“الحزب الواحد … وغياب الديمقراطية” و”هل تضيع تونس بين أولويات حكوماتها وأولويات أحزابها وأولويات مواطنيها؟” و”على طاولة الحكومة … تحسين المقدرة الشرائية أولوية” و”مبادرات ايجابية …لكن…”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الخميس.
لاحظت صحيفة (الشروق) في افتتاحية عددها اليوم، أن تونس “عادت الى مربع الحزب الواحد المسيطر على الحياة السياسية، بعد التعددية السياسية والحزبية التي تعيشها تونس منذ 14 جانفي 2011 وبعد التوازن السياسي الذي أحدثه حزب نداء تونس بعد انتخابات 2014، ليحضر حزب حركة النهضة في كل جهات البلاد في غياب تام لكل الاحزاب الاخرى”.
وأضافت أن “تونس تحتاج اليوم الى أحزاب فاعلة في الحياة اليومية تتولى مهمة تأطير الشارع التونسي اذ لا معنى لاحزاب بلا أنصار لان سر نجاحها يكمن في قدرتها على تأطير الانصار وهو ما لا نراه اليوم في تونس التي تعاني من تصحر سياسي وثقافي حقيقي فكل الاحزاب تتجاهل منظوريها مع استثناء بسيط وهو حركة النهضة التي تراجع حضورها في الشارع التونسي” مشيرة الى أن “تحقير وترذيل الاحزاب السياسية عملية قد تبدو عفوية في ظاهرها ولكنها تؤسس لمشهد سياسي فاشي لن تكون فيه أي قيمة لا للاحزاب ولا للقيم السياسية ولا للشخصيات الوطنية وهو ما سيقود البلاد الى صحراء مترامية الاطراف ستؤدي الى الفراغ القاتل والكامل”.
وطالبت الصحيفة، في هذا الخصوص، “النخبة السياسية والنقابية باعادة الاعتبار الى هذه القيم حتى لا تتحول تونس الى بلاد تفتقر الى روح الحياة السياسية وقيمها” مبرزة أنه “لا يمكن بناء تجربة ديمقراطية دون أحزاب كبرى تكون قادرة على بناء حياة سياسية متوازنة فيها السلطة والمعارضة ولا بد قبل ذلك من تنقيح النظام السياسي والقطع مع النظام الانتخابي الذي لم نجن منه الا الفراغ فلا أحد يحكم ولا أحد يعارض”، وفق ما ورد بالصحيفة.
كما تطرقت، ذات الصحيفة، في ورقة بصفحتها السابعة، الى “السبل الكفيلة بتحسين المقدرة الشرائية للتونسيين مع ثلة من الخبراء الذين أجمعوا على أن الالية الاكثر نجاعة لتحسينها والتي لم يعد هناك مهرب من تطبيقها، هي التحكم في مسالك التوزيع” حيث يرى أستاذ الاقتصاد والوزير الاسبق للمالية حكيم بن حمودة أن “الحكومة مدعوة الى الانتقال بمحاربة الاحتكار من الاجراء الظرفي الى المشروع الوطني المتواصل للقضاء على المخازن العشوائية “.
كما اقترح، بن حمودة، على الحكومة الجديدة عددا من الاصلاحات الهيكلية المستوجبة في مجالات بات لها تاثير سلبي على عيش التونسيين وأصبحت مجالا للانفاق المرتفع، مشددا على ضرورة “اعادة تأهيل المدرسة العمومية لتخفيف عبء تكاليف التعليم على الفئات الهشة واصلاح المؤسسات الصحية العمومية لتعديل تكاليف الصحة والنقل العمومي الى جانب مراجعة سياسة الدعم في اتجاه منحه الى مستحقيه”.
ومن جهته اقترح الخبير الاقتصادي، وجدي بن رجب، وفق نفس الصحيفة، “النهل من التجرية البرازيلية التي احتفظت فيها الدولة بدورها التعديلي للسوق على الرغم من تحريره وذلك عبر بعثها لشركات متخصصة في التوزيع لا يمكن للمنتوج أن يسوق الا عبرها بما يحافظ على استقرار نسبي في مجمل المواد وخاصة منها المواد الاساسية” مضيفا انه “على الحكومة تعديل العديد من التشريعات في اتجاه منع تخزين المنتجات لفترات طويلة لضرب فلول الاحتكار والمضاربة”.
كما اقترح الاكاديمي وأستاذ التصرف في الجامعة التونسية، حليم النفاتي، “ضرورة مراجعة قانون الصلح التجاري الذي يمكن في الغالب المهربين من دفع هامش ضئيل من الاموال مقابل العفو عن جرائمه حيث يتعين على الدولة مزيد الردع والتشهير بالمتلاعبين بقوت التونسيين”، وفق ما ورد بالصحيفة.
