اعتبر الكثير من اهالي ولاية قبلي وممثلي عدد من المنظمات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني ان السنوات التي عقبت الثورة وخاصة السنوات الخمس الاخيرة، لم تغير شيئا من الواقع التنموي للجهة، حيث ظلت الاشكاليات التي تعانيها هذه الربوع تراوح مكانها وخاصة منها تعقد الوضع العقاري للاراضي الاشتراكية، وتفاقم نسبة البطالة والاعتماد على اقتصاد احادي الجانب يرتكز على منظومة انتاج التمور دون التوجه الى تثمين الثروة الفلاحية، مع الافراط في استغلال الثروات الطبيعية وعدم التوجه للاستثمار في الطاقات البديلة.
واوضح رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري بقبلي الشمالية علي مرابط ان الانتظارات من المجلس النيابي المقبل ومن الحكومة والقائمين على الشان السياسي والتنموي في الفترة المقبلة تركز اساسا على مساعدة فلاحي الولاية والعمل على دفع القطاع الذي بات يعاني من تكاثر الافات خلال السنوات الفارطة من تيبس سعف النخيل وعنكبوت الغبار، الامر الذي قد يجبر الفلاحين على هجرة مقاسمهم.
ودعا نواب الجهة الى تجاوز خلافاتهم واختلافاتهم الحزبية والدفاع عن الجهة بصوت واحد لانهم يحملون امانة من اهالي قبلي لايصال صوتهم والدفاع عن مشاغلهم مع الحرص على سن القوانين الداعمة للقطاع الفلاحي ومنها تسوية وضعية التوسعات الخاصة ومعالجة الاشكاليات العقارية والسماح بتفجير الابار بمختلف الواحات لتقريب الدورة المائية وتنظيم استغلال الطبقة التي صارت مهددة بالتملح في ظل التراجع السنوي الحاد في منسوبها جراء الحفر العشوائي للابار من قبل الفلاحين الذين باتوا يعتمدون على امكانياتهم الذاتية بسبب غياب الدولة وحرمانهم من الامتيازات المرصودة للقطاع الفلاحي، وشدد على ضرورة سن قانون لحماية الواحات من الافات وخاصة خطر انتشار سوسة النخيل الحمراء التي قضت على اشجار النخيل ببعض الاقطار المجاورة.
وبين رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية عبد الله مكشر بدوره ان النهوض بالاوضاع في قبلي، يتطلب رؤى واضحة تنبني على ترتيب الاولويات من اجل تجاوز الاشكاليات التي تعوق التنمية الجهوية، وذلك عبر استغلال نقاط القوة الموجودة، من خلال تطوير قطاعات الانتاج وخاصة القطاع الفلاحي وتحسين القدرة التصديرية المباشرة لمنتوج الولاية من التمور علاوة على التوجه نحو الصناعات التحويلية وتثمين الموقع الجغرافي للولاية التي تتوسط ولايات اقليم الجنوب مع تطوير مجال البحث العلمي عبر بعث اختصاصات نوعية، فضلا عن اقتحام مجال الطاقات المتجددة ودفع الاستثمار في هذا المجال الذي سيساعد في تنويع القاعدة الاقتصادية للولاية مع حسن استغلال الموادر البشرية وتنويع المنتوج السياحي.
من جهته اشار الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل المكلف بالوظيفة العمومية عبد الجليل بوعزة ان اشكاليات ولاية قبلي لم تتغير في ظل ضعف المشاريع والاجراءات التي برمجت للجهة طيلة السنوات الفارطة (ما بعد الثورة)، داعيا الى ايجاد حل لادارة الخلافات بين الفاعلين في المشهد السياسي وطنيا وجهويا يمكن من تحقيق انجازات قادرة على تغيير واقع الجهات.
وقال انه بالامكان دعم القطاع الفلاحي بولاية قبلي عبر الاسراع باحداث ديوان التمور، ومعالجة اشكالية التوسعات الخاصة التي تنتج اكبر كمية واجودها من دقلة النور الموجهة للتصدير رغم حرمان اصحابها من امتيازات الدولة، فضلا عن تعزيز دور الشركات البترولية المنتصبة بالجهة في التنمية من خلال برنامج المسؤولية المجتمعية، علاوة على مراجعة منظومتي التعليم العالي والتكوين المهني واثراء القطاع السياحي باختصاصات جديدة على غرار استغلال ثروات الولاية من المياه السخنة في مجال السياحة الاستشفائية مع دفع السياحة البيئية والثقافية بهذه الربوع الصحراوية.
واكد عضو التنسيقية الجهوية لاتحاد اصحاب الشهائد المعطلين عن العمل انور بالحبيب ان كافة الارقام والمؤشرات المسجلة بعد الثورة تشير الى احتلال الولاية لمراتب متاخرة في كافة المجالات على غرار التشغيل وجاذبية الاستثمار، داعيا الفاعلين في المشهد السياسي الى الاسراع بمعالجة الكثير من الاشكاليات التي قد تساعد على تحسين واقع الجهة، منها اشكالية تمويل المشاريع من قبل البنك التونسي للتضامن ومبادرة الدولة ببعث مشاريع كبرى بالجهة من شانها ان تمثل قاطرة للاستثمار فضلا عن الحرص على تفعيل الاتفاقيات السابقة بين الطرف الحكومي وممثلي المنظمات ونشطاء المجتمع المدني على غرار اتفاق 26 اوت 2017 وحل اشكالية شركة البيئة الغراسات والبستنة وصندوق التنمية الجهوية.
وترى الناشطة بالمجتمع المدني سعاد نصيب ان ولاية قبلي تمثل مجالا واسعا للعمل مؤكدة ضرورة خلق الثروة بهذه الربوع عبر تجاوز التشريعات القديمة التي تعوق النهوض بالقطاع الفلاحي الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد، وذلك عبر حل اشكاليات المياه والوضع العقاري وحصر وتقنين عمليات حفر الابار ( قرابة 8 الاف بئر عشوائي، منذ سنة 2011 الى الان) وتعصير القطاع الفلاحي وتشجيع الشباب على اقتحامه وتطوير منظومة التكوين في القطاع الفلاحي من خلال بعث شعب نوعية في المجال وفي مجال استغلال الطاقات البديلة مشيرة الى اهمية سن قوانين تعنى بالمراة الريفية وتدعم مشاركتها في الشان التنموي.
وفي ذات الاطار، اعتبر عدد من المسجوبين من المواطنين في تصريحات ل(وات)، ان اكبر مسؤولية يتحملها نواب الجهة في المدة النيابية القادمة، حل اشكالية التوسعات الخاصة وادماجها في امتيازات الدولة التي تساعد في تركيز معدات الاقتصاد في مياه الري وتمكن الفلاح من الحصول على قروض لتعصير فلاحته وادخال الميكنة للمستغلات الفلاحية، واعتبر ان مستقبل الولاية يرتبط اساسا بتطوير القطاع الفلاحي الذي يظل المجال القادر على استيعاب اليد العاملة وتنويع القاعدة الاقتصادية للجهة في صورة تثمين التمور بطرق جديدة مع تعزيز الامكانيات التصديرية للولاية عبر احداث المصانع ووحدات تكييف وخزن التمور.
كما اكدوا ضرورة توفير مواطن الشغل للعاطلين عن العمل من خلال سن القوانين المحفزة على الاستثمار بالمناطق الداخلية التي تعاني تاخرا كبيرا في التنمية مقارنة بالمناطق الساحلية، واعتبروا ان من شان ذلك التقليل من الهجرة الداخلية لليد العاملة.