“التونسيات والسياسة” و”لا أحد استقال … ولا أحد انشق” و”راشد الغنوشي في مواجهة الحرس القديم … هل يتخلى الغاضبون عن منطق الرفض المطلق … والمكتب التنفيذي عن حالة التجاهل؟” و”حادثة سوسة … وضرورة ردع السراق”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
أشارت جريدة (المغرب) في افتتاحيتها اليوم، الى أنه لا شك في أن استشراء ثقافة المواطنة وارتفاع الاصوات المطالبة بتجسيد المساواة على أرض الواقع قد حفز فئة من التونسيات على اقتحام المجال السياسي واثبات حقهن في الترشح وقيادة الحملات وخوض تجربة التفاعل مع الجماهير والرد على الخصوم الذين يعتبرون النساء وافدات على السياسة ولسن مؤهلات بعد لخوض هذه التجارب مبرزة أن المشاركات في المجلس التأسيسي مهدن الطريق أمام الاخريات فجعلتهن يطمحن في أن يكن من “شهيرات التونسيات” .. فاعلات داخل الاحزاب وذوات سلطة.
وأضافت أن أداء المشاركات في “السباق الانتخابي” الحالي يستوقف الملاحظين بالنظر الى أن الاساليب مختلفة عن السابق وتنحو منحى كسر القيود الصارمة وتغيير الصور النمطية مشيرة الى أنه من غير المألوف أن تقود الواحدة حملتها الانتخابية بالاعتماد على عناصر فلكلورية فتظهر في صورة الفارس حينا وفي صورة المؤدية للاغاني حينا آخر، ومن غير المتوقع أيضا أن يمسرح الفعل السياسي وتتجلى الاحتفالية على الركح السياسي (أغاني، رقص، أزياء متعددة…) في زمن حرص فيه القوم على “التقاليد السياسية والاعراف” وليس من المعتاد أن تمهل الواحدة من موقع “الفاعلة الجمعاوية” لتفرض نفسها على عالم السياسة وسياستها في ذلك المال والعزوة والعدد، ولئن توسلت كل واحدة بأساليب مختلفة فان المشترك هو الرغبة في امتلاك السلطة وتحقيق الزعامة على قدم المساواة مع بقية الخصوم.
وأبرزت أنه سواء كانت هذه الفئة من النساء فاعلات ومتزعمات للاحزاب وقيادات يخططن للقيام بالمناورات أو مجرد أرقام في المعادلة السياسية مستلبات ومفعولا بهن فان الوعي النسائي يبقى محدودا لانه لم ينبثق عن نضال التونسيات منذ الاستعمار ولم يخرج عن المركزية الذكورية وأساليبها في تحقيق الهيمنة معتبرة أن هذا الوعي يبقى مزيفا لانه يظل وفيا للنظام الجندري الذي يعتبر الرجل وحده ممثل القيم المعيارية وهو صانع السياسة والمكلف بالتدبير السياسي وهو أيضا صاحب الامتيازات، أما المرأة فهي الاخر الدخيل والتابع والوافد على عالم السياسة والتي لا يمكن أن تبتكر تصوراتها وقيمها واستراتيجياتها اذ تظل متماهية مع الانموذج الذكوري غير قادرة على القطع معه، وفق ما ورد بالصحيفة.
ونقلت (الصحافة) في افتتاحيتة عددها اليوم، عن مفسرين ومحللين سياسيين اجماعهم على بداية انهيار الاخوانية في تونس وأنها بصدد “التشقق” تماما كما حدث لعدد من الاحزاب المدنية التي أخذتها معاركها الداخلية حول “الزعامة” الى منطقة التلاشي على غرار “نداء تونس” مشيرة الى أن كل المنابر الاعلامية وكل “عتاه” التحليل السياسي اتفقوا على أن حركة النهضة قد أصابتها لعنة التشقق وهي تتحرك على الطريق السريعة المؤدية الى تفجرها وأن معاركها قد بدأت تخرج للعلن بعدما كسر عدد من قيادييها جدار الصمت والتردد معلنين “العصيان” في حركة انقلابية غاضبة على “شيخهم العراب” المستبد بالرأي والحركة بين يديه يعجن قراراتها وخياراتها دون استشارة أو انارة.
وأضافت ان المحللين يعولون في استنتاجاتهم المجمعة على بداية “تشقق” الحركة الاخوانية على “ردود فعل” غاضبة لعدد من قياديي “الصف الاول” على غرار عبد اللطيف المكي وسمير ديلو ولطفي زيتون وحياة العموري وعبد الحميد الجلاصي وقد لوحوا جميعهم بالاستقالة أو الانسحاب من الحركة بسبب تدخل “الشيخ” في تغيير القائمات الانتخابية وفي تبديل رؤوسها أو في اقصاء عدد من الاسماء التاريخية وتهميشها.
