الدورة 32 لايام قرطاج السينمائية: المنصات الرقمية موت بطيء لقاعات السينما ام فرصة لتطوير الصناعة السينمائية والترويج لها على اوسع نطاق؟

يطرح موضوع المنصات الرقمية في العالم اليوم اكثر من تساؤل لدى صناع السينما والفاعلين السينمائيين حول جدواها في الترويج للاعمال السينمائية وتمكين اكبر عدد ممكن من المولعين بالفن السابع من متابعة الافلام السينمائية دون ان يكون ذلك على حساب الانتاج السينمائي والدور المحوري لقاعات السينما حيث اصبحت هذه المنصات مع التطور التكنولوجي الحاصل وسيلة فعالة للتعريف بالاعمال السينمائية وتوزيعها على اوسع نطاق وتطويرما اصبح يعرف بالاقتصاد الثقافي او الاستثمار في الثقافة الذي بات موازيا للاقتصاديات المتعارف عليها في مختلف المجالات .

ولان المنصات الرقمية جزء من الصناعة السينمائية العالمية اختارت هيئة الدورة 32 لايام قرطاج السينمائية ان يكون محور المنتدى الحواري الاول حول هذا المعطى حيث كان اللقاء امس الاثنين بقاعة “مسرح الجهات” مع صناع السينما من منتجين وموزعين ومخرجين ونقاد وعاملين في مجال الفن السابع من تونس ومن بلدان عربية وافريقية وغربية لطرح مجموعة من الاسئلة ذات الصلة بتقنية “التوزيع الافتراضي للاعمال السينمائية” ..هل اصبحت المروج رقم واحد للاعمال السينمائية في العالم؟ واي دور يمكن ان تلعبه للتعريف بالافلام السينمائية لدى الجمهور الواسع ؟ وهل اثرت سلبا او ايجابا على دور العرض السينمائي وعلى موزعي الافلام ؟ وكيف يمكن تطويع المنصات الرقمية لتكون الية تبادل ناجعة بين بلدان الشمال والجنوب ؟.

اسئلة كثيرة طرحها المشاركون في هذا المنتدى لعلها تجد صدى لدى صناع السينما لتدارك النقائص وتذليل الاشكاليات المرتبطة خاصة بمجالات التوزيع السينمائي والترويج للافلام السينمائية وفق القاعدة الجماهيرية المتعارف عليها حيث اكد الناقد الجزائري نبيل حجي في هذا الصدد ان “الدعم الاول والاساسي لانتاج الافلام يبقى الدولة وعملية الانتاج في حد ذاتها تتطلب جهودا من قبل صناع السينما لتقديم منتوج سينمائي بالجودة والحرفية المطلوبتين وهو ما يجعل من الشريط السينمائي حلقة ذات رقي ورفعة ولا يمكنه التواجد بسهولة ضمن قائمة الافلام السينمائية المطروحة للعموم دون اي سند قانوني او ضمانات للمنتج او الموزع “.

واشار الحجي الى ان “اصحاب دور العرض السينمائي هم الحلقة الاضعف في مجال الترويج للافلام السينمائية لان المنصات الرقمية اذا لم تكن مقننة ومحترمة للحقوق الادبية والمادية لصناع السينما قد تقضي على املهم في الربح التجاري المرخص به لفائدتهم”.

من جهته شدد لسعد القوبنطيني صاحب عدد من دور العرض السينمائي في تونس على “اهمية الحفاظ على حقوق اصحاب قاعات السينما من الهجمة الشرسة للمنصات الرقمية وتاثيرها غير المسبوق على الجمهور الذي اصبح معرضا عن ارتياد دور العرض لاسباب مرتبطة بتطور نسق الحياة اليومية اساسا” مؤكدا في هذا الصدد ان ” وجود اصحاب قاعات العرض اصبح مهددا بصفة جدية بوجود منصات رقمية تروج للاعمال السينمائية الجديدة وتطرح البديل امام المتلقي لتجاوز العروض السينمائية الاولى بالقاعات” حسب تعبيره.

اما المخرج المصري ومدير مهرجان الاقصر سيد فؤاد فقد اعتبر ان “المنصات الرقمية يمكن ان تشكل تهديدا حقيقيا للصناعة السينمائية اذا لم يتم اعتمادها بشكل مقنن وموجه لصالح صناع السينما لكنها قد تتحول الى الية ناجعة للتعريف بالانتاجات السينمائية العربية والافريقية على الصعيد العالمي مثلما هو موجود حاليا بالنسبة للانتاجات السينمائية الغربية الاوروبية والامريكية اساسا على منصة “ناتفليكس” وغيرها التي تعطي للمتفرج فرصة الاطلاع على الافلام والتسويق لها بشكل حيني في اطار مسارات العولمة وكونية تبادل المعلومات”.

وعبر العديد من المشاركين في المنتدى على اهمية وجود المنصات الرقمية لكونها يمكن ان تمثل دخلا ماديا مهما للمنتجين السينمائيين لتطوير الصناعة السينمائية وتوزيع الافلام خصوصا بعد ان اصبحت واقعا ملموسا ووجب التعاطي معها بشكل حرفي للاستفادة منها قدر الامكان ودعمها لفائدة القطاع السينمائي لكنهم اجمعوا ايضا على ان جمالية الصورة وتجشم عناء التنقل لمشاهدة فيلم سينمائي بقاعات العرض لا تضاهيها متعة مشاهدة الافلام على المنصات الرقمية لان سحر الشاشة الفضية يبقى مهيمنا على الوجدان وطاغيا لدى فئات كبيرة من المولعين بالسينما .

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.