تواصل لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية، بالبرلمان اليوم الأربعاء مناقشة فصول مشروع قانون تنظيم حالة الطوارئ المقدم من رئاسة الجمهورية، وسط تباين آراء النواب بين من يرى ضرورة التسريع في المصادقة على هذا القانون وإنهاء العمل بأمر 1978 خاصة بعد تصريح رئيس الجمهورية الباجي في اجتماع مجلس الامن القومي وبين من يؤكد على ضرورة التريث في مناقشته نظرا إلى أنه يتضمن الكثير من النقاط الخطيرة الماسة بالحقوق والحريات.
وكان رئيس الدولة قال خلال اجتماع مجلس الأمن القومي أول أمس الاثنين إنه وجه رسالة إلى كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، للفت النظر إلى أنه إلى حين حلول يوم 4 أفريل القادم كآخر أجل لحالة الطوارئ (وقع التمديد إلى غاية يوم 5 أفريل القادم)، فإنه لا يمكن التعويل مجددا على رئيس الجمهورية فيما يخص هذه المسألة.
وقد اتفق النواب من مختلف الكتل، في تصريحات لوكالة تونس إفريقيا للأنباء ، على أن الأمر الرئاسي عدد 50 لسنة 1978 غير دستوري ووجب تغييره، لكنهم اختلفوا بخصوص ما صرح به رئيس الجمهورية خلال اجتماع مجلس الامن القومي .
وقال عضو كتلة حركة النهضة، الحبيب خضر، انه “كان من الأفضل لو اتخذ رئيس الجمهورية قراره بالتنسيق مع مجلس نواب الشعب ومع الحكومة دون فرضه كأمر واقع نظرا إلى أن مصلحة البلاد فوق الاعتبارات الشخصية والأصل في الشيء أن يتحمل رئيس الجمهورية مسؤولياته مما يفرض عليه مراعاة الاعتبارات التي تهم مصلحة البلاد ” .
وبين خضر أن عدم التمديد في حالة الطوارئ له انعكاسات فورية مثل انسحاب الجيش وعدم مواصلة تقديمه الإسناد إلى الجهات المدنية، ملاحظا أن تونس تعيش حالة الطوارئ بشكل إسمي أكثر منه بشكل فعلي حيث لا يقع منع التجمعات والاحتجاجات وغيرها، مبرزا أنه يمكن المصادقة على مشروع القانون المعروض على المجلس اذا سرعت اللجنة المعنية في نسق عملها.
أما عضو الكتلة الديمقراطية، النائب غازي الشواشي، فقد اعتبر أن تصريح رئيس الدولة “غيرمسؤول.. وكأنه يهدد الحكومة ومجلس نواب الشعب”. وأكد أن هذا الموقف ليس هو المطلوب من رئيس الجمهورية في ظل هذه الظروف وفي ظل عدم وجود قانون بديل، مشيرا إلى أنه “يتعين على رئيس الجمهورية تحمل مسؤولياته إذا دعت الحاجة الى إعلان حالة الطوارئ، على الرغم من ان الأمر عدد 50 لسنة 1978 غير دستوري”.
ولاحظ الشواشي أن المسؤولية جماعية، حيث يجب على البرلمان ان يتحمل مسؤوليته ويعمل على مناقشة مشروع القانون والمصادقة عليه قائلا انه “يجب الا يشعر المواطن بأن الخلاف بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي انتقل إلى مجلس الأمن القومي”.ودعا رئيس الجمهورية “إلى التعقل وتحمل مسؤولياته وعدم السعي إلى تسجيل نقاط سياسية”.
من جهته أكد رئيس كتلة الجبهة الشعبية أحمد الصديق، أن الجبهة متمسكة بملاءمة مشروع قانون تنظيم حالة الطوارئ المعروض على البرلمان مع الدستور الجديد، ملاحظا أن التأخير في المصادقة على مشروع القانون يعود إلى “رغبة الحكومة في العمل بالأمر المنظم لقانون حالة الطوارئ القديم وعدم التسريع في مناقشة مشروع القانون الجديد” .
وعبر الصديق عن استعداد كتلته للتفاعل إيجابا مع مشروع القانون الجديد والإسراع في المصادقة عليه مبينا أن البلاد تحتاج إلى قانون طوارئ يتلاءم مع الدستور ولا يعتدي على الحقوق والحريات لأفراد المجتمع.
