“في طرق استقبال مبادرات الشباب” و”بين تمسك النهضة برئاسة الحكومة واكراهات الواقع … عصفور القصبة الجديد والمخاض العسير” و”غدا يؤدي الرئيس الجديد قيس سعيد اليمين ويلقي خطاب التنصيب” و”لماذا لا تستفيد مؤسسة الرئاسة من الصحوة المواطنية؟”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية اليوم الثلاثاء.
تساءلت جريدة (المغرب) في افتتاحية عددها اليوم، حول تفاعل التونسيين مع حملات النظافة ومحاولة تغيير ملامح “الفضاء المادي” مشيرة الى أن البعض رأى أنها لا تخرج عن عباءة التوظيف الايديولوجي اذ أن من تجليات الاسلام السياسي الاستحواذ على الفضاء العمومي والعمل على تغيير معالم المكان “الاليف” والسعي الى امتلاكه ومعنى هذا أن المبادرات هي عملية تصرف الذاكرة الجمعية وتشويه مقصودة وحجة أصحاب هذا التفسير أن هذه الافعال لا تخرج عن التكتيتكات القديمة فهي موصولة الى الخيمات الدعوية واستعراض القوة الجسدية في الساحات العمومية وبيع العطور والعباءات أمام المساجد وغيرها من المظاهر التي عاينها التونسيون انطلاقا من سنة 2011.
وبينت في سياق متصل، أن فئة أخرى من التونسيين ذهبت الى انتقاد هذه الافعال “البشعة” التي تسئ الى المعالم التاريخية والتي تدل على جهل أصحابها بتاريخ المعالم واستيطيقا الامكنة وغيرها في حين مالت فئة أخرى الى “التنبير” والسخرية من خروج “الشباب الواعي” الى العلن، فاذا به يقيم الدليل عدم وعيه بما يرتكبه من جناية على “المقدسات الجديدة، مثيرة في هذا الخصوص عدة استفهامات جوهرية على غرار اذا سلمنا بمحدودية ثقافة فئة من الشباب و”جهلهم” ألم يكن من الاجدر توجيه أصابع الاتهام الى من تسبب في خراب التعليم؟ وأليست ادانة أنظمة التنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم والثقافة والاعلام هي البديل الاكثر موضوعية من ادانة من اجتهدوا وفق زاد معرفي بسيط وحاولوا الفعل ولم ترتكز أعمالهم على رؤية فنية؟ أو ليس سلوك من تجنوا على المعالم الاثرية يحمل أثر المؤسسات الاجتماعية فيهم؟ أما كان حريا بالمستهزئين بالبشاعة أن ينضموا الى الشباب وأن يعملوا على تأطيرهم ثقافيا؟.
وأضافت أن الشباب لا يمثل كتلة متجانسة ولا يمكن الحديث عنه بصفة الاطلاقية مثلما يحلو للبعض فعله مشيرة الى أن هموم من يرتاد أماكن الترفيه الراقية ويزاول تعليمه في المؤسسات الحرة ذات الجودة متطابقة مع مشاغل من وجد في حملات التنظيف مما يدخل عليه البهجة ويحقق له الشعور بالانتماء للوطن والعمل على تجسيد قيم التضامن والتآزر ومن ثمة لا نستغرب لا مبالاة أعداد كبرى من الشباب الذين رفضوا المشاركة ولم يستطيعوا تجاوز المحددات التي تتحكم فيهم والتي رسخت فيهم قيم الفردانية وأوهمتهم بأن المشاركة في الشأن العام والعمل التطوعي لا فائدة من ورائها ومن هنا وجب التفكير .. لم يتم ترسيخ أنموذج مراعاة مصالح الفرد والذات ومنطق الانا بدل مبدا النحن الجمعي؟، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي ذات الصدد، تساءلت (الصحافة)، اذا كان انتخاب الرئيس الجديد وانتصاره بشكل كاسح بفضل هؤلاء الشباب الذين راهنوا عليه وتوسموا خيرا فيه فلماذا لا تتم الاستفادة من حماسهم ووعيهم ورغبتهم في التغيير باكبر قدر ممكن عبر “مأسسة” هذه الانشطة العفوية التي انخرطوا فيها تجنبا للانفلات وللتوظيف السياسي؟ مشيرة الى أن هذه المبادرات المواطنية التي تناسلت بشكل لافت في الايام الاخيرة والتي لا يخفي البعض توجسه منها ومن الخفايا الكامنة وراءها ويتساءل عمن يقف خلفها ويحركها من خلف الستار فان هناك فئة أخرى لا تخفي غبطتها وسعادتها بهذه الحالة وتعتبر أن الشباب شعر بأن بلاده عادت اليه ولذلك فهو يتصرف من منطلق المواطنة الفاعلة.
