في ثاني انتخابات تشريعيّة بعد صياغة دستور 2019، تنافست 1503 قائمة من بينها673 قائمة حزبيّة و 312 قائمة ائتلافية و 518 قائمة مستقلّة على 217 مقعدا في البرلمان الذي يمثّل السلطة التشريعيّة الأولى في تونس وله صلاحيات اتخاذ القرارات، وسنّ القوانين، وتقييم عمل الحكومة، والتصويت على القرارات المتخذة من قبلها.
ورغم المكانة التي يلعبها مجلس نواب الشعب في نظام برلماني معدّل مازال التونسيّون غير واعين بهذه القيمة ويولون الأهمية الكبرى للانتخابات الرئاسيّة وهو ما يظهر من خلال نسبة الاقبال على التصويت التي بلغت 41 بالمائة خلال التشريعيّة في حين ناهزت الـ50 بالمائة خلال الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة.
ويرى المحلّل السياسي ومدير المركز العربي للدراسات السياسيّة والاستراتيجيّة، رياض الصيداوي، أن نسبة الاقبال على التصويت لا تعتبر كارثيّة مقارنة بالنسب التي تسجّل في البلدان المتقدّمة، ويرجع السبب الرئيسي لعزوف التونسيين المقيمين في أوروبا على التصويت الى صعوبة التنقّل في ظلّ بعد مراكز التصويت، أما في تونس فقد أوعز سبب العزوف الى نهاية الانبهار بالطبقة السياسية ووفرة الانتاج السياسي و كثرة الأحزاب التي جعلت المواطن البسيط مشتّتا وغير قادر على الاختيار.
كما اعتبر الصيداوي في تصريح لـ”المصدر” أن تشتّت الطبقة السياسيّة خلقت حالة من الانزعاج في صفوف التونسيّين ودفعتهم الى معاقبة الطبقة السياسيّة المتواجدة على السّاحة بعد أن عقد عليها آماله وخيّبت ظنّه.
الصيداوي اعتبر أن سلوك التونسي لم يتغيّر منذ الثورة وقام باعطاء فرصة وحيدة لكل حزب باستثناء حركة النهضة التي تعتبر حزبا عريقا،ويمكن الاستدلال بحزب التكتّل والحزب الجمهوري وحركة نداء تونس وغيرها من الأحزاب التي تعاقبت على الحكم وكان لكل منها مشاركة وحيدة ثمّ أُقصيت من المشهد السياسي اثر فشلها.
وشدّد الصيداوي أن المشهد السياسي القادم سيتميّز بالتشتّت والتشرذم فحتّى الأغلبيّة التي ستكون من نصيب حركة النهضة لن تجعل منه حزبا قويا وقادرا على تكوين حكومة قويّة.
وتسائل محدّثنا عن عدد الأحزاب التي ستكوّن الحكومة ومدى قدرتها على الصمود مشيرا أن فرضيّة سقوط الحكومة بسهولة تبقى واردة في ظل تحالفات هشّة.
أما بخصوص امكانيّة حدوث صدامات بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة بسبب عدم انتمائهما الى نفس الحزب فقد اعتبر الصيداوي أن هذا الاحتمال وارد ولكن ذلك لن يثنِ أي منهما على القيام بمهامه المحدّدة بالدستور مشيرا أن تونس سبق وأن عاشت مثل هذه التجربة حين حاول رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي اقالة رئيس الحكومة الحالي يوسف الشّاهد ولم يتمكّن وبقي الشاهد يمارس عمله بصفة طبيعيّة.