نشرت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، اليوم الأربعاء، تقريرا دقّت من خلاله ناقوس الخطر بخصوص مصير عشرات الآلاف من التونسيين المصنّفين والخاضعين لتدابير تعسفية وضاربة للحريات من قبل وزارة الداخلية في إطار سياسة مكافحة الارهاب”.
واعتبرت المديرة القانونية للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، هيلين ليجاي، في ندوة صحفية عقدتها المنظمة اليوم بتونس لعرض تقريرها الذي يستند إلى شهادات لعشرين شخصا (18 رجلا وامرأتان) بدعم من المنظمة، في إطار برنامج المساعدة القانونية والنفسية لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة في تونس “سند”، أن القيود المفروضة على الحريات، غير متناسبة، وليس لها أي أساس قانوني، بالإضافة إلى أنها غير خاضعة للمراقبة القضائية، معتبرة أن هذه القيود هي إجراءات تعسفية تتعارض مع الدستور والقانون الدولي.
وأوضحت أن هذه التدابير المقيّدة للحريات تقررها وزارة الداخلية، في حق الاشخاص المفترض أنهم يشكلون تهديدا للنظام العام أو الأمن القومي، مضيفة أن هذه التدابير التي تهدف بالأساس إلى الوقاية من ارتكاب أعمال إرهابية، من شأنها اتخاذ أشكال مختلفة، على غرار الإقامة الجبرية ومنع مغادرة أرض الوطن والإستدعاءات المتكررة لمراكز الأمن والأبحاث غير الخاضعة لأي اجراء قانوني والتعطيل المطول أثناء المراقبة المرورية أو في المحطات العبور الحدودية والزيارات المتكررة لأعوان الأمن لمنازل المعنيين بهذه الإجراءات أو لأماكن عملهم.
وأكدت ليجاي، بناء على الشهادات التي تم جمعها، أن التصنيف “آس” يحدد لأول مرة نموذجا لتدابير الرقابة الإدارية التي يخضع لها الأشخاص المشمولون بها، ملاحظة أن هذه التدابير تتعدى مسألة تقييد الحريات أو التحرك وتتخذ شكل الممارسة القمعية البوليسية التي تمارس في كنف الإفلات من العقاب.
من جانبها أفادت المختصة في علم النفس السريري، ريم بن اسماعيل والتي تعمل على مصاحبة المنتفعين ببرنامج “سند”، منذ 6 أعوام، أن هذه التدابير تؤدي إلى فقدان المرجعيات، سواء على المستوى النفسي أو الإجتماعي. كما أنها تسبب تهميشا حقيقيا يعزز تمزّق الروابط الإجتماعية التي يمكن أن تشكل خطرا على الأشخاص المعنيين والمجتمع عموما، مشيرة إلى أن الأشخاص المصنفين والخاضعين لهذه التدابير، معرّضون لخطر فقدان وظائفهم والطلاق والإنعزال، إضافة إلى معاناة الآباء والأبناء من الصدمات والقلق والإكتئاب.
واعتبر أمين عام المنظمة العالمية لمناهظة التعذيب، جيرالد ستابيروك، أن إرساء نظام مراقبة بهذا الشكل، لا يمكن من تحقيق الأمن بل يهدد بتنامي التطرف العنيف، مشيرا إلى أن المنظمة تدعو إلى التعليق الفوري لكافة هذه التدابير الإدارية المقيّدة للحريات وتعويض الأشخاص الخاضعين لها.
ولفت الانتباه أيضا إلى الحاجة الملحة لإصلاح الإطار القانوني الذي يفترض أن تركز عليه هذه التدابير، من أجل ضمان استناد أي تقييد للحريات على نص قانوني.
كما دعا الحكومة إلى منح مرفق العدالة الإدارية، وسائل العمل الضرورية لممارسة رقابة جدية وسريعة وناجعة على هذه التدابير، مبرزا أهمية أن تقوم وزارة الداخلية بإعلام الأشخاص المعنيين بإجراءات التصنيف ودوافعه والأسس القانونية ومدة هذه الإجراءات، من أجل السماح لهم بممارسة حقهم في التقاضي.