“”هيأت الطريق لقيس سعيد ونبيل القروي … النخبة السياسية تستفيق على دوي سقوطها” و”والآن؟” و”نتائج وقتية بعد فرز 71 بالمائة من الاصوات .. الشعبوية تهزم الماكينات” و”سياسيون يقيمون نتائج الرئاسية … صفعة للسيستام ومواصلة المسار الثوري”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء.
أشارت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الثالثة، الى أن، قيس سعيد، الذي صعد الى الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية 2019، تحرك على امتداد السنوات الاخيرة على هامش الحياة السياسية لم يكن مؤثرا فيها ولا فاعلا قويا بل كان ظهوره وباستمرار ظهورا “فولكلوريا” وقد حوله البعض الى شخصية “للتندر” كلما ضاقت المزاجات اذ لم يكن شخصا متوقعا أو منذورا للمهام السياسية الكبرى رغم أنت استطلاعات الرأي قد نبهت الى تقدمه وقد توفعته في المراتب الاولى وهو ما لم يصدقه الملاحظون الى أن وقعت الواقعة مشيرة الى أنه تغذى من فئة “الشباب الصامت” المنبهر بانضباط الاستاذ الغامض والتزامه بقيم الثورة والمختلط بحماسة الثوار ولم يتعامل معهم بتعال وانما اشتبك بهم وذهب اليهم وتبادل معهم الحماسة ما كنا نعتبره ممارسة شعبوية لن يذهب صاحبها بعيدا، مقابل تحرك الاحزاب ومرشحوها على طريق الرئاسية بوثوق تام غير مبالين لا بقيس ولا بنبيل القروي وقد رأوا الطريق مفتوحة أمامهم بما أنهم في السلطة وبين أيديهم كل امكانياتها اضافة الى اعتقادهم الواهم أنهم الافضل والاجدر بادارة شؤون البلد لتاريخهم في شؤون هذه الادارة ولمسارهم السياسي أو النضالي مؤمنين بأنه لا بدائل من حولهم قادرة على منافستهم فجاءت البدائل من حيث لا أحد توقع، حيث هي في الواقع “بدائل” عقابية لمنظومة الحكم برمتها، حكاما ومعارضة، كنست كل من رأته سببا في شقاء البلد وأهله.
واعتبرت أن ذلك يؤشر على أننا أمام أزمة حقيقية أدارها الناخبون بغضب مبالغ فيه كسروا من بعده كل الاسوار الوهمية التي تم تشييدها على سياسات فاشلة وخيارات عمقت الفجوة بين الدولة ومواطنيها مبرزة أن ما يحدث هو فصل أول من رواية يكتبها “ناخبون” قد تنتقل تونس بموجبها الى مرحلة سياسية من الصعب الان تحديد ملامحها، وفق تقدير الصحيفة.
وفي نفس الاطار أفادت (المغرب) في مقالها الافتتاحي، أنه لا أحد يجادل في حدوث منعرج حاسم في التجربة الديمقراطية الفتية في تونس وفي كوننا بصدد الدخول في مرحلة ثانية من الانتقال الديمقراطي جل حدودها ما تزال مجهولة أو غامضة مشيرة الى أنه في كل الاحوال لا يمكن الجزم بالذوبان الكلي للمنظومة التي حكمت البلاد من 2011 الى اليوم لان هذه المنظومة لا تقتصر فقط على الطبقة السياسية الظاهرة في وسائل الاعلام أو في الاحزاب الحاكمة أو المعارضة تحت قبة البرلمان بل كذلك على قوى اقتصادية ومجتمعية ضخمة ستبقى قائمة وفاعلة وقوية بغض النظر عن الماسكين بأهم المواقع في السلطة التنفيذية ثم بامكان قوى جديدة غير نمطية أن تقدم نفسها باعتبارها مناهضة للمنظومة ولكن أن تصل الى الحكم كليا أو جزئيا تفقد بهرج هذه اليافطة وتصبح رغم أنفها جزءا من “المنطومة” ومطالبة بالانجاز الفعال والسريع.
وتساءلت في هذا الخصوص كيف ستتفاعل منظومة الحكم الحالية بكل مكوناتها مع هذه العروض السياسية الجديدة غير النمطية سواء اعتمدت على زبونية خيروية أو كانت مسكونة بحلم اعادة بناء جذري للمؤسسات ومسنودة من قوى لدى التونسيين من بعضها ذكريات أليمة؟ لافتة الى أن بداية هذه المرحلة الثانية من الانتقال الديمقراطي، مهما كان صاحب قرطاج الجديد ومهما كانت تشكيلة البرلمان القادم، بتحولات جذرية في التحالفات على مستوى محتلف المكونات السياسية الجديدة مع احتمال أغلبيات حكم مضطربة وغير مستقرة اما لتشكيل الحكومة القادمة أو لقيادة الاصلاحات الضرورية للبلاد.
