أكّد الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بمتابعة الاصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، الخميس بتونس، ضرورة تنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989، المتعلق بالمساهمات والمنشآت العمومية، بطريقة تشاركية بهدف إيجاد حلول مستدامة لهذه المؤسسات التي تعاني صعوبات اقتصادية والارتقاء بجودة خدمات المرافق العمومية (نقل وخدمات صحية وسكن..) ومن ثم تحسين الواقع اليومي للمواطن.
وأوضح الرّاجحي، في افتتاح ندوة حول “استراتيجية اصلاح وحوكمة المنشآت العمومية”، أنّ تنقيح هذا القانون سيتيح للمؤسسات العمومية استعادة مساهمتها الفعّالة في تطوير الاقتصاد الوطني رغم هشاشة وضعها المالي، باعتبار أنّها كانت قاطرة للتنمية والتشغيل والحدّ من التّفاوت الجهوي، خلال العقود الثلاثة الأولى بعد الإستقلال.
وترنو هذه الندوة، التي ضمت ممثلن عن المنظمات الوطنية المهنية والنقابية وأساتذة جامعيين وخبراء وإطارات وممثلي المؤسسات العمومية، الى دراسة مشروع تنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989 لتعديله وتطوير صياغته على أن يقع عرضه والمصادقة عليه لاحقا خلال اجتماع وزاري.
واعتبر الراجحي أنّ برامج إعادة هيكلة هذه المنشآت لا يجب أن تتلخص في مجرّد برامج تطهير اجتماعي دون العمل على تطوير برامجها التقنية والتجارية والنهوض بطرق تسييرها وحوكمتها.
وأبرز أنّ تنظيم هذه الندوة يعكس عزم الحكومة على النهوض بقطاع المنشآت العمومية، ليس فقط من خلال مواصلة البحث عن مصادر تمويل لإعادة هيكلتها، بل أيضا من خلال العمل على تطوير حوكمتها والنهوض بالحوار الاجتماعي داخلها ودفعها لتركيز منظومة ناجعة للمسؤولية المجتمعية.
وتابع، في السياق ذاته، قائل:ا “إنّنا على يقين أنّه لا يمكن لبرامج إعادة الهيكلة الماليّة أن تنجح طالما أنّ نظام حوكمتها غير ناجع”، مشيرا الى أنّ اصلاح هذه المؤسسات لا يقتصر فحسب على الحكومة بل هي مسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف رغم اختلاف توجهاتهم.
وأكّد عمل الحكومة، في الفترة المنقضية، على إنقاذ عدد من المنشآت العمومية من الوضعية المالية الحرجة (على غرار الخطوط التونسية والخطوط التونسية السريعة والشركة الوطنية للسكك الحديدية وشركة نقل تونس والشركة الوطنية لتوزيع المياه وشركة الفولاذ).
وارتكز تنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989 على إرساء عدّة تغييرات على مستوى تسيير المؤسسات العمومية وتطوير حوكمتها الداخلية من خلال تطوير دور مجالس إدارة المنشآت العمومية في اتخاذ القرارات دون الحاجة إلى موافقة لاحقة من وزارات الاشراف أو رئاسة الحكومة إضافة إلى إحداث لجان لمكافحة الفساد والإفصاح عن المعلومة داخل المؤسسات وضرورة اختيار تركيبة مجالس ادارة تتلاءم مع طبيعة نشاط المنشآت العمومية واختيار أعضائها وممثلي الدولة عن طريق المناظرة والخبرة والمكتسبات العلمية.
كما تعلقت التنقيحات بالحوكمة العامة للمنشآت العمومية عبر إحداث هيكل مركزي موحد للتّصرف في المساهمات العمومية وتبسيط قواعد الصفقات العمومية والتصرف في الموارد البشرية.
وتخصّ التنقيحات الأخرى إرساء حوار اجتماعي بصفة دورية ومتواصلة بين مسيري المنشآت والطرف النّقابي علاوة على النظر في الهيكلة المالية لهذه المؤسسات عبر فتح رأس مالها لفائدة الأعوان بما يكرس ثقافة الانتماء للمؤسسة والحرص على تمثيل الأعوان بمجالس إدارتها.