وجهت الهيئة العليا المستقلّة للإتصال السمعي والبصري (الهايكا)، إنذارا بالتوقف الفوري عن البث لقناتي “نسمة” و”الزيتونة” ولإذاعة “القرآن الكريم”، قبل اتخاذ الإجراءات القانونيّة المستوجبة في شأنهم، نظرا لبثّهم خارج إطار القانون.
وأوضحت “الهايكا” في بيان لها اليوم الخميس، أن القناة التلفزية الخاصة “نسمة” استأنفت البث خارج الإطار القانوني، ودون الحصول على إذن في ذلك من الهيئة، متعللة بأنها قدمت لها وثائق تفيد انطلاقها في عملية تسوية الوضعية القانونية للشركة المستغلة للقناة.
وأكدت أنّ الوثائق التي قدمها الممثل القانوني لقناة “نسمة” غير مستوفاة للإجراءات والشروط التي تقتضيها القوانين الجاري بها العمل، وهو ما يؤشر على التمادي في المماطلة وعدم الجدية في التعاطي مع الملف.
كما عتبرت أن إعلان صاحب القناة نبيل القروي عن نيته الترشح للانتخابات القادمة، يؤكد وجاهة قرارات وبيانات الهيئة بعد أن حول رسميا وفعليا قناته إلى جهاز دعاية سياسية لشخصه، مستغلا الفئات المهمشة والمفقرين للمتاجرة بمآسيهم، وهو ما يتعارض مع القانون ومبادئ كرامة الانسان، ويكتسي تهديدا للمسار الديمقراطي برمته، علاوة على ما يشكله من مس بنزاهة المنافسة الانتخابية وتكافؤ الفرص بين مختلف المترشحين.
وبينت “الهايكا” أن قناة “نسمة” التي تبث خارج اطار القانون، لا تشكل حالة منفردة في المشهد السمعي والبصري، بل ينضاف لها كل من قناة “الزيتونة” المدعومة من قبل حركة النهضة وإذاعة “القرآن الكريم” لصاحبها سعيد الجزيري الأمين العام ل “حزب الرحمة”، وهو ما يضاعف من خطورة هذا التوجه ويبتعد بوسائل الاعلام عن دورها الاساسي المتمثل في إنارة الرأي العام ودعم إرادة الناخب في الاختيار.
وفي هذا الصدد، دعت “الهايكا” جميع القنوات التي تبث خارج إطار القانون، إلى التوقف الفوري عن البث، وذلك قبل اللجوء مجددا لاتخاذ الإجراءات القانونية المستوجبة، مؤكّدة في الآن نفسه على ضرورة قيام مؤسسات الدولة بالدور المناط بعهدتها وفق أحكام الدستور.
من جهة أخرى، طالبت “الهايكا” بالتسريع في وضع القانون المنظم للقطاع السمعي البصري، ودعت رئاسة الحكومة الى الإسراع في إمضاء عقد الأهداف والوسائل المتعلق بالرئيس المدير العام لمؤسسة التلفزة التونسية، وذلك قصد إرساء حوكمة تكرّس مبادئ الديمقراطية وتنأى بهذا المرفق الإعلامي العمومي عن كل التجاذبات السياسية.
كما حثت رئاسة الحكومة على التعجيل في تفعيل إلحاق إذاعة “الزيتونة” للقرآن الكريم بالمرفق الإعلامي العمومي، وعدم الرضوخ للحسابات السياسية الضيقة، إضافة إلى الحسم في ملف إذاعة “شمس أف.أم” بما يضمن استمراريتها ويحفظ حقوق العاملين فيها.
ودعت إلى التسريع بوضع القانون الملائم لتنظيم عمليات سبر الآراء ضمانا لشفافيتها، موصية وسائل الإعلام السمعية والبصرية بالتعامل الحذر مع نتائج قياس نسب الاستماع والمشاهدة، والالتزام بقرار الهيئة عدد 1 المؤرخ في 12 جوان 2017 ، والمتعلق بضبط المعايير ذات الطابع القانوني والتقني لقياس عدد المتابعين لبرامج منشآت الاتصال السمعي والبصري، والصادر في الرائد الرسمي عدد 53 لسنة 2017.
وشددت “الهايكا” للرأي العام التونسي، على أنها لن ترضخ للضغوطات المسلطة عليها من قبل بعض الأحزاب والمنظمات، وأنها ستواصل عملها وفق القانون، داعية منظمات المجتمع المدني والأحزاب المناصرة للديمقراطية، الى فضح هذه اللوبيات ومراكز الضغط الخفية، التي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على مؤسسات الدولة وعلى المسار الديمقراطي، وفق تقديرها.