أما عضو كتلة حركة نداء تونس، النائب الطيب المدني، فقد اعتبر أن قرار رئيس الجمهورية “صائب”، مبرزا في المقابل أن رئيس الحكومة استغل الأمر المنظم لحالة الطوارئ لسلب حرية الناس دون موجب ودون وجه حق.
واعتبر المدني أنه إذا لم يقم رئيس الجمهورية بالتمديد في حالة الطوارئ فإنه لن تكون لهذا الأمر انعكاسات خطيرة نظرا إلى وجود قوانين أخرى يمكن العمل بها إلى حين المصادقة على مشروع القانون المعروض على البرلمان، داعيا في الوقت ذاته اللجنة إلى الإسراع في مناقشة مشروع القانون والمصادقة عليه.
ولاحظ النائب حسونة الناصفي، رئيس كتلة الحرة لحركة مشروع تونس، أنه من المعلوم أن الأمر عدد 50 لسنة 1978 غير دستوري، لكن هذا ليس مبررا للتعجيل في المصادقة على قانون محوري في أمن البلاد دون أن تأخذ لجنة الحقوق والحريات وقتها في النقاشات والاستماعات، وقال “يجب عدم التسرع في المصادقة على قانون بمثل هذه الأهمية.. وإذا كان رئيس الجمهورية يرى ان التهديدات الإرهابية تراجعت بشكل يمكن من عدم التمديد في حالة الطوارئ فهو صاحب القرار”.
من جهتها بينت هاجر بالشيخ أحمد، عن كتلة الائتلاف الوطني، أن لجنة الحقوق والحريات لا يمكنها المصادقة على مشروع قانون تنظيم حالة الطوارئ قبل موعد 4 أفريل ، مؤكدة أنه قانون مهم جدا ويتطلب نقاشات معمقة واستماعات كثيرة نظرا إلى أنه يتضمن عديد الفصول التي تمس الحقوق والحريات والتي تطلق يد السلطة التنفيذية في العديد من المواقع، وبالتالي يجب أن تتم مراجعة هذا الأمر.
يذكر أن لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان قامت خلال شهري جانفي وفيفري المنقضيين بعدد من الاستماعات إلى أطراف مختلفة من بينها نقابة القضاة التونسيين ومستشار الأمن القومي لدى رئيس الجمهورية وممثلين عن وزارة الداخلية وجمعيات المجتمع المدني الحقوقية (من بينها نقابة الصحفيين)
وانتقدت مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ المقدم من قبل رئاسة الجمهورية واعتبر اعضاء هذه اللجنة ان مشروع القانون ضد الحقوق والحريات العامة ويجيز صلاحيات واسعة لوزارة الداخلية والوالي دون الأخذ بعين الاعتبار حرمة الأشخاص، ولاحظوا أنه تضمن فصولا لا تختلف في جوهرها عن الأمر عدد 50 لسنة 1978 على غرار الفصلين 6 و10.
يشار إلى ان رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، قرر التمديد في حالة الطوارئ في كامل تراب الجمهورية التونسيّة، لمدة شهر واحد، إبتداء من يوم 7 مارس 2019 إلى غاية 5 أفريل 2019، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وفق بلاغ صادر عن دائرة الإعلام والتواصل برئاسة الجمهورية.
وكان رئيس الجمهورية قد ذكر خلال اجتماع مجلس الأمن القومي أول أمس الاثنين من جهة أخرى، بأن مجلس الوزارء كان قد صادق على مشروع قانون أساسي ينظم حالة الطوارئ وأحاله على مجلس نواب الشعب منذ أربعة اشهر، وما زال الى الآن يواجه “صعوبة” في التصويت عليه من قبل البرلمان، وهو ما أدى الى مواصلة تطبيق الأمر عدد 50 لسنة 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ، رغم أن إجراءاته غير دستورية، معتبرا أن المسألة قد خرجت عن نطاق مسؤولية رئيس الجمهورية لتصبح بين يدي رئيس الحكومة والبرلمان، على حد قوله.
وأضاف قوله إنه وجه رسالة إلى كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، للفت النظر إلى أنه إلى حين حلول يوم 4 أفريل القادم كآخر أجل لحالة الطوارئ، فإنه لا يمكن التعويل مجددا على رئيس الجمهورية فيما يخص هذه المسألة.