“في انتظار مؤتمر الحسم … الشيخ ومشقة الكرسي الهزاز…” و”خلل في مسار البحث عن رئيس الحكومة … حديث عن الاشخاص وتغييب للبرامج والتوجهات” و”سيعين رئيس الحكومة …هل يتجه رئيس الجمهورية الى خيار شعبوي؟” و”اليس للعبث من نهاية … انه مصير أجيال”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
تطرقت جريدة (الصحافة) في ورقة بصفحتها الثالثة، الى استقالة الشابين زياد بومخلة وهشام العريض من حركة النهضة، مشيرة الى أن “الاستقالة لم تأت من فراغ وليست وليدة رد فعل على موقف معين بقدر ما هي نتاج تراكمات يقال ان الكثيرين يحسدون فيها الشابين على الشجاعة التي جعلتهما يعلنانها عالية لان التذمر طال الكثيرين وعدم الرضاء على الاداء السياسي وعلى التحالفات وعلى آليات أخذ القرار داخل الحركة وعلى التوجهات العامة التي لا تتوافق مع آراء أغلبية داخل الحركة رضيت في المؤتمر العاشر بوأد الفتنة وخيرت المحافظة على تماسك الحركة وانطلت عليها اللغة التي بثها الغنوشي وأنصاره داخل المؤتمر بأن أي منحى اصلاحي داخل الحركة سيؤدي الى انقسامها وأفول نجمها ويضيع عليها فرصة التاريخية في الحكم وسيشمت فيها أعداءها وأعداء الاسلام”.
وأضافت في هذا الاطار، أن “حركة النهضة مقدمة على تحولات جذرية ستمس من رصيدها وحجمها حيث من المستبعد أن تصمد مقولة راشد الغنوشي السابقة كثيرا حين قال (أن الذي يغادر الحركة سينتهي وحيدا شريدا) كما حدث لعديد الزعامات النهضاوية من قبل” مبرزة أنها “تحولات طبيعية لان الحركة بعقلية الشيخ المرشد لم تستطع أن توفق بين الدولة والجماعة، وكان يمكن لنموذج دولة الجماعة أن ينجح في بلدان أخرى ليؤسس لحكم المرشد لكن التدافع الذي تحدث عنه الغنوشي بعد الثورة كان مانعا لتحقق مشروع الاسلام السياسي لتندفع أصوات داخل حركة النهضة نحو اعادة بناء الحركة الحزب بالتخلص من مرجعية الشيخ المرشد (مع محنة القمع يكون الهروب ومع محنة السلطة يكون الغروب)”.
وبينت أنه “في انتظار توضح الرؤية حول ما يجري داخل الجدران الستالينية التي كانت مغلقة بالاسمنت المسلح وبدأت تظهر فيها شقوق يبدو أنها ستتسع من هنا الى تاريخ المؤتمر الحادي عشر للحركة الذي سيكون المحدد رقم واحد والمحطة المفصلية في بقاء الشيخ على رأس الحركة من عدمه”، حسب ما ورد بالصحيفة.
ولاحظت (الصحافة) في مقال لها، أن “كل الحراك الحزبي البرلماني اليوم يصب في اتجاه البحث عن الشخصية الاقدر كما جاء في الدستور حتى أن كل التركيز اليوم يتمحور حول هذه الشخصية ودخلت عديد الاسماء في المزاد العلني للترشيح لمنصب رئيس الحكومة” مشيرة الى أنه “على الرغم مما تدعيه بعض القيادات الحزبية من أن الاختيار يجب أن يبنى وفق مصلحة البلاد ومتطلباتها في هذه المرحلة والمرحلة القادمة الا أن وجود الهواجس السياسية والبحث عن التموقع يبقى قائما وهو ما يعكسه اختلاف الرؤى والاراء حول الترشيحات أو الاسماء المقترحة من قبل هذه الاحزاب على رئيس الجمهورية”.
وأشارت الى آخر التصريحات لنبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس الذي قاد عملية اسقاط حكومة الحبيب الجملي، وقال ان حزبه يسعى الى تحقيق التوافق بين جميع الطيف السياسي المكون للمشهد البرلماني حول أحد المرشحين لرئاسة الحكومة وضمان تمريرها بما لا يقل عن 130 صوتا من أجل تمرير رسالة طمأنة الى الشعب ورسم صورة ايجابية للاحزاب تعكس حرصها على مصلحة البلاد معتبرة أن “الواقع يظهر عكس ما يرنو اليه الاخير كما يعكس التركيز المفرط على مسألة الشخصية الاقدر فيما غاب الحديث عن فريق حكومي لهذه الشخصية وغاب الحديث أيضا عن البرامج والاهداف لحركة منتظرة وكأن الاولوية في هذا الظرف هي للاشخاص على حساب الجانب العملي والرؤية والخيارات التي سيتم اعتمادها من أجل اخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية”.