وأضافت أن المسألة الوحيدة الواضحة في هذا المنعرج الجديد هي طموحات التونسيين وسقف انتظاراتهم في ارتفاع مستمر وامكانيات اقتصادية في حالة شبه تراجع وقدرة توزيعية للدولة ضعيفة، هي بداية منعرج فيه بعض الامال في عادة استنباط الطريق التونسي للديمقراطية والنمو ولكنه محفوف بالمخاطر المروثة والجديدة كذلك، حسب تقدير الصحيفة.
وأفادت جريدة (الشروق) في مقال بصفحتها الرابعة، أنه في الانتخابات الرئاسية السابقة لاوانها لم تنفع لا الماكينات الانتخابية ولا الاموال الطائلة التي تم دفعها وخضعت النتائج الى محددات أخرى يبدو أنها ستسيطر على المسار الانتخابي في السنوات القادمة وتجعل الفوز حليف من كان الاقرب الى الشعب أو من اعتمد خطابا “شعبويا” كما يحلو للبعض توصيفه مضيفة أن البحث في ما يميز الشخصيتين اللتين اختارهما الناخب التونسي ليكونا في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية السابقة لاوانها يجعل الجميع أمام شخصية أولى اعتمدت بشكل مكثف على التواصل المباشر والقرب المادي.
وأشارت الى أن، نبيل القروي، كان أكثر المترشحين للانتخابات الرئاسية قربا على ما يقارب الثلاث سنوات والى أنه يمكن دراسة ذلك من ثلاث زوايا رئيسية الاولى تتعلق بالعمل السياسي وتكشف لنا أن القروي أثث مسارا سياسيا هاما منذ سنة 2011 ويمتد هذا المسار على محطات عدة مبينة أنه لئن كان اختيار نبيل القروي اجابة على ما يعانيه جزء كبير من التونسيين من فقر وجوع وتهميش فان اختيار قيس سعيد خضع لنفس المنطق تقريبا واختاره التونسيون لجوع وفقر ضرب الطبقة السياسية وجعل من المواطن التونسي يبحث عن شخصية قادرة على الارتقاء به فكريا وثقافيا.
وأوضحت، في سياق متصل، أن مقاربة شخصية قيس سعيد وأسباب اختيار عدد كبير من التونسيين له تنبني على عدة أسباب أهمها خروجه عن السائد والمألوف في ملامح الشخصيات التي تشكل الطبقة السياسية في تونس حيث يظهر بشخصية مختلفة عن الباقي تصل حد التناقض مع أغلب السياسيين.
ورصدت جريدة (الصباح) في ورقة خاصة، قراءات السياسيين لنتائج الرئاسية حيث وجه التونسيون رسالة قوية الى الطبقة السياسية من بينها ما اعتبره البعض استكمالا لمسار ثورة 14 جانفي 2011 فيما ذهبت قرآءات أخرى الى أن التونسي عاقب منظومات الحكم بما فيها “سيستام” ما قبل الثورة.
وأضافت أن نتيجة الرئاسية قد تكون مفاجاة موجعة لمن هم في المعارضة الذين يعتبرون أنهم حملوا “وزر” فشل من حكموا الا ان الكلمة الاولى والاخيرة تبقى لصناديق الاقتراع التي باحت بأسرار يجهلها الساسة.
وأشارت الى أن الدرس كان ” قاسيا” على من منحوا أكثر من فرصة من شعب خير الصمت ومواصلة انتظار استكمال استحقاقات ثورته التي خير أن يواصلها من خلال محاولة ” شطب” الطبقة السياسية والمراهنة على وجوه جديدة في محاولة مع القطع مع ظواهر السياسة الكلاسيكية موضحة ان رؤى السياسيين اختلفت حيث أجمع أغلبهم على ان عقلية “العقاب” والتخلص من رواسب “السيستام” بقديمه وجديده كانت الكلمة الفصل التي عكستها نتائج الاقتراع فيما أرجع عدد آخر هذه النتيجة الى غياب المنافسة الحقيقية ولعب الطبقة السياسية على حرب الفضائح والتشويه.
كما ذهب عدد من المحللين، الى أن الصفعة وجهت لاكثر من طرف فالى جانب السياسيين فان ما حصل هو رسالة واضحة على فشل جزء من الاعلام الذي لم يعد صوته قادر على التأثير في الشعب فحتى الشخصيات السياسية التي حاولت عديد الفضائيات التسويق لها رفضها الشعب ولم يعطها صوته.
ونقلت، في هذا الخصوص، عن أمين عام التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، قوله ان النتائج كانت مفاجأة لان تونس تعيش ازمات اقتصادية واجتماعية وسياسية دقيقة وحرجة اثرت على المواطن الذي اعتمد التصويت العقابي لمنظومة الحكم ولم يكن التصويت بحثا عن الافضل والاجدر لمنظومة الحكم بل عقاب جماعي للطبقة السياسية برمتها، وفق ما ورد بالصحيفة.