“انهزمت النهضة ولم تنتصر الدولة المدنية بعد … صندوق الزكاة عملية بيضاء في ميزانية 2020″ و”اللجان والعمل البرلماني الحقيقي” و”اما الدولة واما الفوضى” و”مسار البلاد مرتهن بالانتماءات السياسية .. الايديولوجيا تقسم تونس”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
اعتبرت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الثالثة، أن “المعركة لم تنه بهزيمة النهضة في مجلس النواب في اطار مناقشة ميزانية 2020 فالمعارك قادمة على درب الاسلمة الناعمة من خلال ما يروج عن مبادرة تشريعية جديدة بخصوص صندوق الزكاة” مذكرة “بكيفية وقوع الترويج في وقت من الاوقات للصيرفة الاسلامية والمالية الاسلامية فظهرت البنوك الحلال وكأن بقية المؤسسات المالية ببلادنا حرام وظهرت النزل الحلال وتم تسويق بعض المواد الاستهلاكية وعلى غلافها أو يافطتها الاشهارية عبارات منتوج حلال وكأننا في دولة أجنبية أوروبية أو غيرها في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني أننا مجتمع مسلم ووسطي وحداثي منذ عقود بل منذ قرون ومتشبعون بالثقافة العربية الاسلامية”.
وأضافت أن “المؤسف هو ضيق أفق الجماعة الاسلامية وقصورها عن الخلق والابداع فهي تدرك مدى تذمر التونسيين من حكاية الصناديق نتيجة الذكريات غير الجيدة مع صندوق التضامن 26-26 وكذلك صندوق التشغيل 21-21 وغيره من صناديق ما قبل 2011 وحتى بعده مع صندوق التعويضات باسم الكرامة لذلك كان حريا بالنهضة ازالة القناع بوضوح واقتراح بيت للزكاة كما يتبناها الاسلامي السياسي في سياق الدولة الدينية”.
وبينت في هذا الخصوص، أننا “نعيش في جمهورية مدنية تجمع فيها الدولة الضرائب وبمقدورها سن قوانين عادية تفي بغرض اعطاء بعض من أموال الاغنياء للفقراء لتبقى الزكاة علاقة بين الفرد والفرد مرضاة لله لمن يرغب في ذلك، ولتبقى مسؤولية الدولة المدنية تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين لا الرعايا”، وفق ما ورد بالصحيفة.
ورأت (الشروق) في مقالها الافتتاحي، أنه “آن الاوان اليوم لايلاء عمل اللجان البرلمانية أهمية بالغة من قبل النواب لانه يمثل روح العمل البرلماني الحقيقي وذلك من خلال عدم التغيب عن جلسات اللجان والتحلي بالجدية والانضباط فيها وأيضا التحضير لها جيدا على كل المستويات” مؤكدة على “ضرورة أن تتحمل رئاسة اللجنة في ذلك كامل مسؤوليتها من خلال الكشف عن كل نقاط الضعف التي قد تطرأ على عمل اللجنة وعن الغيابات وغيرها من الاخلالات كما يجب ابعاد أعمال هذه اللجان عن كل الحسابات السياسية الضيقة وتخليصها من كل أشكال التعطيل التي تطرأ عليها”.
وأشارت، في هذا الصدد، الى أن “بعض اللجان تحولت في السنوات الماضية الى ما يشبه السلطة والمعارضة وأصبح العمل داخلها خاضعا للميولات السياسية والايديولوجية وهو ما عطل العمل البرلماني وعطل معه الحكومة”.
وأضافت أنه “من المفارقات في تونس أنه يقع الاقتصار في التغطيات الاعلامية لنشاط مجلس نواب الشعب على أشغال الجلسات العامة التي تنقل مباشرة عبر التلفزة ويحضرها الصحفيون في حين لا يسمح عادة لوسائل الاعلام بتغطية أشغال اللجان” مبرزة أنه “داخل اللجان يظهر الوجه الحقيقي للنائب ان كان ترشح الى البرلمان لتقديم الاضافة على مستوى عمل اللجان أم أنه ترشح من أجل البحث عن الشهرة وعن البروز في الجلسة العامة، ولو كانت أشغال اللجان منقولة عبر التلفزة لامكن للمواطن اكتشاف حقيقة بعض النواب”، حسب ما جاء بالصحيفة.
