“هل يؤمن السياسيون بمبدا التداول على السلطة؟” و”بعد الانتخابات القادمة … هل لنا أن نأمل في مشهد حزبي وسياسي سليم؟” و”رئيس الغرفة الوطنية للمذابح ومحولي اللحوم … منظومة لحوم الدواجن دخلت مرحلة الانهيار … وشركات في طريقها الى الافلاس” و”عدم ختم السبسي لتعديلات القانون الانتخابي … رفض للاقصاء أم تصفية حسابات؟، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الاربعاء.
أثارت جريدة (المغرب) في افتتاحية عددها اليوم، استفهاما جوهريا حول مدى امكانية القول بأن التونسيين يؤمنون بمبدا التداول على المناصب وهل نعمل بالفعل على ترسيخ هذا المبدا في مؤسساتنا وهياكلنا وسائر الفضاءات التي تسمح لنا بالاضطلاع بالمسؤوليات السياسية الحزبية أو العلمية أو الديبلوماسية أو غيرها؟ وهل استطعنا خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي أن نحول التداول على المناصب الى ممارسة فضلى؟.
وبينت أن الجامعات على سبيل المثال تكرس تقليدا وهو أنه كل ما انهى عميد مدته حتى استعد لخوض غمار الانتخابات الجديدة مرشحا نفسه من جديد وكذلك بالنسبة الى رئاسة الاقسام ورئاسة الجامعات وتقلد مناصب مختلفة في سائر المؤسسات المختلفة بل وصل الامر الى تفعيل آلية المناشدة للضغط على وزيرة حتى تمدد لاحداهن فتواصل ترؤس مركز بحث.
وأضافت أن المتابعين للمشهد السياسي في تونس عاينوا ممارسة جديدة اذ كل ما أقيل رئيس حكومة من منصبه الا وعاد من خلال الانشطة الحزبية ليتحمل أمانة الحزب أو يترأس قائمة أو يترشح للرئاسية مشيرة الى كثرة عدد نواب مجلس الشعب والوزراء وقياديو الاحزاب الذين قرروا الترشح من جديد حتى أنه صار من الايسر احتساب المنسحبين من النشاط السياسي فهم يمثلون الاقلية في سياق هرولت فيه الاغلبية نحو سباق الترشح حيث يتساءل البعض ما المانع في اعادة الترشح والرغبة في تقلد المناصب؟ أليس الامر ذا صلة بحق كفله الدستور؟.
واعتبرت أن الاصرار على الترشح لاكثر من دورة لا تفسير له سوى أن الفاعل السياسي ما عاد بامكانه الاستغناء عن السلطة و”أضواء الشهرة” والاحاسيس التي تغمر كل من اختبر التموقع في دوائر السلطة مشيرة الى أنه ليس من اليسير على من كان في الصدارة وفي بؤرة الاهتمام أن يفارق هذا المنصب كما يتضح أن القوم لم يعودوا مكترثين بمواجهة السلطة بقدر ما أضحوا تحت أسر السلطة لا يستطيعون التحرر من اغرائها ورهاناتها واكراهاتها.
وأبرزت أن دلالات التداول على المناصب قد تغيرت قبدل أن يبادر المرء من تلقاء نفسه بتوفير الفرصة لغيره حتى يخوض تجربة العمل السياسي فيسانده ويمرر له تجربته صار على العكس من ذلك متمسكا بالسلطة الى آخر رمق سادا أمام الاخرين كل المنافذ، وفق ما ورد بالصحيفة.
وأفادت جريدة (الشروق) في ورقة خاصة، أنه مع دخول المسار الانتخابي مرحلة قبول الترشحات للانتخابات التشريعية يزداد الانقسام توسعا بين خبراء القانون والفاعلين السياسيين والرأي العام في تقييم امتناع رئيس الجمهورية عن ختم التعديلات القانون الانتخابي بين شق يرى في العملية حماية للانتقال الديمقراطي من الممارسات الاقصائية ومن يراه يصفي حسابات سياسية عبر خرق صريح للدستور.
وأضافت أن الرأي الاول الذي دافع عنه بيان حزب نداء تونس الاخير بوضوح يذهب في الاقرار بأن ختم رئيس الجمهورية للقوانين والاذن بنشرها في الرائد الرسمي ليس مجرد اجراء شكلي مشيرة الى أن هذا الرأي هو محاولة لاسقاط فقه القضاء الفرنسي الذي يخول لرئيس الدولة تاويل القوانين والمراسيم التي لا تمر عبر المجلس الدستوري.
واعتبرت الصحيفة، أن تبرير امتناع رئيس الجمهورية عن ختم تعديلات القانون الانتخابي يسلك مسار المحاججة السياسية بان الباجي قايد السبسي أحد أبرز زعماء عدم الاقصاء وهو الذي دافع عن هذه الفكرة مرارا وتكرارا بل ان اسقاط قانون العزل السياسي الاقصائي سنة 2014 كان أحد أهم الاسباب في وجود الباجي قائد السبسي في قرطاج اليوم مبينة أنه من هذا المنطلق تكشف العديد من المحطات السياسية انتصار، الباجي قائد السبسي، لرفض الاقصاء بداية برفض الاغراءات الاجنبية في عزل حركة النهضة بعد نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية التي منحته الاغلبية مرورا بتمسكه بضرورة مشاركة كل القوى السياسية والاجتماعية دون اقصاء المشهد السياسي وصولا الى مبادرة الوحدة الوطنية وسن قانون المصالحة الادارية حماية للانتقال الديمقراطي.
