تحدث المدير العام للضمان الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية كمال المدوري في حوار خاص بوكالة تونس إفريقيا للأنباء، عن الوضعية المالية للصناديق الاجتماعية وانعكاسات الترفيع في سن التقاعد وتوظيف مساهمات جديدة على المؤجرين والشغالين على العائدات المالية للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، متطرقا إلى الديون المتخلدة بذمة الصناديق تجاه الصندوق الوطني للتأمين على المرض وإلى الأمر الحكومي المتعلق بإصلاح نظام التقاعد في القطاع الخاص، وغيرها من المسائل. وفي ما يلي الحوار الكامل:
كم تبلغ العائدات المتوقعة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بعد الترفيع بسن التقاعد وتوظيف مساهمات جديدة؟
من المتوقع أن تبلغ قيمة العائدات المالية للإجراءات الواردة بقانون عدد 37 لسنة 2019 المتعلق بالترفيع في سن التقاعد حوالي 275 مليون دينار، إلى نهاية 2019 وهي تتوزع بين 190 مليون دينار ناتجة عن توظيف مساهمات بنسبة 2 بالمائة على المشغل و85 مليون دينار بعنوان الترفيع في الإحالة على سن التقاعد.
ومن المنتظر أن تقدر عائدات الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية كامل سنة 2020 بنحو 800 مليون دينار موزعة بين 450 مليون دينار بعنوان الأثر الكامل في الزيادة في نسب المساهمات على الدولة والعون العمومي، و350 مليون دينار بعنوان الأثر الكامل في الزيادة في سن التقاعد. وفي سنة 2021 يتوقع أن ترتفع هذه العائدات إلى 1.05 مليار دينار.
هل ستساهم هذه العائدات في الحد من حاجيات الصندوق الوطني للتقاعد للّجوء إلى السيولة المالية لدفع جرايات المتقاعدين؟
نعم بالتأكيد لأن الزيادة في نسب المساهمات على الدولة والعون العمومي والترفيع في سن التقاعد بسنة في 2019 ثم بسنتين كاملتين في 2020 سيكون له أثر إيجابي على العائدات المالية للصندوق.
ولولا هذه الإصلاحات لكانت الصناديق الاجتماعية ستحتاج الى 2 مليار دينار إضافية سنة 2020 وإلى 2.4 مليار دينار إضافية سنة 2021 من أجل سداد جرايات التقاعد، لكن بعد تلك الإصلاحات سنحتاج سنة 2020 فقط إلى 100 مليون دينار إضافية.
لماذا لم يتم الترفيع في سن التقاعد في القطاع الخاص لتحسين عائدات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟
لقد تمت إحالة أمر حكومي إلى رئاسة الحكومة تضمن مخرجات المفاوضات المسؤولة والجدية صلب اللجنة الفرعية للحماية الاجتماعية المنبثقة عن العقد الاجتماعي بين الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والوزارات المعنية، وقد أبدى اتحاد أرباب العمل لاحقا وجهة نظر مختلفة حول المرحلية المعتمدة للترفيع في المساهمات الإضافية المحمولة على المؤجر والمحددة بـ 2 بالمائة.
وبالتالي ما تزال هناك مشاورات جارية للاتفاق حول التدرج في توظيف تلك النسبة على أصحاب المؤسسات مراعاة للظرف الاقتصادي والقدرة التنافسية للمؤسسة وأيضا القدرة الشرائية للمواطن.
لكني أؤكد بأن ما تضمنه مشروع الأمر الحكومي هو ترجمة للتوافقات الحاصلة مع كل من الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بشأن الترفيع في سن التقاعد بسنتين في القطاع الخاص بشكل تدرجي، كما فعلنا في القطاع العام.
وحاليا أصبح الأمر الحكومي المتعلق بالترفيع في سن التقاعد في القطاع الخاص في صيغته النهائية ونأمل أن يتم نشره في المرحلة القادمة حال استيفاء التشاور بشأنه.
ماهي الوضعية المالية الراهنة للصندوق الوطني للتأمين على المرض (الكنام)؟
في الواقع لقد حقق الصندوق الوطني للتأمين على المرض نتائج محاسبية إيجابية في 2018 بقيمة 547.4 مليون دينار. لكن الإشكال يتعلق بمسألة السيولة خاصة وأن الصندوق لم يستخلص ديونه من الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ومع ذلك فإن صندوق “الكنام” ليس في مرحلة عجز وهو الصندوق الوحيد الذي يسجل نتائج محاسبية إيجابية، لكن الاشكال الحقيقي ينعكس على مستوى السيولة المتوفرة لديه للإيفاء بالتزاماته تجاه القطاع العمومي للصحة اذا تقدر مستحقات المستشفيات والصيدلية المركزية وغيرهم بحوالي 1.68 مليار دينار، منها 85 مليون دينار مستحقات القطاع الخاص (مصحات وأطباء…).
كم تقدر قيمة الديون المتخلدة بذمة الصناديق الاجتماعية تجاه “الكنام”؟
إلى حد الآن ما هو متخلد بذمة الصندوق الوطني للحيطة والتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تجاه “الكنام” يقدر بنحو 4 مليار دينار. مع العلم أنه في سنة 2017 أنجزنا قانونا يُمكّن صندوق “الكنام” من استخلاص نسبة مساهمة التأمين على المرض مباشرة ودون المرور عبر صندوق الحيطة الاجتماعية. وهذا الإجراء مكّن صندوق “الكنام” من التمتّع باستقلالية مالية في تحصيل موارده من أجهزة الدولة والمؤسسات العمومية.
وفي المقابل بقي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الجهة الوحيدة المخوّل لها استخلاص مساهمات التأمين على المرض ثمّ تحويلها إلى صندوق “الكنام” الذي ليس له الآليات لاستخلاص تلك المساهمات بمفرده.
ولكن على الرغم من تحسن نتائج استخلاص ديون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المتخلدة بذمة القطاع الخاص وتطور نسق تحويلات مستحقات الصندوق الوطني للتأمين على المرض من قبله تقدر نسبة التحويلات بين 60 و70 بالمائة من تلك المساهمات باعتبار أنه يخصص الجزء المتبقي لدفع جرايات المتقاعدين وهو ما راكم ديونه تجاه “الكنام”.
وإن هذا الوضع يحتم استحثاث إصدار الأمر الحكومي المتعلق بإصلاح نظام التقاعد في القطاع الخاص لما له من انعكاسات إيجابية على مستوى المحافظة على التوازنات المالية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتوفير موارد إضافية من شأنها مزيد تحسين نسق تحويل المساهمات لفائدة “الكنام”، كما يتجه نحو اضطلاع المجلس الوطني للحوار الاجتماعي بمعالجة ملف إصلاح الصناديق الاجتماعية وايلائه الأولوية اللازمة مع مواصلة العمل على تنويع مصادر تمويل الصناديق والانتهاء من عملية التقييم الشامل لنظام التأمين على المرض.