“الباروميتر السياسي ديسمبر 2019 … بعد أسابيع خاطفة من التفاؤل ارتفاع قوي في تشاؤم التونسيين” “عن هجرة الوزير والذكاء التونسي المهدور” و”دولة الاشباح” و”قبل الاعلان عن الحكومة الجديدة … ملفات عاجلة على مكاتب الوزراء” و”سياسيو المنابر والاضواء”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية.
نشرت جريدة (المغرب) في عددها اليوم، نتائج الباروميتر السياسي لشهر ديسمبر 2019 الذي خلص الى أن “التشاؤم عاد ليكون عاما لدى كل الفئات والجهات والاعمار والمستويات المعرفية ولدى الجنسين أيضا وحتى داخل العائلات السياسية الكبرى فهو ولئن بلغ 7ر86 بالمائة عند القاعدة الانتخابية للحزب الثاني قلب تونس فان القاعدة الانتخابية النهضوية متشائمة وان كان ذلك بنسبة أقل بكثير (0ر54 بالمائة)”.
وأضافت أن “التشاؤم أصبح عاما في كل الجهات ولكنه دون الثلاثين عموما في ولايات الجنوب الستة (قابس ومدنين وتطاوين وقفصة وتوزر وقبلي) وصفاقس وولايات الغربي (سيدي بوزيد والقيروان والقصرين) بينما نجده يتجاوز ثلاثة أرباع العينة في بقية ولايات الوسط والشمال” مشيرة الى أنه “لا وجود لفوارق جندرية تذكر في منسوب التشاؤم أما اجتماعيا فالطبقة المرفهة هي الاكثر تشاؤما ب8ر79 بالمائة بينما تكون الطبقة الوسطى العليا (المهن الحرة والاطارات العليا والجامعيين) هي الاقل تشاؤما ب7ر69 بالمائة”.
وكشفت، ذات الصحيفة، وفقا لنتائج الباروميتر أن “قيس سعيد رئيس الجمهورية مازال يحظى بنسبة مرتفعة من الرضا ب9ر77 بالمائة على عكس يوسف الشاهد وراشد الغنوشي ولكن هناك 5ر45 بالمائة فقط من التونسيين الراضين تماما على أدائه فيما يكون الثلث (5ر32 بالمائة) راضيا الى حد ما بما يفيد أن رصيد رئيس الدولة هام ولكنه محدود الى حد ما وأن منسوب الرضا عن أدائه سيتطور حتما في الاسابيع القادمة وفق تقدير النجاح في الانجاز من عدمه”.
كما أفادت أنه “عندما نأخذ مقياس الثقة الكبيرة في الشخصيات السياسية نجد نفس الترتيب لخماسي الطليعة في الشهر الفارط فقيس سعيد مازال في الطليعة ب0ر68 بالمائة وعلى بعد 30 نقطة من صاحب المرتبة الثانية الصافي سعيد 8ر37 بالمائة ثم الثنائي سامية عبو 0ر25 بالمائة ومحمد عبو 1ر18 بالمائة فلطفي المرايحي ب6ر15 بالمائة” لافتة الى “أن الجديد ليس في الترتيب ولا في الاسماء ولكن في خسارة قيس سعيد لعشر نقاط كاملة في ظرف شهر واحد وهي خسارة كبيرة خاصة وأننا في البدايات الاولى لعهدة الرئيس الجديد كما نلاحظ أي كلا من الصافي سعيد وسامية عبو ومحمد عبو قد ربحوا حوالي ثلاثة نقاط فيما حافظ لطفي المرايحي على نفس الرصيد”.
وتفاعلت جريدة (الصحافة) في مقالها الافتتاحي، مع خبر استقالة وزير التعليم العالي سليم خلبوس، الذي اختار الهجرة الى كندا بحثا عن آفاق أخرى أرحب حيث سيترأس الجامعة الفرنكفونية بهذا البلد معتبرة أن “اهدار القدرات المعرفية والذكاء التونسي يعد مؤشرا من مؤشرات الانحدار العام والنزيف الذي تعرفه بلادنا منذ سنوات في مجالات البحث العلمي بمختلف تفرعاته والطب والهندسة والتي من شأنها أن تخلق حالة من التصحر الفكري وندرة الكفاءات النوعية على المدى المتوسط والبعيد وهو ما يتناقض مع رهانات دولة الاستقلال القائمة على المعرفة والذكاء كموارد أساسية لبناء الذاتية التونسية حيث رفعت تحدي التعليم العمومي المجاني واعتبرت المدرسة مصعدا اجتماعيا قاد أبناء الفئات الشعبية الى احتلال مكانة اجتماعية مرموقة وحصلوا على أعلى الشهادات من أعرق الجامعات الغربية”.
ورأت في، هذا الخصوص أن “الاهم من ذلك أن أغلبهم عادوا الى تونس ليستثمروا علمهم فيها وليستفيد منهم عموم التونسيين” مشيرة الى أن “هذه الدائرة الناجحة التي كانت أبرز ما حققته الدولة الوطنية فقدت اليوم، وبتنا في بلد يختار وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن يهاجر ولا نحتاج قطعا أن نسأل عن أحلام التونسيين التي باتت تختصر في الهجرة والبحث عن الجنة المفقودة”.
واعتبرت جريدة (الشروق) في افتتاحيتها، ” ان كل الطبقة السياسية التي تنخرط في لعبة الاضواء والمنابر تبدي استهتارا واضحا بحجم الرهانات والتحديات التي تنتظر البلاد والعباد تحتاج الى رجة قوية تعيد للجميع رشدهم وتذكرهم بان صبر المواطن له حد وبان انتظاره لا يمكن ان يتواصل الى ما لانهاية”.
