أكثر من 80 ملم من الأمطار الغزيزة التي تهاطلت على ولاية أريانة خلال الليلة الفاصلة بين 10 و11 سبتمبر الجاري في ظرف وجيز، كانت كافية لتحول حياة العديد من العائلات بأحياء مثل المستقبل والملاحة بأريانة المدينة والكيلاني والفاتح بسكرة والنخيلات برواد، إلى جحيم بعد أن غمرت مياه الامطار مصحوبة بالاوحال منازلها، لتجد نفسها مجبرة على قضاء الليل في العراء، فاقدة في لمح البصر كل ما تملكه من أثاث وتجهيزات وأجهزة كهربائية منزلية وغيرها.
ورغم عودة الحياة تدريجيا للأحياء المنكوبة بعدد من المناطق، وذلك وفق ما عاينته مراسلة (وات) بالجهة اليوم الخميس، إلا أن مرارة ما حصل اختلط بمشاعر الغضب والسخط على المسؤولين الجهويين والطبقة السياسة الحاكمة التي لم تتخذ الاجراءات الوقائية الكفيلة بإنقاذ العائلات من شبح الفيضانات الذي ما فتئء يتهددهم مع بداية كل موسم للامطار منذ أكثر من عشرين سنة، وهو ما أكدته “سميرة الشخمي”، وهي ربة بيت واحدى المتضررين من مياه الأمطار التي غمرت منزلها بحي المستقبل بأريانة المدينة.
وغير بعيد عنها، وقف شيخ السبعين، “الهادي بن سعد” وقد بدت عليه علامات الحيرة والخوف على ابنه المعوق والحسرة على ضياع محتويات منزله الذي تحول الى بركة من المياه الراكدة والاوحال، حيث كانت المياه المنهمرة من كل صوب بالمنزل سببا في اتلافها وقال “الفقر والاعاقة مع الفيضانات..هل هي لعنة السماء”.
وطالب “الهادي” بلدية أيانة بالاسراع لشفط المياه الراكدة ورفع الاوحال من منزله، مشيرا الى بطء التدخلات وانعدام النجاعة والنظرة الاستشرافية لاستباق مثل هاته الكوارث التي تتكرر سنويا، حسب تعبيره.
رئيس الحكومة المفوض كمال مرجان، تحول امس الثلاثاء، الى حي المستقبل والتقى بعدد من المتضررين في محاولة لايجاد بعض الحلول خاصة منها الحلول الاجتماعية العاجلة، لكن غضب الاهالي حال دون استكمال الزيارة ليترك المكان وتعاود اثره اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث والنجدة بأريانة الاجتماع لتنطلق اثرها سلسلة من الاجراءات العاجلة من ذلك تعزيز الامكانيات الجهوية بآليات شفط ومعدات من ولايات منوبة وزغوان وبن عروس، للتدخل ضمن الجهود البلدية والجهوية بالمناطق المتضررة بكل من أريانة وسكرة ورواد وحي مباركة بسيدي ثابت وقنطرة بنزرت بقلعة الأندلس.
وقد تم تخصيص قاعة الرياضة “عزيز تاج” بأريانة، لايواء العائلات المتضررة وتقديم المساعدات الاجتماعية العاجلة، فضلا عن مواصلة تقييم الوضع البيئي ومخلفات مياه الامطار على البنية الاساسية من طرقات وأنهج وتجهيزات جماعية والتي عرفت بدورها العديد من الاضرار وتحتاج الى الصيانة والاصلاح بعد أن تقرر وضع اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث والنجدة في حالة انعقاد دائم.
وفي منطقة رواد، بادرت بلدية المكان بالتعاون مع مصالح الحماية المدنية والتجهيز بشفط المياه بعدد من المنازل والطرقات والمؤسسات التربوية بمناطق النخيلات وجعفر ورواد وعيشوشة، وأشار رئيس البلدية، عدنان بوعصيدة، أن “امكانيات التدخل تبقى غير كافية برواد لوجود اكثر من 80 بالمائة من البناءات الفوضوية”، لافتا الى وجود “دراسات متعلقة بحماية اقليم تونس الكبرى من الفيضاتات لا تزال على الرفوف رغم تعاقب الحكومات وحان الوقت لتفعيلها وايجاد الاعتمادات المالية اللازمة لانجازها “.
وفي منطقة سكرة، تضررت العديد من الاحياء مثل حي الكيلاني والفاتح ودار فضال وشطرانة وسيدي فرج، بعد ان غمرتها مياه الامطار، حيث تؤكد رئيسة البلدية فيروز بن جمعة ان” سكرة هي المنطقة الاكثر انخفاظا مقارنة ببقية معتمديات الولاية وتشكل حوضا لتجميع المياه لكونها تتضمن العديد من الاودية والمنشآت المائية”.
هذا وبادرت بلدية سكرة بتنظيف وجهر البالوعات منذ ساعات الصباح الاولى لتيسير انسياب المياه الراكدة خاصة بالطرقات الرئيسة والانهج داخل الاحياء السكنية.