“هل خسر الغنوشي رهان الحكم أمام قيس سعيد؟” و”مكافآت … ترضيات … أم تلغيم للادارة … تعيينات الدقيقة 90 تثير الجدل من جديد” و”فشل تشكيل الحكومة المبرمج الامس واليوم وغدا ” و”خمسة أسابيع والحكومة لم تتشكل … أوقفوا هذا العبث”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء.
أشارت جريدة (الصحافة) في مقالها الافتتاحي، الى أنه “لا أحد ينكر أن، راشد الغنوشي، كان بامكانه أن يشكل حكومته منذ الاسبوع الاول مع قلب تونس وكتلة حسونة الناصفي ويضمن لها نصاب التزكية ويمررها، كما لا ينكر أحد أن هذه الفرصة أتيحت له من جديد الاسبوع الفارط وتشبث بها بأسنانه وقبل مارطون الجلسات والاتصالات التي فرضها عليه الوسيطان وبقي الى آخر لحظة في انتظار ما ستسفر عنه هذه المشاورات ولم يكن أبدا مستعجلا لانه كان يريد انجاح رهان الشعار الذي رفعته الحركة خلال الحملة الانتخابية والقائم على أنها تحمل مشروعا ثوريا وتريد حكومة ثورية وأنها ضد الفساد ولن تتحالف مع الفاسدين مهما كانت الاسباب”.
وأضافت أن “الادق أيضا أن الغنوشي لم يكن يريد أن يخسر الحكومة ولم يكن يرغب في أن تخرج من يديه تحت أي ظرف من الظروف خاصة وهو يعرف أنها أتى بها التاريخ وقد لا تتكرر وأن خصومه ومن بينهم حلفاؤه أيضا ينتظرون أي كبوة من حركته لينقضوا عليها ويحرموها نكهة الحكم وراحة الكرسي” مبرزة أن “تعدد المسارات التي اختارها الغنوشي لحكومته قد يكون لها الاثر الكبير في وصول المشاورات الى طريق مسدود فالرجل اختار منذ البداية تمشيا غير واضح فهو في خطاب معلن يقول أنه لن يتحالف مع قلب تونس لكن كواليس السياسة التي لم تنقطع يوما بين مونبليزير وجماعة القروي وفي نفس الوقت اختار تمشيا ثانيا يعتمد على استرضاء أنصاره وقواعده ويفي بوعوده الانتخابية وهو تمشي الحكومة الثورية الذي راهن فيه على الوصول الى تقاسم للسلطة مع التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس باسناد ايجابي من ائتلاف الكرامة وهو الرهان الذي كان سيضمن به حكومة ثورية تتماشى والشعارات التي رفعها وترضي أنصاره وسيضمن أيضا تحجيما للمعارضة البرلمانية الى حدود انحسارها تقريبا في حزب، عبير موسي، ذي الاربعة عشر مقعدا فقط وكان سيضمن بالخصوص أن يسجل هدفا في مرمى غريمه الثوري رئيس الجمهورية، قيس سعيد، الذي يخشى الغنوشي أن يستولي منه على شعارات الثورة والطهورية ومكافحة الفساد وبالخصوص حالة الوعي التي أفرزت نتائج الانتخابات سواء في الرئاسة أو البرلمان”، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، اعتبرت (المغرب) أنه من الواضح أن “جل المنظومة الحزبية غير قادرة اليوم على تحمل كل أعباء الازمة التي تمر بها تونس حاليا، لا لعجز هيكلي في قياداتها بل لكونها لم تفكر في ادارة الحكم الحالي بل فقط في الوصول اليه” مشيرة الى أن “حلا كهذا يقتضي توافقا سياسيا واجتماعيا واسعا حول السياسات الانقاذية للبلاد وكذلك الشخصية الاقدر لقيادة المرحلة الثانية من الانتقال الديمقراطي”.
وتساءلت في هذا الخصوص، هل “أن الحل الذي وصل اليه، الحبيب الجملي، يوم أمس بتشكيل حكومة كفاءات هو الاجدر؟” معربة عن شكها “في جدية هذا التمشي الذي فرض فقط نتيجة فشل 40 يوما كما أن هنالك شكوكا جدية حول قدرة، الحبيب الجملي، على قيادة هذه المرحلة القادمة بالشروط والمواصفات اللازمة خاصة اذا ما علمنا بأن حكومة كفاءات كما أعلن عنها رئيس الحكومة المكلف يوم أمس كان هو المخطط “ج” لحركة النهضة”.
وأبرزت أن “الاشكال الاساسي أن التونسيين يتفننون في اهدار الفرص نتيجة القراءات الخاطئة وتعنت من تصور نفسه قد فار بالانتخابات التشريعية” مذكرة بما قاله العرب قديما .. “الحيلة في ترك الحيل”.
