كشفت مبادرة “لا رجوع” أنّه تمّ خلال الحركة القضائيّة الأخيرة نقل 28 قاضيا من أعضاء الدوائر الجنائية المختصة في العدالة الانتقالية (من ضمنهم رئيسي دائرة) إلى دوائر أخرى، حسب ما توفّر لها من معلومات من جمعيّة القضاة التونسيين، داعية المجلس الأعلى للقضاء إلى التسريع بتعيين القضاة الجدد وتكوينهم.
وبيّنت مبادرة “لا رجوع” في بيان لها، أنّ الدوائر الجنائية المختصة في العدالة الانتقالية ذات التركيبة الخماسية شهدت هذه السّنة، نقلة 3 أعضاء من أصل 5 ب 4 دوائر جنائية، ونقلة عضوين ب 5 دوائر، كما تمت نقلة 4 أعضاء بدائرة القيروان، معتبرة ان ذلك سيعرقل امكانية توفّر النصاب في هذه الدوائر على غرار ما حدث في الحركات القضائية السابقة (تمّت نقلة 29 قاضيا سنة 2020).
واشارت إلى أنّ هذا التغيير يؤدّي إلى تأجيل الجلسات على حالتها بصفة آليّة نظرا لعدم توفّر النصاب القانوني وفي انتظار تكوين القضاة الجدد في مجال العدالة الانتقالية ومكافحة الفساد، وهو الشرط الأساسي لمباشرة هذه الدوائر مهامّها، معتبرة ان ذلك سيساهم في إطالة المسار القضائي المتعثر منذ 3 سنوات دون أحكام صادرة عن هذه الدوائر، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة من ضمنها الحق في التقاضي في آجال معقولة، وما يساهم في تكريس الإفلات من العقاب.
ودعت المبادرة في هذا السّياق المجلس الأعلى للقضاء إلى التسريع بتعيين القضاة الجدد وتكوينهم، والعمل على ضمان استقرار قضاة الدوائر المتخصصة وتمكينهم من نفس الامتيازات التي يتمتع بها زملاؤهم في الأقطاب القضائية الأخرى، وضمان تدريبهم وتكوينهم المستمر، الى جانب مساعدة رؤساء المحاكم على وضع سياسات لإدارة المحاكم تأخذ بعين الاعتبار أولوية التعهد والبت في قضايا العدالة الانتقالية وفقا للقانون عدد 17 المؤرخ 12 جوان 2014.
كما طالبت المبادرة ، وزارة الداخلية بتنفيذ بطاقات الجلب الصادرة عن الدوائر الجنائية المتخصصة والتي بلغ عددها حسب المعطيات المتوفرة 237 بطاقة غير منفّذة وفقا لمقتضيات الفصل 142 من مجلة الإجراءات الجزائية والفصل 110 من المجلة الجزائية.
وأكدت مبادرة “لا رجوع” في هذا الصّدد قناعتها الرّاسخة بأهمية الدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية كضمانة حقيقية لمسار العدالة الانتقالية و كآلية أساسية للكشف عن الحقيقة ومكافحة الإفلات من العقاب حتى يمثل المنسوب إليهم الانتهاكات أمام القضاء والمحاكمة.
و ذكّرت بأن 13 دائرة جنائية مختصة في العدالة الانتقالية تنظر في 205 قضايا في مسار قضائي انطلق منذ 2018 دون أحكام الى حدّ هذه اللحظة، تتعلّق بتهم عديدة من بينها القتل العمد والتعذيب والاختفاء القسري والاعتداء الجنسي وقضايا فساد مالي وغيرها مضيفة ان هذا المساريتعثر إثر كل حركة قضائية نظرا لغياب شرط التكوين علاوة على التعقيدات العديدة والتفاصيل اللامتناهية المتعلقة بكل ملف على حدة، ممّا يتطلّب استقرار قضاتها للإلمام بكل حيثياتها.
يشار إلى أنّ مبادرة “لا رجوع” مشروع ثلاثي يضم كل من منظمة البوصلة، محامون بلا حدود، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يعمل على متابعة مسار العدالة الإنتقالية ودعم جهود الفاعلين فيه بغاية القطع مع هنات الماضي وضمان عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم الاقتصادية التي وقعت في عهد الدكتاتورية في تونس.