“في انتظار تشكيل حكومة الكفاءات الوطنية المستقلة .. التحالف الخجول بين النهضة وقلب تونس” و”النهضة وقلب تونس وفن الخديعة … الظاهر والمخفي..” و”آن … لهذا المسلس أن ينتهي” و”بعد اعلانه حكومة الكفاءات .. هل يسمح للجملي بالخروج من جلباب الغنوشي؟”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الاربعاء.
أشارت جريدة (المغرب) في افتتاحية عددها اليوم، الى “التحالف السياسي غير المعلن بين حركة النهضة وقلب تونس وذلك بعد أخذ ورد وتقارب وتباعد وتكتيكات سياسوية مختلفة تماما كما حصل منذ شهر ونصف في انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي، ونائبته الاولى سميرة الشواشي” مضيفة أن “الالة الدعائية النهضوية بدأت تشتغل منذ يوم الاحد الماضي لتشهر بالتيار الديمقراطي أساسا وكذلك بحركة الشعب وتحيا تونس لرفض هذه الاحزاب الدخول في حكومة ائتلافية مع حركة النهضة”.
واعتبرت، في هذا الصدد، أن “النية واضحة وتتمثل في تمرير التحالف الخجول بين النهضة وقلب تونس دون ضجيج كبير وتحت يافطة مغالطة عنوانها حكومة كفاءات وطنية مستقلة باعتبارها في أسوا الاحوال ضرورة دفعتها اليها هذه الاحزاب غير المسؤولة والتي رفضت خدمة البلاد رغم مرونة النهضة ورئيس حكومتها المكلف وتنازلاتهما الكبيرة واستجابة لمطالب مجحفة وتغليبا للمصلحة الوطنية” مشيرة الى أن “فوبيا الحكم فوتت هذه الفرصة على البلاد فاضطرت النهضة مكرهة الى هذا التحالف الخجول الذي لا يجرؤ حتى على نطق اسمه دون أن تقول لنا حركة النهضة بالطبع بأنها كانت تشتغل على هذا السيناريو منذ الاسابيع الاولى بعد الانتخابات التشريعية ل6 أكتوبر وذلك رغم اللاءات المتكررة اعلاميا تجاه وضع اليد مع حزب تحوم حوله وحول رئيسه شبهات فساد”.
واعتبرت أن “النهضة تجد نفسها اليوم أمام تحديين كبيرين، “أولهما اثبات أنها ضرورية لحكم البلاد وأنها قادرة على تحسين الوضع العام للمواطنين وثانيهما أن خصومها من الشعبويين المحافظين (وجل هؤلاء من أنصار قيس سعيد) غير قادرين على تقديم أي شئ للناس ولذلك فهي مستعدة للتحالف مع الشيطان على أن تهدي المبادرة السياسية لتشكيل الحكومة لصاحب قرطاج (في أوقات الدوام فقط) ولذلك رفض الغنوشي بوضوح مقترح سعيد لمواصلة التشاور مع أحزاب الخط الثوري حتى لا يعطيه أي مجال سياسي عملي يتحرك فيه باستثناء الاختيار المطابق لوزيري الدفاع والخارجية”، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، اعتبرت (الصحافة) أن التمشي الذي توخاه الحزبان النهضة وقلب تونس في السر سيضمن الجملي لحكومته المنتظرة أصوات 54 نائبا عن حركة النهضة و38 نائبا عن قلب تونس وعددالا آخر للمؤلفة قلوبهم من كتل نيابية أخرى على غرار كتلة ائتلاف الكرامة والمستقبل وغير المنتمين الى كتل وربما هنا تأتي الثقة التي تحدث بها راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة عن الدعم الذي ستجده حكومة الجملي والذي قال انه سيكون دعما كبيرا لم تحظ به أي حكومة سابقة.
وبينت أن “حركة النهضة ستتخفى صلب الحكومة القادمة بثوب المستقلين وستكون في واقع الامر المحرك الاساسي لدواليبها وكواليسها” مبرزة أنه “بتخليها عن حركتي الشعب وحزب التيار الديمقراطي تكون قد تخلت عن أطراف ستكون عنصرا معرقلا لبرامجها ومخططاتها وستكون عبئا ثقيلا عليها وفي المقابل سيكون حزب قلب تونس حليفا طيعا وخاضعا لمتطلباتها بحكم الملف القضائي الذي يطارد رئيسه نبيل القروي، غير أن الحركة في المقابل لن تصدح بتحالفها مع هذا الحزب غير المرغوب فيه من أغلب الكتل البرلمانية من جهة ومن قواعدها الانتخابية من جهة أخرى”.
