من الطبيعي أن توجد أخطاء بسيطة بخصوص التقارير المالية لحركة النهضة، بالنظر إلى الحجم الكبير لمنخرطيها والذي يتجاوز 107 ألف منخرط”، هذا ما جاء على لسان الناطق الرسمي باسم الحركة، عماد الخميري، خلال لقاء صحفي عُقد الخميس، ردا على ما ورد بتقرير محكمة المحاسبات الصادر أول امس الأربعاء.
فقد كشفت محكمة المحاسبات، في التقرير العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملة الإنتخابية لعضوية المجالس البلدية الذي نشرته مفصلا بموقعها الرسمي أمس الإربعاء، أن وصولات التبرع وقائمة التبرعات لحركة النهضة، بين سنوات 2016 و2018، تضمنت هوية وأرقام بطاقات تعريف 68 متبرعا، بينت سجلات الحالة المدنية أنهم متوفّون في تاريخ التبرع، و منهم 25 تراوحت تواريخ وفاتهم بين 3 سنوات و11 سنة. ووفق التقرير ذاته، برّرت النهضة ذلك، ب”تولي أحد الأقارب التبرّع باسم الشخص المتوفي”.
كما تولّى الحزب في حالات أخرى، تقديم أرقام مغايرة لم ترد أصلا بوصولات وسجلات التبرع في شأن الوضعيات التي تتضمن أخطاء في تدوين المعطيات وتنزيلها.
وأرجع الحزب أن”عدم وجود بطاقات تعريف بعض المتبرعين بسجلات الحالة المدنية، إلى أخطاء في تسجيل الأرقام من قبل مصالحه الحزبية”، وفق ما جاء في التقرير.
وتوضيحا لهذا الأمر، أكد الناطق الرسمي باسم النهضة، في النقطة الإعلامية أن المخالفات التي تُسقط القائمات خلال الإنتخابات، هي فقط “المخالفات الخطيرة”، وأن الحركة رغم مشاركتها في جميع الدوائر البلدية، فإنها “لم ترتكب أخطاء فادحة تستوجب إسقاط قائماتها مقارنة بعدد من الأحزاب الأخرى”.
يذكر في هذا الصدد أن تقرير محكمة المحاسبات أشار إلى أن 138 قائمة انتخابية، دخلت الانتخابات البلدية، لم تلتزم بإيداع حساباتها المالية في الآجال القانونية، منها 80 قائمة مستقلة و43 قائمة حزبية و15 قائمة ائتلافية.
ومن بين هذه القائمات تحتل قائمات حركة نداء تونس، المرتبة الأولى ب15 قائمة تحصلت على 63 مقعدا، تليها 7 قائمات من حركة مشروع تونس، تحصلت على 19 مقعدا ثم القائمات من ائتلاف الإتحاد المدني وائتلاف الجبهة الشعبية ب6 قائمات (12 مقعدا لائتلاف الإتحاد المدني و10 مقاعد للجبهة الشعبية).
وأضاف الخميري أن الحركة ستتفاعل مع هذا التقرير، بكل روح إيجابية وستعمل على تفادي أخطائها مستقبلا، وهو ما يعكس “حرصها على تطبيق القانون وعلى ضمان حياة سياسية نزيهة وشفافة”، وفق تعبيره.
من جهة أخرى، أورد تقرير محكمة المحاسبات، بصفحته عدد 90، أنه “تبيّن أن حزب حركة النهضة تلقى خلال الفترة الممتدة بين من 25 جانفي 2018 إلى انتهاء الحملة الانتخابية، تمويلات بلغت قيمتها الجملية 2.290 مليون دينار.. كما اتضح أن 78,17 بالمائة من هذا المبلغ الجملي (أكثر من 1.5 مليون دينار)، تم إيداعها بواسطة أذون لا تحتوي على هوية المودع ورقم بطاقة التعريف الوطنية”.
ولا تسمح هذه الوضعية وفق المصدر ذاته، “من التأكد من مشروعية مصادر التمويلات”.
وردا على سؤال حول ما ورد في هذه النقطة، خلال اللقاء الصحفي للحركة، أوضح عضو مكتبها السياسي، حسام الدين التعبوري، أن للحركة “حسابا بنكيا واحدا فقط، يتولى خمسة قياديين معروفين، دون غيرهم، القيام بمختلف العمليات المالية الخاصة بالحركة”.
وأضاف التعبوري قوله: لنفترض وجود “إخلالات حقيقية” في السجلات المالية المتعلقة بحركة النهضة، أو في سياق حملتها الإنتخابية للبلديات في 2018، فإن هامش هذه التجاوزات، إن تم التسليم بها، لا يتجاوز نسبة 0.08 بالمائة أو 0.011 بالمائة من جملة 100 بالمائة من العمليات المالية للنهضة”.
من جانبه أكد الناطق الرسمي باسم النهضة، أن الحركة تسلمت نسخة أولية من ذلك التقرير، من دائرة المحاسبات، بتاريخ 22 فيرفري 2019، تم بعده تنظيم اجتماع جمع قياديين من حركة النهضة وأعضاء بهذه المحكمة بتاريخ 4 مارس 2019 ، سلمت خلاله الحركة، محكمة المحاسبات، تقريرا مفصلا بخصوص أوضاعها المالية، وردودا مفصلة بخصوص شبهات التجاوزات التي وردت بالتقرير.
وأضاف الخميري، أن الحركة تستغرب “عدم تضمّن ملحق تقرير محكمة المحاسبات، لما ورد بتقرير النهضة الذي سلمته للمحكمة”، مذكرا بأن النهضة “طلبت عقد لقاء ثان مع محكمة المحاسبات، قبل نشر تقريرها النهائي، إلا أن ذلك لم يتم، لأسباب يجهلها الحزب”.
وفي سياق متصل، اعتبر الخميري أن عدم تضمن تقرير المحاسبات، لشبهات تمويل لحركة النهضة من الخارج، “يؤكد وطنية الحركة والتزامها بالديمقراطية”، وأن ذلك يفنّد تماما ما وصفه ب”الإتهامات المغلوطة التي تروجها بعض وسائل الإعلام وأحزاب منافسة، بخصوص تلقي الحركة تمويلات من جهات أجنبية”.
يُذكر أن أحكام الفصل 24 من المرسوم عدد 87، المتعلق بالأحزاب السياسية، تنص على أن ” الحزب السياسي يمسك سجل المساعدات والتبرعات والهبات والوصايا، ويذكر قيمتها وأسماء الأشخاص الصادرة عنهم”.
كما يُشار إلى أن محكمة المحاسبات، نظمت أمس الأربعاء، ندوة صحفية، قدّمت خلالها ملخصا للتقرير العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملة الإنتخابية لعضوية المجالس البلدية في 2018 ، تزامنا مع نشرها للتقرير مفصلا على موقعها الرسمي بشبكة الأنترنات.
وكانت المحكمة قدمت نسخا من هذا التقرير الى الرئاسات الثلاث في مستهل الأسبوع الجاري.