بلغ عدد المشاركين في الاستشارة الوطنية التي فُتحت رسميّا للعموم، يوم 15 جانفي 2022 وتستمر إلى غاية 20 مارس المقبل، 192937 مشاركا وذلك إلى حدود منتصف نهار اليوم الخميس، من بينهم 144119 من الذكور و48818 من الإناث، من أصل 7 ملايين و155 ألف ناخب، من سكان البلاد والمقدّر عددهم بأكثر من 11 مليون نسمة.
واستأثرت الفئة العمريّة من 30 إلى 39 سنة، بأكبر نسبة مشاركة بلغت 30 بالمائة، تلتها الفئة العمريّة من 40 إلى 49 سنة ب23 بالمائة، فالفئة العمريّة من 20 إلى 29 سنة بحوالي 19 بالمائة.
واعتبر المختص في علم الاجتماع، سامي نصر، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، اليوم الخميس، أنّ النتائج “الهزيلة جدّا” للمشاركة في الاستشارة الوطنية، “ليست مفاجئة”، نظرا إلى أنّ السّمة الرّئيسية التي طبعت التونسيين على مختلف مشاربهم هي “العزوف” عن المشاركة في الشأن العام عموماً والسياسي منه بالخصوص، ملاحظًا أن نسبة العزوف عن الشأن العام عند الشباب، بلغت قبل الثورة أكثر من 85 بالمائة، حسب دراسة أعدّها المرصد الوطني للشباب، وانخفضت هذه النسبة بصفة ملحوظة، مباشرة بعد الثورة، لتصل إلى 15 بالمائة، لكنّها ما فتئت أن عاودت الصّعود بقوة خلال السنوات الأخيرة، لتصل إلى حوالي 80 بالمائة.
ولاحظ نصر أنّ السياسة الاتصاليّة “غير المهنيّة” التي انتهجتها الأجهزة الرّسمية للدّولة، سواء كانت رئاسة الجمهورية (صاحبة الاستشارة) أو الحكومة، “كانت وما تزال من الأسباب الرئيسية التي عمّقت حدّة هذا العزوف وأدّت بالتالي إلى هذه النتائج الهزيلة بعد مرور شهر على انطلاقها”، موضحا أنّه عدا الانطلاق المتأخر للحملة الاتصاليّة للتحفيز على المشاركة في الاستشارة، فإنّ الاستراتيجية ذاتها صيغت بطرق تقليدية (ومضات في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الرسمية للوزارات والملصقات الإعلانية)، “في حين أنه كان من الأجدى الاستعانة بفريق مختصّ في الاتصال لوضع استراتيجية مبتكرة لإنجاح الاستشارة”.
وقال إن ما سُمّي ب”الحملة التفسيرية” لرئيس الدّولة، “قد أضرّ كذلك بالاستشارة الوطنية وانعكس سلبا على نسب المشاركة، نظرا إلى أن أعضاء هذه الحملة هم أشخاص يعملون في إطار مُواز ولا صفة رسمية لهم وهو ما زاد بالتالي في تعميق الشعور بالنفور من الاستشارة”، مشيرا إلى أن “المواطن سئم كلّ ماهو مواز ويشتغل بطريقة غير واضحة”.
واعتبر في هذا السياق أنّه من أسباب الاستبشار بلحظة 25 جويلية 2021، لدى عموم المواطنين، “هو الأمل في القطع مع كلّ ماهو مواز”.
من جهته قال مدير عام تكنولوجيات الإتصال، شوقي الشيحي، في تصريحات إعلامية، “من الجانب التقني تقبل الإستشارة مشاركة كافة التونسيين وعمليا تبقى حرية المشاركة رهينة إرادة المواطن”، مؤكدًا أنه “لا يمكن التلاعب بأرقام الإستشارة الوطنية، لأن آلية المشاركة فيها لا تتمّ إلاّ عبر المواطن”.
ويلاحظ من خلال الموقع الرسمي للاستشارة الوطنية، أن ولايات تونس وبن عروس وصفاقس تستأثر بنسب المشاركة الأعلى، في حين تأتي ولايات قبلي وتوزر وتطاوين في أسفل الترتيب. أما في الخارج فقد استأثرت فرنسا وكندا وألمانيا بنسب مشاركة هامّة نسبيا، في حين جاءت المملكة المتحدة وليبيا والدنمارك في أسفل الترتيب.
وتهدف الإستشارة الوطنية، حسب التقديم الوارد بالبوابة الإلكترونية الخاصة بها، إلى “إتاحة الفرصة لجميع التونسيات والتونسيين، سواء داخل حدود الوطن أو خارجه، للتعبير عن أرائهم ومتطلعاتهم بكل حرية وشفافية، لتدعم التحول الديمقراطي في تونس، وذلك وفق آلية غير تقليدية، في نهج تشاركي يتيح المفهوم المشترك لمستقبل تونس”.
كما تهدف إلى “جعل المواطن التونسي، فاعلاً حقيقياً في عملية تطوير مفاهيم جديدة للخيارات الأساسية المرتبطة بالنظام السياسي والإنتخابي والإجتماعي والإقتصادي والثقافي في تونس”.
وتتضمن هذه الاستشارة 6 محاور تتعلق بالشأن “الانتخابي والسياسي” و”الاقتصادي والمالي” و”الاجتماعي” و”التعليمي والثقافي” و”التنمية والانتقال الرقمي” و”الصحة”.
وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، أعلن يوم 13 ديسمبر 2021، عن “خارطة لإنهاء الإجراءات الاستثنائية”، التي انطلق العمل بها منذ يوم 25 جويلية 2021، تبدأ بتنظيم استشارة شعبية الكترونية، بخصوص الإصلاحات التي سيتم إقرارها على عدة مستويات، تُفضي نتائجها إلى إجراء استفتاء وطني لإدخال إصلاحات على الدستور يوم 25 جويلية 2022، وتنتهي بإجراء انتخابات تشريعية يوم 17 ديسمبر 2022.