وأشارت الى أنه اذ ارتكز الطرح الاول على مقاربة سياسية فان الراي المقابل الثاني ينطلق من المعطى القانوني ليفسر المعطى السياسي مضيفة أن ختم رئيس الجمهورية للقوانين والاذن بنشرها في الرائد الرسمي صلاحية شكلية لاتقبل التاويل في رايهم والا صارت كل القوانين في مرمى الاهواء والتاويلات الشخصية.
واكدت الصحيفة، أنه من هذا المنطلق يكون خرق رئيس الجمهورية للدستور ثابتا كما ذهبت الى ذلك مواقف حزبي النهضة وتحيا تونس وعدد من خبراء القانون الدستوري لاسيما ان القانون الانتخابي المعدل استوفى جميع اجراءاته القانوني مرورا بمصادقة السلطة التشريعية عليه وصولا الى قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القانون فيه والتي أكدت دستوريته ليكون عدم ختمه من رئيس الجمهورية بمثابة الامتناع وليس بموقف لاسيما ان الدستور اتاح بوضوح مختلف صيغ التعامل مع القوانين لدى رئيس الجمهورية.
وحاورت جريدة (الصباح) من جهتها، رئيس الغرفة الوطنية للمذابح ومحولي اللحوم، فتحي غريب، الذي أكد أن منظومة لحوم الدواجن دخلت مرحلة الانهيار والافلاس بعد ازمة طالت المؤسسات والمذابح والمربين مردها التوريد العشوائي وتهريب بيض التفريخ من القطر الجزائري الذي أغرق السوق دون رقابة صحية مشيرا الى تنامي هذه الظاهرة خلال السنوات الاخيرة.
وأضاف، فتحي غريب، أن ظاهرة التهريب تسببت في افلاس عدد من الشركات التونسية التي تزود السوق الوطنية باللحوم البيضاء مؤكدا فشل الدولة في التصدي لظاهرة الذبح العشوائي الامر الذي كبد المذابح خسائر كبيرة.
وشدد، في سياق متصل، على أن تدخلات الدولة لانقاذ القطاع تكاد تكون مخجلة فعوض ان تهدف الى النهوض بالقطاع زادت في ازمته من خلال التوريد العشوائي للحوم البيضاء التي تمر عن طريق المذابح الرسمية بل متأتية من الخارج عبر شركات أجنبية ليتم في ما بعد ترويجها في السوق التونسية وهو مازاد في اغراق القطاع ووضع المستثمر التونسي على حافة الافلاس.
وطالب المتحدث بضرورة التصدي للسوق الموازية التي تعرض منتوجات مهربة من القطر الجزائري وغير المراقبة صحيا والتي تشكل خطرا كبيرا على صحة التونسي فضلا عن ضرورة التفكير في اعادة هيكلة القطاع والنهوض بالشركات التونسية.
وتساءلت جريدة (الصحافة) في مقال لها، هل يمكن اعادة تشكيل مشهد سياسي وحزبي سليم ودائم بعد الانتخابات القادمة يقطع مع كل هذه الممارسات والسلوكات الحزبية والسياسية التي كست المشهد السياسي وأفقدته نجاعته ومصداقيته وسلبت ثقة طيف واسع من التونسيين في الطبقة السياسية التي تحكمهم؟.
وقد اعتبر المحلل السياسي، حسان القصار، أن الانتخابات القادمة تمثل محطة جديدة ستقضي على أحزاب وستنشىء تحالفات وأحزاب أخرى كل حسب مصلحته وأين يرى موقعه وحسب قناعاته مشددا على أن الخماسية القادمة ستعيد ما شهده التونسيون في 2014 اذ في نظره لن يكون هناك تغيير بنفس هذه الوجوه ونفس المجموعات التي تنتقل من حزب الى آخر حسب المصلحة وستكرر المهزلة نفسها باعتبار عدم طرح بدائل مقنعة.
وأضاف القصار، أن الخروج من هذه الوضعية والهاوية التي سقطت فيها البلاد يستوجب التغيير الكلي للمنظومة التي جاءت بعد 2011 وعبر اعادة بناء الدولة واعادة هيبتها من جديد وعبر اعادة قوانين تسمح لرئيس الجمهورية أن يكون له دور فاعل دون مخاتلة وتسمح لرئيس الحكومة أن يقوم بدوره دون أن يفتح ذلك الصراع مع المؤسسات الاخرى وأن يكون البرلمان ممثلا حقيقيا للشعب وأن يكون النائب في خدمة الشعب لا أن يترشح من أجل تحسين وضعه الاجتماعي أو تحقيق مكاسب مادية كان يفتقدها سابقا.