“ملامح حكومة الجملي بدأت تتوضح .. حضور قوي للنهضة وتحيا تونس في المعارضة” و”مجلس نواب الشعب … البداية المتعثرة” و”فلكلور سياسي” و”مع نهاية كل سنة وبداية أخرى … تتواتر الاحتجاجات ومحاولات الانتحار ووضع متأزم في عدد من الجهات”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الخميس.
أشارت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الثالثة، الى أنه من الارجح أن يكون الاسبوع المقبل موعدا لعرض تشكيلة حكومة، الحبيب الجملي، على مجلس النواب للمصادقة عليها مضيفة أن “رئيس الحكومة المكلف قد حسم أمره، حسب ما يبدو، في ما يخص حزب قلب تونس وذلك بعدم تشريكه في الحكومة التي هي بصدد التشكيل وهو ما يتماشى ورغبة حزب حركة النهضة وحركة الشعب وحزب التيار الديمقراطي اذ رفضت جميعها مشاركة هذا الحزب في الحكم”.
وبينت أنه “وعلى الرغم من توضح الرؤية بالنسبة الى حركة النهضة التي من المؤكد أنها ستكون من أعضاء الائتلاف الحاكم وبالنسبة الى حزب قلب تونس الذي سيكون خارجه وسيعزز صف الاحزاب المعارضة، فان الرؤية لم تتوضح لبقية الاحزاب المعنية بالمشاورات وخاصة التيار الديمقراطي وحركة الشعب، فهذان الحزبان لم يمتنعا عن المشاركة في الحكومة خاصة بعد استبعاد قلب تونس غير أنه كانت لهما تحفظات على مسار تشكيلها كما وضعا عددا من الشروط للانضمام اليها” مبرزة أن “عدم توضخ الرؤية بالنسبة الى هذين الحزبين لا يعني أبدا أنهما لن يشاركا في حكومة الجملي خاصة وأن حركة النهضة التي رشحته لان يكون مكلفا بتشكيل الحكومة باختيارها لشخصية تكون قد رضخت لاحد شروطهما وهو ألا يكون رئيس الحكومة نهضاويا وقد تأكد التيار والشعب على الاقل تنظيما من أن الجملي ليس منخرطا في الحركة كما تم تحييد وزارات السيادة التي طالب التيار الديمقراطي بوزارتين منها وهما العدل والداخلية ولن يتم تمكينه منهما وهذا لن يفسد للود قضية اذ أن التحييد المعلن في حد ذاته يعتبر رسالة طمأنة لهذا الحزب وللاخر وهذا ما يعني أن كلاهما أقرب لان يكون ضمن الائتلاف الحاكم القادم”.
وأفادت أن “بقية الاطراف التي شملتها المشاورات وهي ائتلاف الكرامة وحركة تحيا تونس وكتلة الاصلاح الوطني، لم تحدد في غالبيتها بوصلتها لكن ما يجب تأكيده هو أن ائتلاف (الكرامة) يرفض المشاركة في الحكومة اذا شارك فيها قلب تونس وبزوال سبب الرفض فان الائتلاف أقرب لان يكون موجودا ضمن التشكيلة الحكومية التي من المزمع الاعلان عنها قريبا”.
ولاحظت (الشروق) في افتتاحية عددها اليوم، “تواصل التوتر في مجلس نواب الشعب في غياب رئيسه، راشد الغنوشي، الذي التجأ الى مقر مجلس المستشارين لتجنب التصادم مع كتلة الدستوري الحر التي واصلت اعتصامها أمام مكتبه احتجاجا على ما تلفظت به، جميلة الكسيكسي، نائبة حركة النهضة عن دائرة مدنين وتوجيهها كلمات نابية تجاه كتلة الدستوري الحر التي تترأسها عبير موسي”.
واعتبرت أن “ما حدث أمس في مجلس نواب الشعب وما شهده القصر الحسيني من تلاسن وتشنج وتشابك بالايدي يؤكد أننا سنواجه خمس سنوات صعبة سيزداد خلالها منسوب الحنق الشعبي على اعضاء مجلس النواب وسيتواصل ترذيل المشاركة السياسية والتجربة الديمقراطية التي تشهد تراجعا كبيرا في مستوى الممارسة اليومية” مشيرة الى انه “من المفترض أن يكون اعضاء نواب الشعب النموذج في سلوكهم اليومي وفي تصريحاتهم في وسائل الاعلام وفي مصداقيتهم ليكونوا في مستوى الثقة التي منحها لهم الشعب لتمثيلهم في المجلس السيادي وهو قلب السلطة في تونس، وعندما تهين نائبة زملاءها المنتخبين مثلها فهي تكون بذلك قد أهانت جزءا من الشعب التونسي الذي تمثله ذلك أن نواب المجلس لا يمثلون أحزابهم بل يمثلون الشعب بمجرد أداء اليمين”.
وأضافت انه “اذا تواصل الحال على ما هو عليه فان هذه الدورة النيابية قد تكون الاسوأ في تاريخ تونس المستقلة بل أسوأ حتى من أداء المجلس التأسيسي وسيرتفع منسوب الاستقالة من الشأن العام في الشارع التونسي” معتبرة أن “ذلك أخطر ما يمكن أن تصاب به أي تجربة ديمقراطية”، وفق ما ورد بالصحيفة.