واعتبرت أن الواقع أن هذه القراءات قد سقطت في “فخ” نصبته الحركة لخصومها وألقت به أمام الرأي العام لجس النبض وللمناورة ولاعادة تكييف ما تبقى من الوقت لصالحها كما أن هذه الاستنتاجات التي ذهبت اليها هذه القراءات المتسرعة لم تراع أو هي غفلت عن سؤال مركزي جوهري وأساسي في تعاطيها مع معطيات الغضب التي تسوق لها في الواقع الحركة وتروج لها وتدبرها بنجاعة وهو هل نحن ازاء حزب سياسي مدني ككل الاحزاب المدنية المجاورة في مستوى التنظيم والهيكلة والانخراط وفي اسلوب التفكير والتدبير حتى نتحدث عن انشقاقات وانسحابات كتلك التي حدثت في “نداء تونس”، حسب ما جاء بالصحيفة.
وفي سياق متصل، تطرقت جريدة (الصباح)، الى الخلاف الدائر داخل حركة النهضة الذي لا يزال يلقي بظلاله على الحزب أياما قليلة قبل الاعلان عن القائمات الانتخابية المقررة لتشريعية 2019 مشيرة الى أن الحركة قد حاولت جاهدة الضغط على محاور الازمة لتجنب دوي الانفجار داخل مكتبها التنفيذي والذي انتهج سياسة الهروب الى الامام حسب الغاضبين في حين يرى آخرون أنه طبق فصولا قانونية صوتت عليها الحركة منذ مؤتمرها العاشر والذي أتاح نظامها الاساسي من خلال الفصل 112 أحقية تدخل المكتب التنفيذي لادخال التعديلات اللازمة في القائمات المرشحة بما يخدم الحركة ويؤسس لاستقرارها وانتشارها داخل الوسط الانتخابي.
وأضافت، في سياق متصل، أن غير ذلك لم يحصل بعد أن أعلنت قيادات نهضوية العصيان ضد أعضاء من المكتب التنفيذي وأساسا رئيس الحركة، راشد الغنوشي، والذي وجد نفسه في مواجهة مفتوحة مع الغاضبين ممن رفضوا الامتثال لقرارات ومخرجات الفصل 112 مبينة أن هذا الفصل وبالرغم من حساسيته سياسيا فقد حظي بموافقة أغلبية المؤتمرين وهو ما أعطاه سلطة وشرعية المؤتمر العاشر.
وتساءلت الصحيفة هل ينجح المكتب التنفيذي في اعادة التوازنات السياسية للحركة عبر التجاوز وفرض القانون وتجنب ثغرات أخرى في جدار النهضة وهل يتراجع الغاضبون عن موقفهم المعلن امتثالا للقانون.
وأفادت جريدة (الشروق) في مقالها الافتتاحي، أن حادثة مقتل الشاب السارق على يد المحامي في منزله بسوسة لم تكن لتثير كل هذه الضجة الشعبية والقانونية ولتخلق جدلا واسعا حول مسالة “الدفاع الشرعي” ولتثير المخاوف والفزع لدى الرأي العام لو كان تطبيق القانون تجاه السرقات والعنف والبراكاجات والنشل متشددا وصارما وبشكل يردع مثل هذه الجرائم القاسية والمؤلمة أو على الاقل يقلل منها الى حد كبير.
وأضافت أن آلاف الجرائم تضرر منها كبار في السن وشبان ونساء ورجال وتلاميذ وتلميذات وطلبة وعاملات مصانع وحراس وسواق تاكسي وركاب النقل العمومي وغيرههم ممن لا تتوفر لديهم أسباب الحماية الضرورية ومنهم من توفي أو تشوه أو أصيب باعاقة بسبب طعنة خلال عملية “براكاج” في الشارع أو أثناء مداهمة منزله أو مقر عمله أو سيارته من أجل السرقة.
وأشارت الى أن انتشار مثل هذه الجرائم في تونس تحول الى ظاهرة خطيرة تلقي بظلالها على الشأن العام اقتصاديا واجتماعيا فكل مدن الجمهورية بما في ذلك العاصمة والمناطق السياحية تتحول منذ الساعة الثامنة تقريبا الى مدن “أشباح” تغلق فيها المحلات التجارية وتتوقف فيها أغلب سيارات الاجرة عن العمل وتوصد فيها أبواب المنازل باحكام من الداخل وتتوقف الحركية التجارية والاقتصادية وأغلب الخدمات وتمتنع العائلات عن الخروج للسهر والترفيه وتغيب ليلا المظاهر الاحتفالية المختلفة وكل ذلك بسبب الخوف من الجريمة.
وبينت أنه رغم ما تقوم به السلطات الامنية في تونس من جهود لمكافحة مثل هذه الجرائم ولايقاف المجرمين في وقت وجيز وتقديمهم للعدالة وما يقوم به القضاء من دور لردعهم الا أن بعض النقائص التنظيمية واللوجستية مازالت تكبل العمل الامني والقضائي في هذا المجال فأغلب مراكز الامن أصبحت تغلق ليلا والدوريات الليلية المتحركة عبر الشوارع وفي الاحياء الشعبية والراقية عادة ما تشتكي من ضعف وقلة الامكانيات مثل السيارات الامنية والزاد البشري لتامين مختلف المناطق، وفق ذات الصحيفة.