أبرز رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب، حرص تونس على المضيّ قدما في التوقّي من الفساد ومكافحته، والإيفاء بكافة التزاماتها في إطار تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي صادقت عليها في 23 سبتمبر 2008، وذلك رغم الرهانات التي يفرضها تواصل البناء الديمقراطي.
وأفاد الطبيب، في كلمة الوفد التونسي المشارك في الدورة الثامنة لمؤتمر الدّول الأطراف في اتفاقيّة الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد، المنعقدة من 16 الى 20 ديسمبر الجاري بأبو ظبي (الامارات المتحدة)، بأن تونس شرعت في الاستعداد للمرحلة الثانية من الفصلين الثاني “التدابير الوقائية” والخامس “استرداد الموجودات” من الإتفاقية، وتشهد خلال هذه المرحلة تقدما هاما في إرساء الأطر القانونية والمؤسّساتية لتكريس مبادئ النزاهة والشفافية والمساءلة، بما يسهم في التوقي من الفساد ومكافحته.
وبين أنه من أهم ما تمّ إنجازه على مستوى الترسانة القانونية في هذا الإتجاه، منذ الدورة السابقة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية، المصادقة على اتّفاقية الاتّحاد الإفريقي لمنع الفساد ومكافحته، وسن قانون اساسي خاص بالاستقلالية الإدارية والمالية للهيئة المكلفة بمكافحة الفساد المدسترة منذ سنة 2014، الى جانب قانون أساسي ثان يتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية، وقانون يتعلّق بالتصريح بالمكاسب والمصالح ومكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، وإطار قانوني جديد لمحكمة المحاسبات، وتعميم منظومة الشراء العمومي على الخطّ لجميع الهياكل العمومية.
وأضاف أنه تم على مستوى تبسيط الإجراءات الإدارية، إصدار قائمة حصريّة للأنشطة الاقتصادية الخاضعة لنظام الترخيص، وإحداث سجلّ وطنيّ للمؤسّسات بهدف دعم شفافية المعاملات الاقتصادية والمالية، وسنّ إطار قانوني للمسؤولية المجتمعية للمؤسّسات بهدف تكريس مبدأ المصالحة بين المؤسسات ومحيطها البيئي والاجتماعي، وكذلك تطوير التشريع المتعلّق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
أمّا فيما يخص المستوى المؤسّساتي، فقد أوضح الطبيب أن أبرز الإنجازات تجسمت أساسا في المساهمة الفعالة في تكوين الشبكة الإفريقية لهيئات مكافحة الفساد، واعتماد خطّة العمل الثانية المرتبطة بالاستراتيجية الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، عبر مواصلة اعتماد مقاربة جزر النزاهة في قطاعات ذات أولوية وذات مخاطر عالية وهي قوات الأمن الداخلي والديوانة وقطاع الصحة العمومية والبلديات.
كما صرح بأنه تمّ كذلك اعتماد معايير محاسبية خاصّة بالجمعيات والأحزاب السياسية، وحثّ كلّ الهياكل العمومية على احترام الحقّ في النفاذ إلى المعلومة، فضلا عن اعداد السلطة القضائية لمشروع مدوّنة أخلاق القاضي، هو محلّ استشارة الآن.
وأكد الطبيب، فيما يتعلق بالفصل الخامس من الاتفاقية، أن تونس تعتبر أنّ تطبيقه بقي محدودا جدّا في مجال استرداد الأموال، وهو ما يستوجب تكثيف الجهود لدفع التعاون في هذا الإتجاه، للحد من ظاهرة الإفلات من العقاب، معتبرا أن تمسّك عدد من هذه الدول بإعطاء الأولوية لتطبيق قوانينها الوطنية على حساب أحكام الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد في مجال استرجاع الموجودات، يتعارض بشكل صارخ مع معايير القانون الدولي التي يجب أن تحظى بالعلوية.