أما جريدة (الصباح) فقد اعتبرت في افتتاحيتها “أن الشعبوية وتشنج الافكار وغوغائيتها وغطرسة أصحابها تبقى من أسوا ما يواجهه العمل السياسي الذي لم يغادر بعد تسع سنوات من الثورة ومن الديمقراطية خانة الهواية وعدم الاحتراف حيث ظل حبيس الشتائم والاتهامات المتبادلة والتكلس الايديولوجي والعداء السياسي رغم ان البلاد في أشد الحاجة لخطاب سياسي رصين ومتوازن وهادئ ويعكس حجم الازمات التي نعيشها ويشيع الطمأنينة في النفوس ويهدئ من روع الراي العام المضطرب والمحبط من تتالي الكوارث والمصائب”.
وأضافت أنه “على عكس ما كان متوقعا من نخبة سياسية زمن فاجعة هزت كل البلاد وفي الوقت الذي يرتفع فيه، من ساعة الى أخرى، عدد الجنائز والعائلات المكلومة التي فقدت فلذات أكبادها في مصاب جلل تعجز مؤسسات الدولة الرسمية عن تقديم المعلومة في وقتها وعن تطويق الكارثة وعن طرح خطاب يطمئن القلوب الملتاعة وفي جهة أخرى تندلع “الحروب” والمواجهات الكلامية بين النواب الذين اختارهم الشعب لتمثيله في الحياة السياسية” مشيرة الى أنه “بعد يوم من الفاجعة تكون واقعة لجنة المالية الوقتية حيث عمد رئيس اللجنة الى طرد ممثلي وزارة المالية على هامش مناقشات قانون المالية التكميلي كما قرر تعليق نشاط اللجنة بسبب عدم تمكينه من مكتب خاص بلجنته وما اعتبره اهانة لشخصه ولاعضاء اللجنة”.
وبينت أن “كل ذلك حصل وجثامين ضحايا فاجعة عمدون تغادر تباعا بيت الموتى بمستشفى شارل نيكول وفي الوقت الذي كانت تقام فيه سرادق العزاء يومها في 26 بيتا كانت هناك معركة حامية الوطيس في البرلمان بين رئيس لجنة المالية الوقتية وبعض النواب، معركة سباب وشتائم واتهامات متبادلة من أجل غرفة مكتب ودماء ضحايا رحلة الموت لم تجف بعد في مكان الحادث الاليم” مضيفة أن “هذه الفاجعة تستمر في الالقاء بظلالها السوداء ويرتفع عدد الضحايا وترتفع بالتزامن معها حالة التوتر في البرلمان ويتحول التوتر الى حالة احتراب كلامي تلخصت في مواجهة كلامية بين النائبة جميلة الكسيكسي عن حركة النهضة ورئيس كتلة حزب الدستوري الحر عبير موسي حيث وصفت الاولى نواب الدستوري الحر بالكلوشارات ليرد نواب الدستوري الحر باعتصام على عين المكان ليلة أول أمس مطالبين باعتذار رسمي”.
وتطرقت (المغرب) في ورقة خاصة، الى حالة الاحتقان التي تعرف أشدها مع نهاية سنة وبداية أخرى حيث يرتفع عدد الاحتجاجات المطالبة بالتنمية أو الرافضة لقانون المالية مشيرة الى أن هذه السنة صاحبت موجة الاحتقان في عدد من الجهات حوادث أليمة وقد شهدت حادثة عين السنوسي ارتفاعا في عدد الضحايا من جهة ومحاولات انتحار وعمليات طعن لتلاميذ.
وأضافت أن “الاجواء المشحونة بالغضب أسفرت أمس عن محاولة انتحار أخرى من قبل شاب أصيل عمادة خيط الوادي من معتمدية حفوز التابعة لولاية القيروان الذي أقدم على اضرام النار في جسده بعد أن سكب البنزين على نفسه داخل مقر المعتمدية بسبب وضعه الاجتماعي وقد سارع عدد من الحاضرين الى اخماد النيران الملتهبة بجسده وتم نقله الى المستشفى المحلي في مرحلة أولى ومنه الى مستشفى الاغالبة بالقيروان لتلقي الاسعافات اللازمة بعد أن أصيب بحروق من الدرجة الثانية”.
وعرجت الصحيفة على تقارير، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس، التي تفيد بأن “تصاعد الحركات الاحتجاجية في تونس ينطلق مع نهاية السنة ويعرف ذروته خلال شهري جانفي وفيفري منذ سنة 2011، وعلى سبيل المثال خلال سنوات 2016 و2017 و2018 ارتفع نسق التحركات الاحتجاجية بداية من شهر أكتوبر طيلة السنوات المذكورة وخاصة خلال أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر وجانفي موضحة أنه خلال “أشهر ديسمبر بلغ عدد التحركات الاجتماعية سنة 2016 حوالي 798 تحركا وخلال سنة 2017 قرابة 779 تحركا، أما خلال سنة 2018 فقد بلغ حوالي 832 تحركا مع الاشارة الى أن القطاع التربوي تصدر طليعة التحركات الاجتماعية لسنة 2018 وبداية 2019”.