أكّد وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي، في محاضرة ألقاها أمس الاثنين، في المعهد الوطني للخدمة الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأرجنتينية، أن تجربة الإنتقال الديمقراطي في تونس “أعطت مثالا قويًا على أن الإسلام والديمقراطية يمكن أن يتعايشا جنبا إلى جنب”.
وأفاد الجهيناوي، الذي يؤدّي زيارة رسمية الى الأرجنتين يومي 6 و7 ماي الجاري، بدعوة من نظيره خورخي فوري، بأن هذه التجربة “هي نتاج التقاء جملة من العوامل الداخلية التي جعلت منها تجربة ناجحة أمكن لها أن تكرس نموذجا فريدا للتغيير السياسي”.
وذكر بأن تونس اتبعت بعد الثورة “منهجا توافقيا جنّب المسار الديمقراطي الإنزلاق نحو الفشل، وجلب لها إشادة دولية على أعلى مستوى، من تجلياتها حصول الرباعي الراعي للحوار الوطني على جائزة نوبل للسلام سنة 2015” .
واستعرض المكاسب العديدة التي حققتها تجربة الإنتقال الديمقراطي في تونس، مشيرا في هذا الصدد إلى سنّ دستور 2014 الذي قال إن فصوله تكرس القيم العالمية للديمقراطية، من خلال التنصيص على حرية الضمير والمعتقد والعبادة وإقرار المساواة بين الجنسين، وحسم النقاش حول جدلية الدين والسياسة من خلال التمسك بأن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وسيادة القانون.
كما تطرق الوزير إلى جملة التحديات التي عرفتها تونس ما بعد الثورة، وفي مقدمتها مواجهة خطر الإرهاب، الذي قال إنه يقتضي تعاونا إقليميا ودوليا واسعا، مؤكدا أن الوضع الأمني في تونس عرف تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وإستعادة تونس صورتها التقليدية كبلد سياحي آمن.
وأشار الى وجود عديد التحديات التي ما تزال تواجه تونس، وفي مقدمتها الإستجابة لإنتظارات الشباب التونسي في مجال التشغيل وتحقيق الإنتقال الإقتصادي وخلق التنمية لمجابهة المطلبية الإجتماعية.
وبخصوص السياسة الخارجية لتونس، أكد الجهيناوي أن ديمقراطية تونس الناشئة تبقى ملتزمة التزاما راسخا باحترام القانون الدولي والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، مبرزا استعداد تونس للانضمام إلى مجلس الأمن كعضو غير دائم للفترة 2020-2021 .
وبين أن الدبلوماسية التونسية ستركز على بعض الأولويات المتعلقة خاصة بتعزيز السلام في العالم والتسوية السلمية للنزاعات، بما في ذلك النزاعات في إفريقيا والشرق الأوسط، إلى جانب تعزيز مشاركة المرأة والشباب في عمليات حفظ السلام، ومواجهة التحديات الناجمة عن خطر الإرهاب وتغير المناخ والتهديدات السيبرانية للأمن والتنمية الدوليين.
وفيما يتعلق بالتحديات الخارجية، أبرز الجهيناوي بالخصوص دقة الوضع الأمني الذي تمر به ليبيا وتأثيراته المباشرة على تونس، مجددا التأكيد على ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى إستئناف المسار السياسي في هذا البلد برعاية الأمم المتحدة حتى يستعيد إستقراره ويتجه نحو بناء مؤسساته.
كما أثنى في ختام محاضرته، التي واكبها عدد من سامي المسؤولين الأرجنتينيين وثلة من الأكاديمين والباحثين وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين بالأرجنتين، على العلاقات الممتازة التي تجمع تونس بعدد من دول أمريكا اللاتينية، وفي مقدمتها الأرجنتين الذي تجمعه مع تونس علاقات ديبلوماسية عريقة تعود إلى سنة 1961، معربا عن تطلعه لأن تكون هذه الزيارة التي تعد الأولى من نوعها لوزير خارجية تونسي منذ سنة 1995، إنطلاقة جديدة للعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.