“بعد وفاة رئيس الجمهورية … تونس نحو توازنات سياسية فيها الكثير من المفارقات” و”لماذا يتجاهلها الغرب؟ … تونس نموذج ديمقراطي مشرق في سياق العتمة” و”الارث الثقيل” و”بعد رحيل الباجي .. ليس رئيسا كل من شاء”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء.
اعتبرت جريدة (الصحافة) في مقالها الافتتاحي، أن الصورة التي بدا عليها الشعب التونسي وهو يشيع أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي الى مثواه الاخير “صدمت” العالم والصدمة هنا في معناها الايجابي العميق بل جعلت الكثير من الذين أسقطوا تونس من حساباتهم أو راهنوا على فشلها الذريع في المرور بنجاح من أزماتها الشائكة يراجعون الكثير من تمثلاتهم عن هذا الشعب مشيرة الى أن صورة الجنازة الوطنية المهيبة التي جالت تلفزات العالم كانت كفيلة بأن تغير الكثير من التصورات الخاطئة والتفاف الجميع على اختلاف المشارب والتوجهات ومن جميع الجهات والفئات حول الرئيس الراحل في وداعه الاخير بكل ما يحمله من معنى ورمز كان من دواعي التأمل والتدبر من قبل الكثير من الاوساط والشخصيات الاعتبارية في العالم.
وأضافت أن تونس قد عاشت في محطات تاريخية كبرى مثل هذا الاحتفاء كما حدث ابان الثورة التونسية أو لدى حصول الرباعي الراعي للحوار على جائزة نوبل للسلام ولكن استثمار ذلك الاهتمام كان دوما دون المأمول واليوم على الفاعلين السياسيين أن ينشغلوا أكثر من أي وقت مضى بالاشتغال على هذه الصورة الرمزية التي تكرست في مشهدية باذخة ابان توديع الراحل الكبير الرئيس الباجي قائد السبسي وهو الذي كرس حياته لدعم تونس وشاءت الاقدار أن يكون اكبر داعم لهذه الصورة وهو يودع الى مثواه الاخير.
واعتبرت في هذا الصدد أنه لا حل لنا جميعا سوى انجاح الاستحقاق الانتخابي المفصلي بكل السبل الى جانب تحسين تسويق صورتنا الحضارية المشرقة واستثمارها لتحقيق عوائد مادية ومعنوية، وفق ما جاء بالصحيفة.
وأثارت، ذات الصحيفة، في مقال بصفحتها الرابعة، استفهاما جوهريا حول مستقبل الوضع السياسي في البلاد خاصة وأن وفاة الرئيس تزامنت مع الاعداد للانتخابات ونقلت عن المحلل السياسي، الجمعي القاسمي، قوله ان تونس ودعت نهاية الاسبوع المنقضي رجل التوازنات الصعبة في فترة معقدة فيها الكثير من التشابك السياسي مما أضفى الكثير من الضبابية والغموض على مجمل المشهد السياسي عشية انتخابات توصف بالمفصلية في تاريخ تونس ما بعد 2011.
وأضاف ذات المتحدث أن المشهد يتحرك بسرعة في اتجاهات مختلفة خاصة وأن هذا الحدث جعل البلاد أمام انتخابات رئاسية مبكرة ستتم قبل الانتخابات التشريعية التي ستحافظ على موعدها وهذا ما يعني أن حسابات الكثير من الوجوه السياسية والحزبية التي سارعت في وقت سابق للاعلان عن عزمها خوض الاستحقاق الرئاسي ستسقط في الماء باعتبارها كانت تراهن على نتائج التشريعية أولا ثم خوض السباق الرئاسي على وقع زخم تلك الانتخابات مبرزا أن الوضع تغير حيث سيكون الاستحقاق الرئاسي أولا وهو ما يعني أن الآلة الانتخابية لهذا الحزب أو ذاك ستجد نفسها أمام خيارين اما التركيز بشكل كبير على الاستحقاق الرئاسي أو توفير امكانياتها للتشريعية وبين هذا وذاك المشهد يتحرك وسنكون أمام توازنات جديدة فيها الكثير من المفارقات، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي، سياق متصل، أشارت جريدة (الشروق) في افتتاحيتها اليوم الى أن الرئيس، الباجي قائد السبسي، قد غادر الحياة السياسية في تونس تاركا حملا ثقيلا من بعده وسؤالا ملحا في المشهد السياسي وهو هل سيكون هناك رئيس مقبل يتصف بالحكمة والرصانة ويحفظ قيم الحرية والديمقراطية؟.