وأفادت، ذات الصحيفة، في مقال بصفحتها السادسة أن “انطلاقة البرلمان الجديد تميزت بنوع من الانقسام داخله بين خندقين الاول يضم الحزب الاغلبية حركة النهضة والاطراف القريبة منها ايديولوجيا مثل ائتلاف الكرامة وفي المقابل هناك الاطراف التقدمية وتجمع أحزاب كتلة الاصلاح الوطني وحزب قلب تونس والحزب الدستوري الحر وكتلة المستقبل وحزب تحيا تونس في حين مازالت كل من حركة الشعب والتيار الديمقراطي لم يحسما أمرهما بعد”.
وأضافت أن “عملية الاصطفاف انطلقت من البرلمان وتجلت في عديد المعارك كانت أولها في جلسة الافتتاح التي شهدت بداية المناوشات خاصة بين الحزب الدستوري الحر وحركة النهضة وائتلاف الكرامة لتشمل فيما بعد أطرافا أخرى منها حزب قلب تونس والتيار الديمقراطي”.
وأشارت الى “أنه وبالتوازي مع ما يحصل في البرلمان فقد شهد مسار تشكيل الحكومة اصطفافا مشابها لما يحصل في البرلمان حيث وقبل تعيين من سيترأس الحكومة الجديدة وضعت حركة النهضة شروطا واضحة كرست ذلك الاصطفاف حيث رفضت مشاركة كل من قلب تونس والدستوري الحر في الحكومة من البداية طبعا “.
كما بينت “أنه مع تقدم المشاورات بدأت عملية الاصطفاف خارج البرلمان تأخذ مسارات واضحة حيث تجمعت عدة أحزاب تقدمية منها حزب مشروع تونس وحزب البديل التونسي وحزب آفاق تونس في كتلة واحدة ليلاحقوا فيما بعد بجبهة برلمانية تضم كل من حزب قلب تونس وكتلة الاصلاح الوطني وكتلة المستقبل”.
كما أوضحت أن “تلك الاصطفافات بينت أنها قادرة على التأثير والاستمرار وكانت الوسيلة التي أسقطت مقترحات حركة النهضة في قانون المالية لسنة 2020 والذي قدم صورة واضحة لما يحصل في الساحة السياسية حيث تم دعم أو معارضة المقترحات من زاوية الموقف الايديولوجي وليس من زاوية القراءة الموضوعية”.
واعتبرت جريدة (الصباح) في ركنها “صباح الخير”، ان “الاحداث التي رافقت تدشين أشغال مجلس نواب الشعب في دورته الجديدة يعززالقناعة بغياب الرؤية الواضحة بشأن حاضر ومستقبل تونس القرن ال21 مما يعني أن استمرار المشهد على حاله يفيد بأن السنوات الخمس القادمة ستنتهي بالتفريط ببقية مكونات الدولة المدنية والدفع الى اضاعة البوصلة التائهة في صراعات المجلس الموقر الذي تحول الى مخبر تجارب أو حلبة صراعات صبيانية مفتوحة على كل السيناريوهات”.
وأضافت أن “الخوف من أن تتحول تلك الصراعات المشينة التي تابعها التونسيون الى خارج أسوار قبة باردو وأن تمتد عدوى الكراهية والدفع الى الاقصاء ومشاعر الحقد وأن تتحول الى فتنة بين أنصار الحركات والاحزاب المنتاحرة تتواجه فيها فلول وانصار النهضة بجماعة رابعة وأنصار التجمع وغيرهم من الاحزاب” مشيرة الى “أن المؤشرات أو، على الاقل ما ظهر منها، لا ينبىء بخير وقد وجب التحذير مما يمكن أن يحدث في حال استمرت سياسية ديبلوماسية الصمت والاسترخاء والدفع الى عزل تونس وتموقعها اقليميا ودوليا و كل ما يعنيه ذلك من تراجع صورة ومكانتها وما تحقق من مصداقيتها بعد الثورة وذلك في ظل استمرار المخاض العسير للحكومة رقم 13 منذ 2011 و التي لم تتضح بعد ملامحها”.
وأبرزت، في سياق متصل، “أنه لا حاجة لقدرات خارقة ليدرك الجميع أن افتتاح الدورة البرلمانية كان اختبارا فاشلا للحزب الفائز في الانتخابات التشريعية وهو اختبار فاشل حتى هذه المرحلة لزعيم الحزب ورئيس مجلس نواب الشعب نفسه، راشد الغنوشي، الذي يجد نفسه في موقع غير ما تعود عليه في الحركة التي يتزعمها منذ عقود وهو الذي سيتعين عليه في هذه المرحلة أن يتقن فن التنقل بين الالغام وتوقي الانفجارات القادمة”، وفق ما ورد بالصحيفة.