وأضافت أنه “بالسرية المتبعة في توافقاته، يكون الحزب الاغلبي في البرلمان قد أصاب أكثر من عصفور بحجر واحد اذ سيضمن وجوده في الحكومة وسيضمن تضامن قاعدته الانتخابية وكذلك تضامن عدد من الكتل البرلمانية ويكون الحبيب الجملي من بين الضامنين لمصالح هذا الحزب بعد أن تخلى عن أحزاب كانت ستكون عنصرا مقلقا له”.
وتساءلت (الشروق) في افتتاحية عددها اليوم، هل “يجب تذكير الطبقة السياسية بمختلف تشكيلاتها وألوانها بأن تشكيل الحكومة ليس غاية في حد ذاته وليس المحطة النهائية لهذا المسار الطويل والشاق والمضني والملئ بالتقلبات وحتى بالمفاجآت؟ مشيرة الى أن “السؤال يستمد مشروعيته من هذا الصخب الكبير ومن هذا الجدل الاكبر الذي يحيط بمشاورات تشكيل الحكومة حتى بدت هذه المشاروات والمناخات التي تجري فيها بمثابة المسلسل الردئ الذي يثير نفور واشمئزاز جمهور المتفرجين، والمفرجون هنا هم كل التونسيات والتونسيين الذين يرون الحكومة وسيلة وأداة لخدمتهم ويرون تشكيلها بداية لمسيرة طويلة لرفع التحديات ولتلبية المطالب والانتظارات”.
ورأت أن “المحزن وسط هذا المشهد هو أن كل السياسيين حين يتكلمون في المنابر الاعلامية يرددون عبارات تحوم حول التحديات والرهانات وانتظارات الشعب ومتطلبات المرحلة وهي اقتصادية واجتماعية بالاساس لكنهم في غرف المشاورات والتفاوض ينخرطون في صراعات وتجاذبات ومزادات لا تنتهي” مبينة أن “الرهان الحقيقي بالنسبة لهم هو التموقع في المحاصصة وتضخيم النصيب من الغنيمة ومن الحقائب الوزارية حتى وان تم تغليف ذلك بالحرص على خدمة الشعب بطرق أفضل وأنجع”.
وأضافت أن “هذا النفاق السياسي الذي فعل فعله وأخرج لنا طبقة سياسية تعاني نوعا من ازدواج أو انفصام الشخصية آن له أن يتوقف وآن لكل السياسيين أن يتنازلوا عن
أنانيتهم وحساباتهم ومصالحهم الحزبية الضيقة خدمة لوطنهم ولمصلح شعبهم كما آن لهم ان يدركوا أن لعبة شد الحبل سوف تؤدي في النهاية الى سقوط الجميع في الهاوية وأن التلهي بمحاولة ثقب السفينة لاغراق ركاب اخرين أو اسقاط الربان هو من قبيل الانتحار والموت البطئ لان المركب ان ثقب وغمرته المياه فسيغرق ويغرق معه الجميع”، وفق تقدير الصحيفة.
من جانبها، اعتبرت (الصباح) في ورقة بصفحتها الثالثة، أن “ما كشفه الجملي بشأن تقديم تنازلات كبيرة طيلة المشاورات لضمان الوصول الى اتفاق من شأنه أن يلخص العقلية السياسية المتنفذة في المشهد بما في ذلك حزب النهضة الفائز الحزين بهذه الانتخابات، وهي عقلية انتهازية غنائمية بامتياز جعلت من الحقائب التي ستحظى بها أولى أولوياتها طوال المفاوضات” مضيفة أنه “قد لا يكون بالامكان توقع أفضل مما كان في المرحلة القادمة عندما يبدأ الحبيب الجملي دعوة الكفاءات التي سيسعى لانتدابها في الحكومة القادمة، خاصة وأنه تجاهل الاهم وهو مصير هذه الحكومة عندما يحين موعد التصويت لمنحها بطاقة الولادة الرسمية”.
ورأت أنه “حتى هذه المرحلة لا يملك الجملي رفاهية الخيار وسيتعين عليه اما أن يتجه فعلا للبحث عن تلك الكفاءات من النساء والرجال وأن يجازف باعتماد المناصفة كخطوة أولى لاقناع التونسيين باستقلاليته ويسعى لمنح الحقائب الوزارية للافضل والاكثر خبرة ومصداقية والتزاما باصلاح الاقتصاد والادارة العمومية والفساد الاداري وتقليل اعباء البلاد والعباد من تداعيات المديونية واما فانه سيؤجل اعلان فشله وانسحابه من المشهد الى حين”، حسب ما جاء بالصحيفة.