وأضافت أن السبسي لم يكن ذلك الشخص الذي لا يخلو من الشوائب أو العثرات في حياته السياسية المليئة بالتجارب التي خلقت منه تلك الشخصية المخضرمة والمتمرسة والعارفة بدهاليز السياسة ومطباتها ومخارجها بل كان خليطا رفيعا من المعرفة والتجربة والنظرة البعيدة والمعمقة للامور جعلت من خطوطه المتوازية التي لا تلتقي تتمكن من الالتقاء في كنف التوافق والتشارك وعدم الاقصاء مما بعث مناخا سليما تظلل به الجميع مبينة أنه يمكن اعتباره ذلك الحكيم الذي أخذ بيد الديمقراطية الناشئة التي ولدت في بيئة داخلية ومحيط اقليمي مشتعل، الى بر الامان ووضعها على الطريق الصحيح.
واعتبرت أن الوافد الجديد على قصر قرطاج في الانتخابات المزمع عقدها منتصف سبتمبر المقبل مجبر على اكمال منجزات الجمهورية بالاضافة الى أنه مطالب بتلك النظرة الشاسعة للامور داخليا بحيث يكون توافقيا تشاركيا ممثلا لكل التونسيين ومحافظا على روح القوانين ودستوريتها وخارجيا بالنأي بالبلاد عن المواقف والقرارات التي تدخلها في مطبات هي في غنى عنها لافتة الى البلاد أمام فرصة حقيقية لبناء أمة عظيمة تريد الحياة وتستجسيب للقدر من أجل مستقبل مشرق مبني على العدل والمساواة والحرية والديمقراطية التي وعلى عكس كل التوقعات تبين أنها تليق بنا.
أما جريدة (الصباح) فقد أفادت في مقالها الافتتاحي، أن قادم الايام قد يكشف عن مفاجآت غير متوقعة من النخب السياسية عندما يبدأ سباق الترشحات للفوز بكرسي قرطاج وما سيفرزه من حسابات أو تحالفات وصفقات في سوق المزادات الانتخابية ولعبة المصالح بين الاطراف المتنفذة وأصحاب المال والنفوذ الاعلامي الموالية لها بما يعني أنه سيكون لزاما على الناخب التونسي أن يتعاطى مع الانتخابات الرئاسية القادمة بدرجة من اليقظة والمسؤولية والوعي في اختيار رئيسه ليكون في حجم المسؤولية والوعي في اختيار رئيسه ليكون في حجم المسؤولية وفي قيمة ما تتطلع اليه البلاد في المرحلة القادمة.
وأضافت أنه يتعين على الحالمين بكرسي قرطاج أن يستوعبوا الدرس جيدا وأن ينتبهوا الى كل الاسباب التي جعلت الشارع التونسي يمنح الرئيس الراحل، الباجي قائد السبسي، موعدا مع التاريخ ويودعه الى مثواه الاخير بكل مشاعر الاحترام المستحق والوفاء والاعتراف بالجميل رغم كل الاخطاء والاهتزازات التي رافقت ما حدث في حزب نداء تونس مبرزة أنه ليس رئيسا كل من شاء، فلا تستهينوا بالناخب التونسي وبحقه في أن يكون له رئيس بحجم الوطن وبحجم تضحيات الشهداء وبحجم أحلام شعبه في الحياة وفي الحفاظ وتحصين قيم ومبادئ الجمهورية وتعزيزها، حسب ما ورد بالصحيفة.