تاهل المنتخب التونسي لكرة القدم الى الدور ثمن النهائي لمنافسات النسخة 32 لكاس امم افريقيا التي تحتضنها مصر الى غاية 19 جويلية الجاري حيث جاء التاهل بعد انهاء الدور الاول في المركز الثاني ب3 نقاط من 3 تعادلات مع انغولا ومالي وموريتانيا مشفوع بمردود متواضع مما يثير الحيرة والاستفهام والغموض في شان مستقبل المباريات وابرزها لقاء غانا في الدور القادم.
ومر المنتخب الوطني التونسي مرة اخرى بجانب الحدث حيث كانت مباراة موريتانيا فرصة للاعبين من اجل الدخول الحقيقي في الدورة بالنظر الى عوامل اساسية ابرزها فارق الخبرة ضد منتخب “المرابطون” الذي يشارك لاول مرة في نهائيات كاس امم افريقيا، الا ان هذه الانتظارات ذهبت سدى نظرا للمستوى الهزيل الذي ظهر به المنتخب التونسي في لقاء امس.
وتواصلت تغييرات المدرب الان جيراس صلب التشكيلة الاساسية بطريقة اثارت مرة اخرى عديد الاستفهامات حيث اعتمد على كريم العواضي كلاعب ارتكاز ثان وهو لاعب ذو خصال دفاعية بالاساس غير ان واقع المباراة كان يفرض عليه الاعتماد على عنصر ذي نزعة هجومية. كما دفع باللاعب بسام الصرارفي مع تغيير مركز وهبي الخزري الى قلب هجوم وهو ما جعله يفقد العمق الهجومي والذي تفطن اليه في الشوط الثاني وبادر باقحام الخنيسي.
ان التغييرات المتواصلة للمدرب الان جيراس على امتداد مباريات الدور الاول تؤكد انه كان غير متمكن من مؤهلات لاعبيه وعاجز على حسن توظيفهم ومع ذلك تفصى من المسؤولية الفنية مبينا خلال الندوة الصحفية التي عقبت المباراة ان “اسلوب لعب المنتخب التونسي لا يتماشى مع امكانيات اللاعبين الذين يفتقدون للمهارات اللازمة لاتباع طريقة لعب الهجومات المركزة”، وهو تعليل يثير اكثر من استفهام ويزيد في تعقيد العلاقة الفنية وحتى الاتصالية بين جيراس ولاعبيه.
وتجدد بمناسبة لقاء الامس ضد موريتانيا ذلك الوجه الشاحب للمنتخب التونسي حيث ترك زملاء مرياح المجال فسيحا للمنتخب الموريتاني الطموح، للسيطرة على مجريات اللعب. ورغم محدودية الامكانيات الفنية لابناء الفرنسي مارتينيز كورنتان الا انهم ظهروا بمستوى رفيع وخلقوا عديد المحاولات السانحة للتهديف ولولا تالق الحارس معز حسن لاهتزت الشباك التونسية في اكثر من مرة بفضل جولات مهاجمي المنتخب الموريتاني في عمق الدفاع التونسي الذي بدا هو الاخر سهل الاختراق من جانب الثنائي اسماعيل دياكيتي لاعب اتحاد تطاوين واداما با لاعب جيرانس سبور التركي وخليل مولاى احمد لاعب مستقبل قابس واحسن لاعب في اللقاء مصطفى دياو لاعب نواق شط كينغز الموريتاني.
ولعل ما يزيد في درجات الحيرة، ذلك المستوى المتواضع الذي قدمه المنتخب التونسي بل والمتدني مقارنة بلقاء مالي. ففي الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر استفاقة فنية وبدنية بعد الوعود التي قدمها الان جيراس والمعد البدني فراس بالي ببلوغ المنتخب التونسي ذروة جاهزيته البدنية بداية من لقاء موريتانيا، خابت تلك الوعود امام اداء باهت وغياب النسق والمحاولات الهجومية الصريحة الا ما ندر، وهو ما يعد مؤشرا سلبيا غير مطمئن بالمرة بالنسبة لمستقبل المنتخب التونسي في النسخة 32 لكاس امم افريقيا رغم التاهل الى ثمن النهائي.
وان مبادرة الجامعة التونسية لكرة القدم باقالة المعد الذهني دافيد مارسال بسبب ما اسمته التدخل في الامور الفنية وعدم اضطلاعه بدوره في التحضير الذهني يؤكد ان الامور ليست على مايرام صلب الجهاز الفني للمنتخب التونسي وانذارا صريحا للمدرب الان جيراس وربما عملية تحضير للاستغناء عنه في المستقبل القريب لاسيما وان الجميع يدرك عمق العلاقة المهنية بين جيراس والمعد الذهني مارسال.
ومهما يكن من امر قرار الجامعة التونسية لكرة القدم ووجاهته في هذا الظرف بالذات حيث انه سيزيد في تعميق الازمة صلب الجهاز الفني للمنتخب التونسي فان الواضح ان الان جيراس لا يتحمل وحده المسؤولية وبالتالي عبثا تحاول الجامعة التونسية لكرة القدم ايجاد شماعة للفشل …بل ان لاعبي المنتخب التونسي هم الذين يتحملون مسؤولية هذا المستوى المتدني الذي تابعناه اذ ان غياب الروح والعزيمة وارادة الانتصار لديهم لا يمكن تبريره الا بتفسير وحيد وهو محدودية امكانياتهم الفنية.
وان المؤشرات السلبية التي ارتسمت في مشوار المنتخب التونسي خلال الدور الاول لكان مصر تزداد سوداوية اذا ادركنا ان المنافس القادم في ثمن النهائي هو المنتخب الغاني متصدر المجموعة السادسة والذي لن يشبه في كل الحالات لا منتخب مالي ولا انغولا ولا موريتانيا ! ويبقى مع ذلك بصيص الامل في ان يقدم زملاء نعيم السليتي مردودا افضل واداء مشرفا في ثمن النهائي مهما كان مال التاهل الى ربع النهائي الذي يلوح صعبا لاسباب ذاتية وموضوعية.