أيام معدودات تفصل التونسيين على التوجّه الى صناديق الاقتراع مجدّدا لانتخاب من يمثّلهم ويتحدّث بأصواتهم في مجلس نواب الشعب المقبل، هذا المجلس الذي من المفترض أن يكون أكثر قوّة وتماسكا ليتمكّن من تكوين حكومة قويّة ومتماسكة قادرة على اصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش الذي تعيشه البلاد على عكس الحكومات المتعاقبة بعد الثورة التي لم تتجاوز المدّة القصوى لبقائها ثلاث سنوات والتي ساهمت بشكل أو بآخر في تردي الأوضاع.
ويتنافس خلال الانتخابات التشريعيّة 1503 قائمة اختلفت بين قائمات حزبيّة وأخرى مستقلّة، وهو ما ساهم في خلق صراع بين منظومة الحكم الحالية المتمثّلة في الأحزاب الممثلة في المجلس الحالي وبين الوافدين الجدد على الساحة السياسية الذين يسعون الى اكتساب مكانتهم عبر تقديم أنفسهم كبديل مستغلّين انعدام ثقة التونسي في ماهو موجود على الساحة السياسيّة.
واعتبر المحلّل السياسي فريد العليبي أن المواجهة اليوم ليست بين قائمات حزبية وأخرى مستقلّة بل بين قائمات حزبية وقائمات مستقلّة على علاقة بالأحزاب الكبرى على غرار نداء تونس وحركة النهضة من أجل السيطرة على المجلس المقبل مشدّدا أن البرلمان القادم سيكون مكرّرا للمشهد السابق، وهو ما سيجعل منه برلمانا معطّلا، مليئا بالتناقضات، يتميّز بالسياحة الحزبية كما أنه لن يكون في خدمة من انتخبه وسيساهم في تفاقم الأزمة السياسية.
وأضاف العليبي أن نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسيّة ستلقي بظلالها على الانتخابات التشريعيّة حيث أنّ التصويت سيكون عقابيّا ونسبة المقاطعين للانتخابات سترتفع بما يعادل الـ20 بالمائة وهم الفئة المعادية للمنظومة الحالية التي اقتنعت بمشروع قيس سعيّد الرافض للانتخابات التشريعيّة والمنادي بخروج السلطة من الداخل وصولا الى المركز مشيرا أنّ المترشّحين المحسوبين على اليمين واليمين الليبرالي هم أكثر المتضرّرين من هذه المقاطعة.
ورغم أن الشعب وجّه رسائل متنوّعة الى مختلف الحساسيّات السياسيّة وخاصة لحركة النهضة التي لم ينجح مرشّحها في المرور الى الدور الثاني، فقد توقّع محدّثنا أن تكون حركة النهضة في المراتب الأولى وذلك بسبب تشتّت القوى المنافسة (العائلة الوسطيّة) التي لم تنجح في لمّ شتاتها اضافة الى تشتّت العائلة اليساريّة بدورها مقابل اخفاء التصدّعات والصراعات صلب حركة النهضة، معتبرا في الآن ذاته أن كل القوى لن تكون مؤثّرة ونتائج الانتخابات ستفرض صفقة سياسيّة على نفس شاكلة صفقة باريس بين الشيخين.
ويذكر أن 1503 قائمة موزّعة بين حزبيّة ومستقلّة يتنافسون على الفوز في الانتخابات التشريعيّة التي ستجرى يوم 6 أكتوبر المقبل للظفر بأكبر عدد من المقاعد صلب البرلمان.