ونقلت في هذا الخصوص، عن السياسي، محمد الكيلاني، قوله ان “التوجه الذي اختارته الاحزاب في عدم التركيز على التوجهات العامة للحكومة القادمة ولا على برامجها وأهدافها انما هو توجه مقصود ترمي من خلاله الى عدم الكشف عن لعبتها الحزبية وعن توجهاتها في اتجاه خيار الليبرالية المتوحشة” مبينة أن “خشية الاحزاب من كشف توجهاتها الاقتصادية أساسا تجعلها تتخفى وراء شخصيات مختصة في هذا المجال لترشيحها الى رئاسة الحكومة وتمرير الاصلاحات الموجعة التي أملتها الدوائر المالية الدولية على بلادنا”.
وبين ذات المتحدث، أن “هذه الاحزاب تتناول كل المسائل ما عدا التوجهات أو الاجراءات المذكورة ومن سترشحه سيكون واجهة جميلة لبضاعة رديئة وذلك بالحديث عن شخصية ذات كفاءة وتتميز بوضوح الرؤية ونظافة اليد في حين أن التوجه يكون نحو سياسة ترسمها الاحزاب وتحقق خياراتها الليبرالية”، وفق نفس الصحيفة.
وأفادت جريدة (الصباح) في ركنها “صباح الخير” ، “أن تفادي سيناريو الانتخابات المبكرة يستوجب اعادة استعادة الوعي المفقود وانهاء حالة العبث الذي استبد بالجميع وأنهك هيبة الدولة وهز مصداقيتها وأقصى حضورها بين الامم” مؤكدة على ضرورة “الاعتراف بأن تونس لا تفتقر للكفاءات المشهود بها في مختلف المجالات ولكن في المقابل على الجميع الاعتراف بأن السياسة فن الممكن اذا توفرت الارادة السياسية الصادقة التي باتت اليوم عملة نادرة تحتاج اليها تونس كثيرا”.
وأبرزت، في سياق متصل، “أن اختيار الشخصية الاقدر لقيادة الحكومة في أخطر مرحلة تمر بها البلاد بعد الثورة يحتاج من الاطراف المعنية في البرلمان قليلا من التواضع والتخلي عن بعض من الانانية المفرطة والتخلص من جزء من الاحقاد الدفينة التي تسكنها ومن عقلية الغنيمة المقيتة التي تقودها وان تغلب لبعض الوقت مصلحة البلاد وتنتبه للمستقبل المجهول”.
وأوضحت الصحيفة، “أن تونس في حاجة الى فريق حكومي محدود العدد واضح الاهداف وليس بفيلق من الوزراء يضم الاقدر والافضل الاكثر كفاءة بين أبنائها ولكن أيضا استعدادا للاجتهاد والتضحية وأيضا لتغيير حال البلاد” مؤكدة “أن تونس في حاجة للخروج من دائرة الشعبوية المفرطة المسلطة عليها والتخلي عن اعلاء شأن الانتهازي والوضيع وتقديم شأن عديمي الكفاءة وتحقير وتهميش وابعاد النزهاء والكفاءات الوطنية”.
وتطرقت جريدة (الشروق) في صفحتها الخامسة، “الى سياسة رئيس الجمهورية التي انبنت منذ توليه السلطة على توجهات شعبوية أسس عليها مختلف تصوراته وتحركاته” مضيفة “أن سياسة رئيس الجمهورية أثارت الكثير من نقاط الاستفهام لدى السياسيين وحتى لدى عامة الناس فهو لم يخرج بعد من أجواء وخطابات الحملة الانتخابية في حين أن الاوضاع بالبلاد وخارجها تستدعي منه الانتقال الى حالة مغايرة وخطاب مغاير”.
وبينت “أنه من الضروري اليوم أن نتساءل عن الطريقة التي سيعتمدها، قيس سعيد، خاصة وقد أعلن منذ أيام قليلة اصطفافا واضحا في ما سمي شق الثورة أي مع أحزاب ضد أخرى وذلك عندما حاول تقديم مبادرة لتقريب وجهات النظر من أجل تشكيل حكومة الحبيب الجملي” معتبرة أن “المخاوف من انزلاق رئيس الجمهورية نحو التشاور مع أطراف أخرى لا تأثير فعليا لها في المشهد السياسي والمدني وأن اقصاء الفاعلين الاساسيين هي مخاوف مشروعة وقد تحول العملية من اختيار الشخصية الاقدر والاكثر كفاءة خاصة في ظل الازمة الاقتصادية الى اختيار شخصة شعبوية لا تزيد الوضع الا تعقيدا”، وفق ما جاء بالصحيفة.