق انشغالها من توقف العمل التشريعي بخصوص تنزيل مضامين الدستور فيما يتعلق بإصدار القوانين الأساسية الجديدة للسلطة القضائية بأصنافها الثلاثة العدلي والإداري والمالي المكرسة لاستقلالية السلطة القضائية وذلك بعد مرور أكثر من سنتين على انتخاب المجلس الأعلى للقضاء كتوقف مسار تركيز المحكمة الدستورية.
واستغربت في هذا السياق وفق لائحة الجلسة العامّة الصادرة مساء امس التقييمات الجزئية للأداء القضائي في علاقة بمسالة الاستقلالية والتي تغيب تماما الأسباب الحقيقية لذلك ذات الصلة المباشرة بمسؤولية السلطتين التنفيذية والتشريعية في إقرار الإصلاحات القضائية بإصدار القوانين التي تعيد هيكلة القضاء طبق الرؤية الدستورية الجديدة لاستقلال السلطة القضائية ووضع الإمكانات المادية والبشرية على ذمة القضاء.
ودعت الجمعية السلطة التنفيذية إلى التعبير الجدي عن إرادتها السياسية في استكمال تحقيق استقلال السلطة القضائية من خلال الإسراع بتقديم المبادرات التشريعية المتعلقة بالأنظمة الأساسية للقضاة العدلين والإداريين والماليين طبق أقصى ضمانات الاستقلالية والقوانين الأساسية المتعلقة بالتنظيم الإداري والمالي للهياكل القضائية العدلية والإدارية والمالية.
كما دعت المجلس الأعلى للقضاء إلى تحمل مسؤولياته في ذلك طبق ما لديه من صلاحيات في تقديم المقترحات ذات الصلة بالإصلاح القضائي الممنوحة له بالفصل 42 من قانون المجلس.
من جهة أخرى اكدت الجمعية على أهمية أن يأخذ التنافس الانتخابي لكل الفاعليين السياسيين في هذه السنة في الحسبان إقرار توجهات إيجابية وجدية لتحقيق منجزات في استحقاق استقلال السلطة القضائية.
على صعيد آخر طالبت الجمعيّة المجلس الأعلى للقضاء بالانطلاق حالا في الإعداد للحركة القضائية للقضاة العدليين لسنة 2019-2020 وذلك بتحديد الشغورات والاحتياجات الحقيقية للمحاكم من الإطار القضائي ونشر قائمة في تلك الشغورات لتفادي تكرار الإعلان عن الحركة القضائية خارج الآجال القانونية ولضمان حق القضاة في ممارسة الطعون المخولة لهم قانونا بالجدوى والفاعلية اللازمة .
وابرزت في هذا الصدد الدور المحدد والحاسم للقضاء في مكافحة الفساد وتأمين سلامة الانتقال الديمقراطي مشدّدة في هذا السياق على ضرورة قطع المجلس الأعلى للقضاء مع أساليب عدم الشفافية في تسمية القضاة من ذلك عدم تسديد الشغورات المعلن عنها منذ 20 سبتمبر 2018 إلى حد هذا التاريخ بما من شأنه الحد من نجاعة أعماله وعدم إحاطة القضاة المعينين به بالدورات التكوينية المتخصصة لتطوير كفاءاتهم.
كما نوّهت الجمعية بالعمل القضائي المرموق لقضاة محكمة المحاسبات من خلال التقرير الرقابي الواحد والثلاثين الذي ثبّت موقع الدائرة كهيئة قضائية تحرس المال العام وموارد الميزانية من سوء التصرف والانتهاكات مشيدة في الآن نفسه بالمجهودات المبذولة من طرف قضاة محاكم سيدي بوزيد وجندوبة ومنوبة في الفترة الأخيرة فيما برز من أعمالهم الناجعة والناجزة سواء في حماية الطفولة المهددة أو في مكافحة جرائم الفساد والذي كان له الأثر الإيجابي في تعزيز الثقة العامة في القضاء.
وفي القضاء الإداري دعت الجمعيّة مجلس القضاء الإداري إلى ضرورة الإسراع بتعيين القضاة الجدد في مختلف الدوائر القضائية مع الأخذ بعين الاعتبار التوزيع العادل بين الدوائر المركزية والجهوية محمّلة رئيس وأعضاء لجنة صياغة مشروع مجلة القضاء الإداري عدم الالتزام بإتمام أشغالها في نهاية سنة 2018 طبق الآجال المعلن عنها في البلاغ الإعلامي لوحدة الاتصال والإعلام الصادر بتاريخ 24 ماي 2018 وما ترتب على ذلك من عدم جاهزية أمام السلطة التشريعية وإضاعة فرص كانت قائمة للمصادقة على تلك المشاريع ويجددون دعوتهم إلى ضرورة نشر ما انتهت إليه من أعمال.
وطالبت بتحسين ظروف العمل المتردية داخل الدوائر الجهوية والخالية من شروط الصحة والسلامة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتمكينهم من الوسائل المادية واللوجستية للعمل في ظروف معقولة .
أمّا في القضاء المالي فقد طالبت الجمعيّة بالإسراع في المصادقة على القانون الأساسي لمحكمة المحاسبات المعروض على لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب بما يضمن الاستقلالية الإدارية والمالية للمحكمة وإعطائه أولوية النظر مع التفاعل إيجابيا مع مقترحات جمعية القضاة التونسيين في هذا الصدد.
وجدّدت طلب التعجيل بإحداث الدوائر الجهوية لمحكمة المحاسبات وفق المعايير المضبوطة بمشروع جمعية القضاة التونسيين ضمن رؤية متكاملة لتكريس لامركزية القضاء المالي بهدف تقريب القضاء المالي من المتقاضين من خلال وضع جدول زمني واضح للإحداث الفعلي لتلك الدوائر وتعميمها تدريجيا على جميع الجهات وتحسين ظروف العمل بالغرف الجهوية الحالية .
أمّا في ادارة العدالة فقد دعت إلى مزيد تحسين ظروف العمل بالمحاكم وتوفير الامكانيات المادية والبشرية اللازمة لمجابهة الارتفاع البين في حجم القضايا مؤكّدة تسجيلها إيجابيا تفاعل رئيس الحكومة مع مقترحات جمعية القضاة التونسيين بخصوص إحداث صندوق جودة العدالة بوصفه الحل الأمثل للنهوض بأوضاع المحاكم وتأمين عدالة ذات جودة للمتقاضين وبخصوص سلم تأجير مستقل للقضاة
كما طالبت وزير العدل بتفعيل اللجنة التي سبق تشكيلها لصياغة مشاريع القوانين الأساسية المتعلقة بالقضاة وبالتنظيم القضائي حتى تتمكن من الشروع في أعمالها وإنهائها في أقرب الآجال وفق مقاربة تشاركية مع الهياكل الممثلة للقضاة.