وأفادت جريدة (الصباح) في افتتاحية عددها اليوم، “أن حلم جمع الشتات عاد من جديد ليراود عددا من مكونات الساحة السياسية وذلك مع عودة الحديث عن محاولات تقارب والتقاء بين الاحزاب تحت قبة البرلمان ، في شكل كتل على غرار الاعلان امس عن تكون الكتلة الديمقراطية التي جمعت أساسا بين حزبي التيار وحركة الشعب حيث يأمل كثيرون أن يتطور الى مشروع اندماج أو خارج مجلس النواب للانصهار أو تكوين جبهات سياسية كبرى تقطع مع ظاهرة الدكاكين الحزبية “.
وأضافت أن “التقييم المبدئي لهذه المبادرات لايمكن ان لا يكون ايجابيا، فالحاجة متواصلة لالتقاء الاحزاب تحت عناوين سياسية كبرى واضحة المعالم والتوجهات والمواقع والخروج من مرحلة الطفرة الحزبية التي كانت مفهومة في مرحلة بعد الثورة انتجت أكثر من 200 حزبا، لكنها لم تعد مقبولة اليوم مع نضج التجرية والاستفادة من دروس الخيارات الخاطئة ونتائجها السلبية على سلامة الحياة السياسية في البلاد وفي مقدمتها ايجاد التوازنات المطلوبة في المشهد”.
وأوضحت أن “هذه الفرصة قد تكون الاخيرة لتعافي المشهد الحزبي في تونس والاكيد أن هذا المخاض الجديد لجمع الشتات سيكون دون شك رهين توفر ضمانات قوية حتى لا تستنسخ التجارب الفاشلة وينفرط العقد بعد برهة من الزمن” مبينة أن “المطلوب الحسم أولا وقبل كل شىء فيما اذا كان البحث عن أرضية مشتركة هو توجه مبدئي أو ظرفي”.
واعتبرت (المغرب) من جانبها، أن “الهاجس الاكبر لكل حكومات ما بعد الثورة وخاصة منذ سنة 2014، أي بعد أن استفذنا جل مخزوننا المالي، هو الايفاء بتعهداتها الملحة من خلاص أجور موظفيها وجرايات متقاعديها وسداد خدمة الدين العمومي وتحسين استخلاص الجباية واللجوء الى الاقتراض الداخلي وخاصة الخارجي لسد الثغرات المتعاظمة بين المداخيل ومجالات الانفاق المختلفة مع الحفاظ ما أمكن على السلم الاهلية بالزيادة في الاجور وبالحلول الجزئية لبعض الجهات والفئات” مشيرة الى أنه “في المقابل تكون أولويات الاحزاب حتى تلك التي تدعم الحكومة في عالم آخر لا علاقة له بالتسيير الفعلي للبلاد فهي تتناحر، الى حد الان على الاقل، على اقتطاع حصصها في التسميات والتعيينات ثم ينصب تفكيرها على خدمة شبكاتها الزبونية، طريقها الملكي، بحسب اعتقادها، لضمان ديمومتها في الحكم فلا تراها تعمل على تطوير أفكار جديدة أو تحيين تصوراتها لمشاكل تونس، فهذا الكل لا يعنيها الا بقدر ما تقدر انها قادرة على الاستفادة منه انتخابيا”.
وأضافت أن “أولويات بقية المواطنين مرتبطة بصفة هيكلية بوضعياتهم الاقتصادية والاجتماعية والاعتبارية والكل يريد تحسينها ويراها اولوية الاولويات وأنه على الدولة توفير ظروف تحقيقها من العاطل عن العمل الى صاحب أكبر مؤسسة اقتصادية، بالطبع هموم مشتركة، الى حد ما، كالضغط على الاسعار وتحسين الخدمات العمومية والاخذ ما أمكن من الدولة ودفع أقل ما يمكن لها”.
وبينت أنه “لا شك أن هنالك بعض المبالغات في ما قيل لكنها مبالغات ضرورية للنمذجة كما يقول فلاسفة العلوم أي لفهم بعض دوافع الاولويات المتناقضة في البلاد والتي تمنع، الى اليوم، توجيه كل الجهود في البلاد الى الاولويات الوطنية المشتركة وهي وحدها التي تسمح بتوفير شروط الامكان في التفكير في الاصلاحات الجوهرية طويلة المدى التي يجب أن نحول بها منوالنا التربوي بداية ومنوالنا الاجتماعي والاقتصادي ثانيا ونظرتنا لانفسنا وللعالم ثالثا”، حسب ما جاء بالصحيفة.