وبينت أنه في كلتا الحالتين سيكون التفاعل الايجابي من قبل مؤسسة رئاسة الجمهورية مع هذا الفعل الشبابي جوابا شافيا وضافيا عن كل التساؤلات قطعا للطريق على كل المشككين والراكبين على الاحداث والاهم من ذلك كله الاستفادة من حماس الشباب حتى لا يذهب سدى ويسقط كما سقطت من قبل الكثير من المبادرات الشبابية الطبية مضيفة أنه اذا كان المنجز الديمقراطي في تونس هو أفضل ما حصل لهذا الشعب في السنوات الاخيرة فان الاقبال على ممارسة المواطنة بوعي وجدية سيكون كما الرهانات الكبرى المطروحة في هذه اللحظة التاريخية الفارقة تماما كما يمكن أن يلعب رئيس الجمهورية الجديد دورا مركزيا في هذا الشأن.
وأفادت جريدة (الشروق) في مقال بصفحتها الرابعة، أنه من المنتظر أن تكون الكلمة التي سيتوجه بها رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيد غدا الاربعاء 23 اكتوبر 2019 بالغة الاهمية بالنظر الى عدة اعتبارات فهي الكلمة الرسمية الاولى التي سيقولها سعيد بعد توليه بصفة رسمية منصب رئيس الجمهورية.
وأضافت أنها الكلمة التي من المفروض أن تمثل نقلة تقطع ولو نسبيا مع الخطاب السابق الذي ظل يردده قيس سعيد طيلة الفترة الماضية وتحديدا منذ اعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية والذي أثار جدلا واسعا عل الساحة السياسية ، مبينة أن الخطاب الرسمي هو عادة غير الخطاب الانتخابي وغير الخطاب الحماسي وهو ما يجعل الانتظارات من هذه الكلمة عديدة لدى التونسيين.
وأكدت، الصحيفة، أن أول ما يريده الشعب من رئيس الجمهورية هو توضيح عدة مسائل متعلقة به ظلت غامضة الى اليوم رغم ظهوره أكثر من مرة خلال الحملة الانتخابية في الدورين الاول والثاني من الرئاسية عبر وسائل الاعلام وفي الاماكن العامة وبمناسبة المناظرات التلفزية.
وأوضحت، في سياق متصل، أنه من النقاط التي على، قيس سعيد، أن يتعامل معها غدا في كلمته امام البرلمان بكلام واقعي بعيدا عن كل اشكال “التعميم” و”التعويم” التي طالما ميزت خطابه في الفترة الماضية والتي لم يتوصل كثيرا من التونسيين الى فك شفيرتها مضيفة أنه رغم محدودية صلاحياته الدستورية الا أن رئيس الجمهورية له هامش تحرك كبير يمكن من خلاله تنفيذ رؤية شاملة في عديد المجالات.
واعتبرت جريدة (الصباح) في ورقة خاصة، أن الكثير من القراءات تؤكد على أهمية توفر جملة من المواصفات في رئيس الحمكومة القادمة وفي التشكيلة الحكومية برمتها تأخذ بعين اللاعتبار الميزانية بين طبيعة المشهد البرلماني الذي أفرزته الانتخابات وصعوبة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد مما يقتضي بالضرورة مشاركة سياسية واسعة لمختلف القوى السياسية والشخصيات الوطنية المستقلة على قاعدة الكفاءة والنزاهة.
وأشارت الى أن الدور الذي سيلعبه ساكن القصبة القادم يعد محوريا الى جانب رئيس الجمهورية في بلورة تصور جديد لمفهوم حكومة وحدة وطنية لا على أساس المحاصصة والمناورات كما حصل ابان مخاض وثيقة قرطاج بل على قاعدة الاتفاق على برنامج للانقاذ الاقتصادي والاصلاحات العاجلة بدعم واسع من القوى السياسية والمنظمات الوطنية مع انخراط شعبي لتفهم الخيارات الموجعة.
وأوضحت أنه أمام هذه التحديات لن يكون من السهل على حركة النهضة القفز على شروط الاحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية لا سيما التيار الديمقراطي وحركة الشعب المتمسكين بعدم المشاركة في حكومة تترأسها حركة النهضة مشيرة الى أنه رغم اعتبار مواقف الحزبين تصعيدية مجحفة في صفوف جزء كبير من قواعد النهضة الا أن اكراهات الواقع ووجود آراء نهضاوية داخلية ترجح كفة التوافق من جديد كقاعدة للحكم خلال السنوات الخمس القادمة قد تدفع بالحزب الفائز بالمرتبة الاولى الى مراجعة حسابات التمرس وراء فرض رئيس حكومة نهضاوي، وفق ما ورد بالصحيفة.