وأفادت جريدة (الشروق) من جانبها، أن “خبراء الاقتصاد أجمعوا على أن تونس تعيش فترة حرجة وغير مسبوقة خاصة أن المؤشرات تشهد تراجعا يوميا اثر على الاقتصاد بشكل مباشر وكانت له تبعات أخرى امتدت الى أجور الموظفين التي كثر الحديث عن عجز الدولة عن توفيرها خاصة بعد تأخر القسط الثالث من القرض الذي تحصلت عليه تونس من صندوق النقد الدولي”.
وأضافت “أن طول الجدل حول تشكيل الحكومة والتشبث بالمصالح الحزبية على حساب المصلحة الوطنية أضاع الكثير من وقت البلاد في فترة حرجة وتحتاج الاسراع كما جعل المواطن التونسي تائها قي مسارات متشعبة لمفاوضات لا تنتهي”.
ونقلت عن المحلل السياسي، خالد عبيد، قوله، “ان تشعب وبطء مسار تشكيل الحكومة يعود أساسا الى طبيعة النظام السياسي والقانون الانتخابي في تونس الذي يستحيل وفقه تشكيل الحكومة من قبل حزب واحد دون الدخول في تحالفات مع أحزاب أخرى” موضحا أن “الاطراف الفائزة في الانتخابات التشريعية والمعنية بتشكيل الحكومة غلبت مصالحها الخاصة على المصلحة العليا للدولة وغاب عنها الوعي بمدى خطورة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والامنية التي تهدد البلاد بالرغم من معرفة الجميع بحقيقة الوضع المتازم والمتردي على جميع المستويات”.
وأكد، ذات المتحدث، “أن هذا المشهد السياسي المتعثر جاء نتيجة النظام السياسي المعتمد في تونس سواء من حيث الدستور أو من حيث القانون الانتخابي الامر الذي سمح لبعض الاحزاب بالحصول على مقاعد في البرلمان ومكنها من الدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة ومحاولة فرض كلمتها وهو ما وضع تونس في حالة عطالة سياسية وتعطيل سياسي دون وعي بقيمة وجسامة المسؤولية “.
وأضاف المتحدث، “أن جميع الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة هي فقط “كومبارس” أي مجموعة من الممثلين الجدد في مشهد تمثيلي تراجيدي يكون ضحيته الاكبر عموم التونسيين” مشيرا الى انه “حتى ان تغيرت الاطراف المتفاوضة فان المشهد سيتكرر بنفس الطريقة لان اصل الداء يكمن في طبيعة النظام الانتخابي الذي سمح للعديد من الوصول الى قبة البرلمان للحكم بغاية النفوذ وليس لغاية خدمة مصلحة البلاد”.
وتطرقت جريدة (الصباح) الى مسألة التعيينات في آخر العهدة السياسية للحكومات المتخلية التي أثارت جدلا في الاوساط الحزبية والمشهد العام مشيرة الى “أن الاخطر في مسألة تعيينات الوقت الضائع أنها قد تتم على حساب المصلحة العامة وعلى حساب عامل الكفاءة والاهلية لتقلد ذلك المنصب في مرحلة تتطلب اولا وقبل كل شىء الانحياز الى شعار الرجل المناسب في المكان المناسب والمنصب للشخص الاكثر كفاءة القادر على الانجاز وتحقيق الاضافة”.
وأضافت أن “المتأمل في الاعداد الاخيرة من الرائد الرسمي يجده يعج بتعيينات جديدة وترقيات في خطط مديرين عامين ومديرين ورؤساء مصالح على غرار تعيين مديرين عامين لمصالح تابعة لرئاسة الحكومة في خطة مدير عام ادارة مركزية بخلية برمجة ومتابعة العمل الحكومي ومدير عام ادارة مركزية بخلية البرمجة ومتابعة العمل الحكومي ومدير عام ادارة مركزية بالكتابة العامة للحكومة برئاسة الحكومة”.
واشارت الى أن “هذا الحجم الكبير من التعيينات دفع البعض الى التحرك والاحتجاح على غرار مجلس شورى حركة النهضة الذي دعا صراحة رئيس حكومة تصريف الاعمال يوسف الشاهد الى الكف عن هذه الممارسات” مبينة انه “من المرجح أن تجد الحكومة القادمة نفسها من جديد امام تحدي التعامل مع تعيينات الوقت الضائع”.
وتساءلت، في هذا الخصوص، “عن السبل الممكنة للقطع نهائيا مع منطق اخضاع مواقع المسؤولية للاعتبارات الشخصية والحزبية والسياسية الضيقة وكيفية التأسيس لتشريعات وعقلية جديدة تخرج من دائرة تعيينات الحسابات “الزبونية” والمحسوبية الى منطق التعيينات على أساس مسؤولية الاداء والكفاءة والجدارة والقدرة على ايجاد الحلول في بلد يطوق للانجاز في كل القطاعات والمجالات لن تتحقق الا بالكفاءات الحقيقية وبشجاعة وجراة المسؤول في كل المواقع”، وفق تقدير الصحيفة.