وجهت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا)، اليوم الخميس، “لفت نظر” لمؤسسة الإذاعة التونسية بسبب ما اعتبرته “إخلالا” سُجّل في برنامج “الرأي والرأي المخالف”، الذي بثته إذاعة المنستير العمومية بتاريخ 01 ديسمبر 2020.
وذكرت الهايكا، وفق بلاغ، أن هذا البرنامج تضمن تعاط غير مهني مع موضوع الحصة الذي تمحور حول “تدخل الجيش لإنقاذ البلاد”، وذلك اعتبارا للبس الذي اعترى بعض فقرات البرنامج وما أثاره من ردود أفعال لدى المستمعين أمام فسح المجال للموقف الذي يدعم تدخل الجيش.
ودعت الصحفيين إلى التحلي بالمسؤولية الاجتماعية أثناء آدائهم لمهامهم في كنف حرية الاتصال السمعي والبصري مع مراعاة قواعد وأخلاقيات المهنة الصحفية.
وبينت الهيئة أن النقاش العام في وسائل الإعلام بخصوص المواضيع التي تطرح على الساحة السياسية لا يمكن تقييده إلا لضرورة تقتضيها مبادئ الدولة المدنية وقواعد التعددية الفكرية والسياسية بشكل لا ينال من جوهر الحقوق والحريات الأساسية، ومن أهمها الحق في حرية الرأي والتعبير، وشريطة الالتزام بالقواعد المهنية والأخلاقية ووظيفة وأهداف المرفق الإعلامي العمومي.
وأضافت أنها تسجل، استنادا للقواعد المهنية، تحفّظها بخصوص طريقة تناول موضوع هذا البرنامج، الذي قالت إنه تزامن توقيته مع الجدل داخل مؤسسات الدولة والأحزاب والمجتمع المدني بخصوص إطلاق مبادرة حوارية وطنية للبحث في سبل تجاوز الوضع الصعب والمتوتر الذي تمر به البلاد.
ولاحظت الهايكا أن الإخلالات المهنية، التي تضمنتها حلقة البرنامج المذكور، تمثل خرقا لمقتضيات المرسوم عدد 116 لسنة 2011، منبهة إلى ضرورة التفعيل الحقيقي لآليات التعديل الذاتي ومجالس التحرير، التي تمثل أطرا لتعديل المضامين الإعلامية وضمان جودتها دون الخروج بها من دائرة النقد إلى استعمالها في الضغط على المؤسسات الإعلامية والصحفيين، معتبرة أن المؤسسة المعنية بالخرق تولت القيام بدورها التعديلي، وفق نص البلاغ.
وكانت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أكدت، في بلاغ الأربعاء، رفضها لأي خطاب من شأنه المساس من مدنية الدولة وقيم الديمقراطية والدعوة إلى الخروج عن دستور الجمهورية التونسية.
ونددت النقابة، في المقابل، بما وصفته بـ”حملات التحريض وتأليب الرأي العام” التي عرضت مؤسسة إذاعة المنستير والعاملين فيها إلى خطر الاستهداف والأعمال الانتقامية، منبهة إلى ضرورة النأي بالإذاعة وبالإعلام العمومي عن التجاذبات السياسية.
وبينت أن مساءلة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية هو شأن مهني لا يمكن لأي طرف خارجي التدخل فيه وتعمل على معالجته هياكل المهنة والهيئات التعديلية ولا تخضع لأية ضغوطات من أية جهة خارجية سياسية أو حزبية.
واعتبرت القرارات الإدارية لمؤسسة الإذاعة التونسية نسفا لمبدأ استقلالية هيئات التحرير المنتخبة عن الإدارة في ظل غياب تحديد مسبق للمسؤوليات ضمن تحقيق جدي.
ويشار في هذا الخصوص إلى أن الإدارة العامة للإذاعة التونسية كانت قررت إيقاف مديرة إذاعة المنستير ومسؤول البرمجة ومنشط ومنشطة عن العمل إلى حين استكمال التحقيق.
وعللت إدارة المؤسسة قرارها بأن “الإذاعة التونسية مرفق عمومي تنصّ مدونة السلوك فيه وميثاق تحريره على الدفاع عن مدنية الدولة التونسية واحترام قيم الجمهورية”، معتبرة أن ما حصل يعدّ “خروجا عن خط تحرير مؤسسة الإذاعة التونسية ومواثيق العمل بها”.