عرضت حركة النهضة، خلال ندوة صحفية عقدتها اليوم الجمعة، “مشروع وثيقة تعاقد الحكومة” التي تضمّنت برنامج عمل الحكومة القادمة، والتي انطلقت على أساسها في المشاورات مع الأطراف السياسيّة التي ستشكّل البرلمان الجديد بعد فوزها في الانتخابات التشريعية.
وأكّد القيادي بحركة النهضة خليل العميري، أنّ هذه الوثيقة التي أعدتها الحركة ستكون أساس عمل الحكومة المقبلة، على أن تكون هناك وثيقة نهائيّة تشاركيّة مع الأطراف السياسيّة والإجتماعيّة عند نهاية المفاوضات وتشكيل الحكومة.
وتضبط هذه الوثيقة الأولويات الاقتصادية والسياسيّة والاجتماعية للحكومة في المرحلة القادمة، وتتضمّن 5 محاور يتعلق الأول بمكافحة الفساد وتعزيز الأمن وتطوير الحوكمة باعتبار أن الفساد هو أحد الإشكاليات الكبرى التي يواجهها الإقتصاد التونسي، في حين تتعلق المحاور الأخرى بمقاومة الفقر وإصلاح منظومة الصحة والتعليم والنهوض بنسق الإستثمار واستكمال مؤسسات الدولة الدستورية.
وأبرز المحور الأول المتعلّق بمكافحة الفساد، ضرورة العمل على النهوض بقدرات مؤسسات الدولة في مجال مكافحة الفساد ودعم الشفافٌة والرقمنة وتعزيز الرقابة، وذلك بالخصوص عبر مراجعة التشريعات والنهوض بقدرات المرفق القضائي، ودمج هيئات الرقابة في مركز هيكلي وتبسيط الإجراءات الديوانية.
كما تهدف الوثيقة في هذا المجال، إلى تعزيز القدرات في مجال مكافحة الجريمة المنظّمة وتعزيز الأمن في المدن والأرياف، عبر تطوير الإطار التشريعي في هذا الاتجاه وتعزيز منظومة المراقبة الرقميّة وإستحداث أجهزة تفقّد مركزيّة عالية الكفاءة، وتعزيز القدرات الإدارية والبشرية والفنيّة، والنهوض بآليات ونظم التنسيق بين وزارتي الدفاع والداخليّة وبين مختلف الأجهزة، فضلا عن توفير الحماية الإجتماعيّة الشاملة لعائلات شهداء وجرحى المؤسستين الأمنية والعسكريّة وفصل الخدمات المدنيّة عن الأمنية.
وتمّ أيضا التنصيص على ضرورة النهوض بنجاعة العمل الحكومي وبقدرات رئاسة الحكومة على المستويين السياسي والتنفيذي، عبر بلورة حكم واضح يضبط تفاصيل البرنامج الحكومي ورزنامته، وإحداث هيكل سياسي “مجلس ائتلاف” للتنسيق بين رئاسة الحكومة والحزام السياسي، يتولى متابعة تقدّم البرنامج وتنفيذ التعهّدات الإنتخابيّة ومناقشة التطوّرات السياسيّة بصفة منتظمة، إضافة الى هيكلة رئاسة الحكومة وتأهيلها للاضطلاع بصلاحياتها الموسّعة، مع بلورة ورقة تلخّص “الرؤية المستقبليّة لتونس 2035” بمشاركة كافّة الأطراف وتؤطر المخطّطات التنمويّة القادمة.
وبخصوص النقطة المتعلّقة بمقاومة الفقر ودعم الفئات الهشّة ومتوسّطة الدخل، فهي توصي بضرورة النهوض بنجاعة منظومة الدعم وتعزيز المقدرة الشرائيّة والإقتصاد التضامني، من خلال المصادقة على قانون تنظيم مؤسسات الإقتصاد التضامني وإحداث صندوق الزكاة والأطر الترتيبية للمؤسسات غير الربحية بأوامر حكومية.
كما نصّت الوثيقة على تطوير التعليم والصحة، لا سيما عبر النهوض بمنظومة الصحّة ودعم المساواة في النفاذ للخدمات الأساسيّة لكلّ الفئات والجهات، مع استكمال رقمنة المنظومة الصحيّة، ودعم اللامركزيّة عبر تمتيع المستشفيات الجهوية بمنظومة تسيير ذاتي ورقابة بعديّة، إضافة إلى إنشاء 5 أقطاب إستشفائيّة جامعية واستكمال 8 مستشفيات جهويّة والترفيع ب50 بالمائة في عدد طلبة الطب.
وأكدت الوثيقة كذلك أهمية دفع نسق الإستثمار والنموّ والتشغيل، عبر التحكّم في كتلة الأجور وترشيد النفقات وبلورة مخطّط عاجل لذلك، فضلا عن ترشيد نفقات الدولة ووضع خطّة متكاملة للحدّ من عجز الميزان التجاري وإدماج القطاع الموازي، بما يوسّع القاعدة الجبائيّة وينهض بالسيولة، مع إعادة هيكلة المؤسسات العمومية وتطوير حوكمتها.
امّا المحور الخامس من الوثيقة، فقد نصّ بالاساس على استكمال مؤسسات الدولة الدستورية والقوانين المنظّمة للعمل السياسي وتركيز الحكم المحلي، مع صياغة مقترح قانون للنهوض بواقع الإعلام وحماية الإعلاميين والحد من ترويج الإشاعات، إضافة على استكمال مسار العدالة الإنتقالية.