وأضافت أن “المتابع لاداء الكثير من السياسيين ومن الوجوه التي باتت مؤثرة في المشهد السياسي لا بد أن يخرج بقناعة مفادها ان هؤلاء يعيشون حالة قطيعة كاملة مع مجتمعهم وأنهم يعيشون على كوكب آخر” مبينة “أنها القطيعة التي تجعلهم ينخرطون في كل تلك المزايدات ويديرون ظهورهم لمشاكل البلاد والشعب التي تراكمت لتصبح في حجم الجبال
” .
وأشارت الى أن “هذا الوضع يبدو أنه الذي أجبر الحزب الفائز على محاولة مد الجسور مع العديد من القوى الاخرى بحثا عن الدعم اللازم لتشكيل حكومة تجتاز امتحان البرلمان وتضمن لنفسها هوامش تحرك ومناورة لفتح كل الملفات المستعصية ” متسائلة “هل أن السياسيين يستشعرون دقة المرحلة وحساسية الظرف الاقتصادي والاجتماعي الذي تردت فيه البلاد وهم ينخرطون في ماراطون المزايدات والمشاورات والاجتماعات ويهدرون وقتا وفرصا قد يندمون عليها في مدى منظور”.
وأوضحت أنه “على السياسيين أن ينظروا حولهم ويتأملوا في مشاهد من قبل المشهدين العراقي واللبناني ليستخلصوا العبر قبل فوات الاوان وقبل نزول القطرة التي سوف تفيض الكاس….. وهي قطرة لن تستشير احدا ولن تنتظر بكل تاكيد مالات مزادات السياسيين وسفسطاتهم في المنابر الاعلامية”، وفق ما ورد بالصحيفة.
وأفادت، الصحيفة ذاتها، في ورقة خاصة، “أنه وعلى وقع تواتر أسماء الوزراء الجدد بعد تجاذبات حادة وشديدة ومشاورات ينتظر الوزارء الجدد ملفات صعبة ومعقدة ستكون على مكاتبهم وسيطالبون بمعالجتها وايجاد حلول لها “.
وأضافت “أن الملفات المالية قد تكون من أصعب الملفات التي تواجه حكومة الحبيب الجملي في ظل الحديث عن عجز كبير وما تطلبه موارد ميزانية الدولة من تعبئة للموارد تبدو الان شحيحة وفي المقابل سيواجه وزير المالية الجديد ضغوطات كبيرة لتوفير اعتمادات تهم اتفاقيات امضيت مع الاطراف الاجتماعية ولا بد من تطبيقها وتنفيذها”.
وأشارت الى “أن الحكومة الجديدة أمامها ملفات اجتماعية ومهنية هامة وتبدو مصيرية لاصحابها اولها ملف تسوية اعوان الحضائر والذين لن يتنازلوا عن حقهم في الادماج والانتداب ضمن اسلاك الوظيفة العمومية اضافة الى ملف تسوية وضعية الاساتذة النواب ” موضحة “أن المسألة الاهم هي خلق مواطن شغل الاف الخريجين من الجامعات والمنقطيعن عن التعليم والمتخرجين من مراكز التكوين المهني يضاف لهم ضرورة الاهتمام بالاف التونسيين الذين يفقدون عملهم كل يوم بسبب افلاس المؤسسات وغلق المصانع ” .
وأوضحت “أن الحكومة الجديدة سترث وضعا متدهورا في قطاعات حساسات ومهمة أولها قطاع الصحة العمومية الذي بات عاجزا عن توفير العلاج للمواطنين الى جانب العجز المادي الذي تعيشه الصناديق الاجتماعية وخاصة صندوق التأمين على المرض الذي يعجز الان عن دفع مستحقات الاطباء والصيادلة وكل مسدي الخدمات”.
واعتبرت جريدة (الصباح) في ركنها “صباح الخير” أن “التحاق رئيس الدولة في اللحظات الاخيرة بسيدي بوزيد للمشاركة في احياء الذكرى التاسعة للثورة واعلانه من سيدي بوزيد ان يوم 17 ديسمبر عيد وطني للثورة ووعوده للاهالي بالعودة لاعلان المساعي حالما تتوفر التمويلات شهادة اضافية على الانسياق الى ارتجال الخيارات الشعبوية في ظل غياب مشروع وطني واهداف مشتركة لاعادة احياء المناطق المهمشة”.
وأضافت أنه “قد يكون الرئيس قد امتص غضب الاهالي بهذه الخطوة التي غاب عنها رئيسا البرلمان وحكومة تصريف الاعمال ولكنها تبقى مجرد خطوة رمزية لا تقدم ولا تؤخر وبدل ان يكون الرئيس هو العنوان لصناعة المستقبل والانتصارعلى العجز والفشل نجده يتدثر بقرار الشباب الغاضب ويتبنى اعلان 17 سبتمبر عيدا وطنيا”.
وأشارت الى “أن الامرلا يتعلق بمناقشة مدى صحة هذه الخطوة من عدمها ولكن الامر يتعلق بمؤسسات الدولة التي يتعين أن تكون الطرف الوحيد لتحديد واعلان الاعياد الوطنية الرسمية” موضحة “ان تونس التي تدخل عقدها الاول من عمر الثورة تتجه نحو مزيد التعقيدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.
كما بينت “أن الخروج من دائرة دولة الاشباح يستوجب الخروج من دائرة الاقوال الى الافعال والانجازات التي دونها يستحيل التقدم وتونس تحتاج جرعة قوية من الارادة الصادقة لطي صفحة الفساد والتخلف والتردي والعطالة الفكرية واليدوية لتحقيق انسانية وكرامة المواطن التونسي”، حسب تقدير الصحيفة.